بنك الملابس .. فكرة تجسدت بالإنصات لحاجة الاف المحتاجين

 أصغى مطلقو فكرة بنك الملابس لنداء حاجة الاف الفقراء، في تجسيد لمفهوم التضامن الاجتماعي ومأسسته، اذ تظهر الاحصاءات الرسمية ان السنوات الست الماضية من نشاط البنك شهدت توفير اكثر من خمسة ملايين قطعة ملابس لثمانمائة الف شخص.

وهي تتمتم بـ “أجره ولا هجره”، تقوم “سائدة” والاف المثابرات على التبرع لبنك الملابس عشية فصلي الشتاء والصيف بطقس “تعزيلة” الملابس المعروفة بـ”ضب الصيفي” و “طلع الشتوي”، ووضع الزائد منها في أكياس تنقلها الى أحد صناديق البنك الموجودة في مؤسسات رسمية وخاصة.

فكسوة المحتاجين فكرة إنسانية توخاها بنك الملابس التابع للهيئة الخيرية الهاشمية الأردنية، من خلال جمع الملابس المتبرع بها وتجهيزها كأنها جديدة ومن ثم عرضها في (صالة العرض) مثل أي مركز تسوق يقصده المحتاجون الاردنيون.

تقول مديرة البنك روان مساعدة: وزعنا (82) صندوقا لتبرعات الملابس، على عدد من “المولات” التجارية الرئيسية، ومراكز التسوق والمؤسسات، تعمل طوال أيام السنة، مثل سيتي مول وجاليريا مول وأفينيو مول والسيفوي والعديد من مراكز التسوق الكبرى، اضافة الى متحف الأطفال، ووزارتي الصحة والتعليم العالي ودائرة الإحصاءات العامة والبنك الأهلي والبنك العربي، ويتم جمع التبرعات يوميا.”

توضح مساعدة “فرق البنك تصل الى أي مواطن لا يتمكن من الوصول الى احد صناديقنا لاحضار التبرعات منه. فعند تلقي اتصالات من عائلات ترغب بالتبرع، تذهب جولة جمع التبرعات للمكان المحدد واستلامها، وإعطاء وصل للشخص المعني، اضافة لإعطاء وصولات لغرف المراقبة بمراكز الصناديق باستلام التبرعات منها.”

ويستطيع كل منتفع أن يستفيد من بنك الملابس مرة كل ستة اشهر، مع بدء موسمي الصيف والشتاء، اذ يصرف له في كل مرة (4) قطع من الملابس يختارها بنفسه، اضافة للأحذية ولعبة لكل طفل، ومجموعة اكسسوارات منزلية.”، حسب مديرة البنك.

وتقول مساعدة انه يتم اللجوء الى تنظيف الملابس وكيها، مشيرة الى وجود شراكة مع عدد من الفنادق الكبرى لتقوم بخدمة “دراي كلين” مجانا قبل عرضها في صالة العرض، كما ينسق البنك مع مشروع “أرزاق ” التابع للهيئة لرتق بعض القطع التي تستدعي حالتها.

وتوضح أن بعض الملابس التي لا تصلح للاستعمال أو هي ذات طبيعة خاصة فلا يتم توزيعها بناء على تصنيفات بنك الملابس، ولا يتم اتلافها، فهي وقفٌ أمّنهم عليه المتبرع، لتخضع لبرامج الاستدامة، عبر فرمها بآلة خاصة، وبيعها للتجار لاستخدامها في حشو المد العربي وكنب مجالس الحدائق، أو قصها وجدلها على شكل “بفَات” للجلوس، وبيعها للمؤسسات والمعارض، اما ريعها فيرصد لشراء ملابس جديدة للمحتاجين.” تتابع موضحة، ان طريقة عرض الملابس تُشعر المنتفع بالفرحة والاحترام، فلا يستطيع التفريق بين القطعة المستعملة والجديدة، فكل الملابس بعد تجهيزها يوضع عليها “تاغ” – بطاقة تعريفية – بمعلومات عنها وتصنيفها، تقدم لهم مجانا.

في صالة العرض الكائنة بمنطقة المحطة يحمل منتفعون سلالا، لانتقاء ما يناسبهم من المعروضات، فعلى وجه الطفل فارس كانت تظهر معالم الفرح بكسوة طال انتظارها. تقول أم عبد الله:” سعيدة جدا بمبادرة الخير هذه، التي تساعد المحتاجين في توفير ملابس بطريقة لائقة، كأننا في أي مركز تسوق، دون أن نشعر بالشفقة”. بينما يثني منصور على القائمين على هذا المشروع ويقدم شكره لهم، موضحا أنه يعاود التبرع بالقطعة التي يختارها اذا لم تناسبه عند ارتدائها.

يوجد صالتا عرض رئيسيتان لبنك الملابس: في عمان والكرك، تخدم أبناء المحافظة بالدرجة الأولى، ومحافظات الجنوب بالدرجة الثانية، ونحن نتطلع خلال السنوات القادمة لخدمة كل المحافظات. واشارت الى ان بعض المحتاجين لا يستطيعون الانتفاع من بنك الملابس، لصعوبة الوصول إليه، لذلك يتم التنسيق مع الجمعيات الخيرية المنتشرة في المملكة، لاستلام الملابس من البنك وتحديد يوم لصرفها للعائلات المحتاجة في المحافظات والقرى البعيدة، ويتم التحقق من قبل قسم المتابعة والتقييم، عبر الاتصال بالمنتفعين بشكل دوري ومعرفة مدى استفادتهم ورضاهم عن الملابس المرسلة لهم.

ويرتبط البنك بشراكات عدة مع مؤسسات وبنوك، تقدم دعما ماديا لبرامج مختلفة مثل “برنامج اليتيم” يجري خلاله استقبال الأيتام شهريا، وتوفير كساء جديد لكل منهم، مع لعبة وحذاء، وقرطاسية ووجبة صحية ولوازم أخرى.

وحسب مساعدة، ينفذ البنك برامج عدة مثل “معافى” للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، الذي يقدم الكسوة لهم في المستشفيات، وبرنامج “بركتنا” لكبار السن، و برنامج “خزانة العروس”، المخصص للمقبلين على الزواج من المحتاجين. ويطلق البنك مبادرات موسمية برعاية متبرعين مثل، مبادرة “صوبة وحرام” و” شرشف ومروحة”، و”جاكيت لكل طالب” في بداية فصل الشتاء، و”حقيبة مدرسية لكل طالب” في بداية السنة الدراسية، اضافة الى مبادرات تتزامن والمناسبات الوطنية والدينية.

الدكتور حمدي مراد قال ان الصدقة موازية للزكاة في قيمتها بالنسبة للفقراء، وربما أكثر لتعدد أساليب تقديمها حسب حاجياتهم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها مجتمعنا.

وأشاد بالجهات التي تجسد بابا من أبواب العمل الخيري بأسلوب راق يحفظ كرامة المحتاجين وعزة نفوسهم،
داعيا جميع الهيئات والجمعيات الخيرية حذو هذه التجارب.
(بترا – هبة العسعس)

 

زر الذهاب إلى الأعلى