تقرير صادم من الخرطوم.. 97% من الأسر في العاصمة السودانية يعانون من انعدام الأمن الغذائي

كشف تقييم جديد أجرته منظمتان دوليتان عن أوضاع سيئة في ولاية الخرطوم، أن 97% من الأسر تعاني انعداما في الأمن الغذائي يجبرها على اتخاذ تكيفات سلبية شملت عمالة الأطفال والزواج المبكر.
ونشرت منظمة “المساعدات الكنسية النرويجية” ومنظمة “الفرق الطبية الدولية”، الأربعاء، نتائج تقييم أجري في 70 مرفقا صحيا ومقابلات مع 1250 أسرة وملاحظات ميدانية ومجموعات نقاش.
وقال التقييم إن “97% من الأسر في الخرطوم تعاني من انعدام الأمن الغذائي، حيث بلغت السعرات الحرارية المتناولة 1800 سعرة في 74% من الأسر”.
وأوضح أن الأسر اضطرت إلى اتخاذ تكيفات شملت اقتراض الطعام واختصار الوجبات وعمالة الأطفال والتسول، مشيرا إلى أن 16% من الأسر لديها دخل ثابت، فيما تعتمد البقية على الأعمال اليومية غير المستقرة وبيع الممتلكات والتحويلات الخارجية والدعم الاجتماعي.
وأفاد بأن 35% من الأسر في الخرطوم تعيلها نساء.
وكشف التقييم عن ارتفاع زواج الأطفال من 9% قبل اندلاع الصراع إلى 24%، حيث يتم تزويج القاصرات لتخفيف العبء الاقتصادي، فيما أبلغت 17% أنهن مارسن الجنس مقابل المال أو الغذاء أو أشكال أخرى من المساعدة كآلية تَأقلم قسرية مرتبطة بانعدام الأمن الغذائي وغياب الدخل.
وأوضح التقييم أن 43% من المرافق الصحية تعمل من جملة 70 مرفقا، منها 13% تقدم خدمات تنويم و14% تجري ولادة آمنة.
وذكر التقرير أنه حتى سبتمبر 2025 يعمل أقل من 250 مركزا للرعاية الأولية في ولاية الخرطوم من أصل 600 مركز عامل قبل الحرب.
وأفاد بأن متوسط العاملين في كل مرفق صحي انخفض من 11.2 إلى 7.8 عامل، منهم 62% يعملون دون رواتب، كما أن التمويل الحكومي يغطي أقل من 10% من التكلفة التشغيلية للمرافق العاملة، حيث يأتي بقية التمويل من المتطوعين والمجتمعات المحلية.
وأشار إلى أن 70% من المرافق الصحية لا تحتوي على مضادات حيوية، كما تعاني 85% منها نقصا في أدوية الملاريا، فيما تملك 15% فقط تبريدا فعالا للقاحات التي بلغ معدل إتلافها 23%.
وبيّن التقييم أن 45% من المرافق لديها مصدر مياه، لكن 27% فقط تحصل على إمداد مستمر، حيث سجلت المرافق التي لا تملك مياه جارية معدلات عدوى بالكوليرا أعلى بـ 2.8 مرة.
ولفت أيضا إلى أن 80% من الأسر تستخدم مصدر مياه محسّن، لكن 48% من هذه المصادر ملوثة
ووفق المصدر ذاته يزداد الوضع سوءا في شرق النيل التي تعتمد 80% من الأسر فيها على مياه الآبار الضحلة غير المأمونة.
وذكر التقييم أن 18% من الأسر في الخرطوم تستخدم مراحيض محسّنة، فيما تمارس 31% التبرز في العراء حيث ترتفع هذه النسبة إلى 46% في أطراف أمبدة.
كما كشف عن انخفاض نسبة جمع النفايات من 68% قبل الحرب إلى 9% حاليا، مما أدى إلى انتشار الأوبئة والبعوض والتلوث.
وعاد إلى الخرطوم أكثر من مليون شخص من جملة 3.7 مليون غادروا منازلهم بعد اندلاع النزاع في أبريل 2023.
ووضع قرار العودة إلى الخرطوم المواطن السوداني في امتحان صعب فالقرار المصيري مرهون بالتحديات والعقبات الظاهرة للعيان والمخفية أيضا مما يجعل كلفة اتخاذه قاسية على المستويين المعنوي والمادي.
تحديات كبيرة
وتأتي عودة الحكومة إلى الخرطوم في ظل تحديات كبيرة بما في ذلك استمرار العمليات العسكرية، وتدهور الوضع الاقتصادي، ونزوح جماعي للسكان.
ويرى مراقبون أن أداء اللجنة المكلفة بتهيئة البيئة لعودة المواطنين والمؤسسات الحكومية إلى الخرطوم ما زال بطيئا، حيث عاد العديد من السودانيين إلى منازلهم لكن لم يجد أغلبهم الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، مما أجبرهم على العودة إلى الأماكن التي جاؤوا منها.
ويختلف المراقبون حول دوافع عودة الحكومة إلى الخرطوم، حيث يرى البعض أنها محاولة للكسب السياسي.
إلى ذلك، رفض رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الاثنين، أي مبادرة أو حل سياسي لا يتضمن تفكيك قوات “الدعم السريع” وتجريدها من السلاح.
وأفاد البرهان بأن الخيارات باتت محدودة وأن الحل من وجهة نظره واحد هو تفكيك “قوات الدعم السريع” رغم أن الأخيرة أعلنت عن هدنة مدتها 3 أشهر ووافقت على تشكيل آلية مراقبة دولية استجابة للجهود الدولية المبذولة.
هذا، واتهمت “قوات الدعم السريع” الجيش السوداني بخرق الهدنة الإنسانية التي أعلنت من جانبها في 24 نوفمبر ثمانية مرات، وقالت إنه واصل تنفيذ اعتداءات ممنهجة ضد مواقع قواتها وضد المدنيين في عدد من الولايات، باستخدام الطيران الحربي والطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة في انتهاك صريح لبنود الهدنة ولأحكام القانون الدولي الإنساني.
وأكد الناطق باسم الدعم السريع في بيان، الأربعاء، أن القوات التزمت بالهدنة، وامتنعت عن أي عمليات هجومية مع الاقتصار على الدفاع المشروع عن النفس عند الضرورة.
وقال الناطق إنه ورغم هذا الالتزام الواضح واصلت قوات الجيش تنفيذ اعتداءات ممنهجة ضد مواقع قواتهم.
وأضاف أنه وفقا للبيانات الميدانية والتقارير الرسمية تم توثيق 8 خروقات رئيسية خلال ستة أيام للفترة من 24 إلى 30 نوفمبر 2025.
وحملت “قوات الدعم السريع”، الجيش المسؤولية الكاملة عن قتل المدنيين، بينهم أطفال وطلاب وقصف المؤسسات التعليمية والمناطق السكنية وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية وتهديد السلم الأهلي وتوسيع دائرة العنف.
وأكدت أن هذا التصعيد يقوّض فرص السلام ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته.
ودعت “الدعم السريع” الآلية الرباعية (الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر) إلى اتخاذ خطوات فاعلة لوقف الاعتداءات وضمان احترام الهدنة.
كما طالبت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية بتوثيق الجرائم والانتهاكات، وخاصة مجزرة كُمو، وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، والضغط لفتح ممرات إنسانية آمنة، ودعم مسار سلام جاد يضع حداً لسلطة المجموعات المتطرفة داخل الجيش ويضمن حماية المدنيين.





