عمّان ودمشق، بين شعرة معاوية والحبل المتين!
لا تبدو سوريا مستعجلة للعودة إلى الجامعة العربية، فهي تعتبر نفسها لم تخرج أصلاً، وهذا من حقّها، ففي الوقت الذي ظلّت الأمم المتحدة تعتبرها عضواً أصيلاً، قام النظام العربي المسيطر على الجامعة العربية بـ”تعليق” عضويتها منذ أكثر من ثمانية أعوام!
الأمور حينها كانت مرتبكة، وسادت نظرية عامة الأوساط السياسية والاعلامية مفادها أنّ أيام النظام السوري معدودة، ثمّ تطوّرت إلى أنّ أشهره معدودة، إلى أن وصلت إلى أنّ سنواته معدودة، وبين هذا وذاك كانت تغذية الحروب الأهلية هي العنوان، وليس سرّاً أنّ الكثير من الدول العربية والأوروبية والآسيوية كانت سعيدة بما يجري هناك، فقد تم تصدير الآلاف من الارهابيين، بحيث ارتاحت تلك الدول منهم إلى حين.
غير أنّ الأمور سارت إلى خواتيم مختلفة عن تلك التوقعات، فسوريا عادت إلى تماسكها بعد سنوات من الحروب الصغيرة والكبيرة وبالتأكيد بمساعدة استراتيجية من روسيا وإيران وحزب الله، وأكثر من ذلك، فما كان حلاً عند الآخرين صار مشكلة لهم، فعودة الارهابيين إلى بلادهم تعني قنبلة موقوتة لا يريدها أحد منهم.
عمّان ظلّت تمسك العصا من الوسط وحافظت على شعرة معاوية، فقد واصلت مراقبتها الأمور على الأرض عن كثب، وأبقت على سفارتها في دمشق، وبات معروفاً أنّها نسّقت أمنياً وعسكرياً مع الأجهزة والجيش السوري ضدّ الارهاب، وخصوصاً في المسائل الحدودية، ولم تخرج تصريحات مسؤوليها من الملك حتى آخر موظف في الخارجية: الأردن مع الحلّ السياسي.
في عمّان، كان رئيس مجلس الشورى السعودي يُرحّب بوجود رئيس مجلس الشعب السوري، في اجتماعات تُسجّل لمجلس نوابنا ورئيسه عاطف الطراونة الذي صار رئيساً للبرلمان العربي، ومن عمّان ودمشق كان الاتفاق على فتح الحدود التي لا تعني البلدين فحسب، بل عدة دول عربية وأوروبية، فالمبادرات الأردنية في هذا الشأن لم تعد تعكس شعرة، بل حبلاً متيناً يؤشر إلى المستقبل.
لا يمكن لعمّان أن تستغني عن دمشق، ولا يمكن لدمشق أن تستغني عن عمّآن، ولأنّنا على أبواب قمّة عربية نتمنى أن تتواصل المبادرات الأردنية، فتكون سوريا على جدول الأعمال، ومع أنّ دمشق لا تبدو مستعجلة للعودة إلى الجامعة العربية، فعلينا أن نُعلن أنّنا مستعجلون، وللحديث بقية…