الأردن.. 3 تخصصات جديدة بنظام (بتيك)

تطرح وزارة التربية والتعليم 3 تخصصات جديدة ضمن برنامج مسار التعليم المهني التقني “BTEC” اعتبارا من العام الدراسي المقبل متمثلة برعاية الطفولة المبكرة، والرياضات والألعاب الإلكترونية، وهندسة الطيران، الأمر الذي يرى فيه خبراء تربويون ركائز تعليمية واقتصادية تعزز جاهزية المجتمعات للمستقبل، كونها تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتلبية احتياجات سوق العمل الديناميكي، وترسيخ مهارات القرن الـ21، فضلا عن بناء رأس مال بشري قادر على الإبداع والقيادة في العصر الرقمي، وذلك وفق ما نشرته يومية الغد.

وبيّن هؤلاء الخبراء في أحاديث منفصلة لـ”الغد”، أن هذه التخصصات تحقق تطوراً شاملاً في كفاءات الطلبة، من خلال ترسيخ التفكير العلمي والتحليلي، وتعزيز الابتكار والخيال التقني، وتطوير مهارات العمل التعاوني والتواصل المهني.
وأوضحوا أن رؤية وزارة التربية والتعليم في توسيع هذا المسار تمثل خطوة صحيحة ومهمة نحو تعليم عصري يواكب المستقبل، لافتين إلى أن التعليم المهني لم يعد مسارا بديلاً اليوم، بل أصبح ركيزة أساسية لبناء مستقبل الدول الحديثة.
وكان مستشار وزير التربية والتعليم لشؤون التعليم المهني التقني/ مدير ادارة التعليم المهني بالوكالة إبراهيم الرماضنة، كشف خلال ندوة عقدها منتدى التواصل الحكومي مؤخرا بعنوان “التربية والتعليم.. إنجازات وتطوير”، عن طرح 3 تخصصات جديدة، ضمن المسار المهني والتقني (BTEC)، اعتبارا من العام الدراسي المقبل تتمثل بـ”هندسة الطيران والألعاب والرياضات الإلكترونية وتخصص الطفولة المبكرة”.
تحولات تتطلب التحديث
وفي هذا السياق، أكدت الخبيرة التربوية حنان العمري، أن العالم يشهد تحولات عميقة في بنية الاقتصاد والمجتمع نتيجة الثورة الصناعية الرابعة وتسارع التطور التكنولوجي، ويُعد التعليم المهني والتقني مساراً إستراتيجياً للاستجابة لهذه التحولات، من خلال توفير تخصصات نوعية مرتبطة مباشرة بحاجات سوق العمل المحلي والعالمي، ومتطلبات التعليم في القرن الـ21 وأهداف التنمية المستدامة.
وبينت العمري أن تخصصات رعاية الطفولة المبكرة، وهندسة الطيران، والألعاب الإلكترونية، تمثل نماذج محورية لهذه المجالات، لما تمتلكه من تأثير علمي واقتصادي واجتماعي.
وأوضحت أن الطفولة المبكرة مرحلة جوهرية للنمو العقلي والمعرفي والانفعالي والاجتماعي، إذ تتشكل خلالها اللبنات الأساسية للذكاء واللغة والهوية والسلوك، لافتة إلى أن المتخصصين في هذا المجال يسهمون في تعزيز النمو المعرفي واللغوي، وتطوير قدرات التفكير المبكر وحل المشكلات، وتنمية المهارات الاجتماعية والتواصل، فضلا عن دعم الرفاه النفسي للطفل.
وبينت أن هذا التخصص يشارك في الكشف المبكر عن صعوبات التعلم واضطرابات النمو، وتقديم تدخلات تربوية علاجية تحسن فرص النجاح التعليمي مستقبلاً، مشيرة إلى أنه ينعكس مباشرة على جودة الحياة ودعم المشاركة الاقتصادية للمرأة من خلال توفير خدمات حضانة مهنية وآمنة.
كما رأت العمري أن تخصص رعاية الطفولة المبكرة يمثل أداة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف الرابع المتعلق بالتعليم الجيد، والهدف الثالث الخاص بالصحة، إضافة إلى تعزيز العدالة التعليمية وبناء رأس مال بشري قوي ومستدام.
وقالت إن تخصص هندسة الطيران يسهم في رفع كفاءة النقل الجوي ودعم الاقتصاد الوطني، إضافة إلى توسيع السوق الوظيفية في مجالات الصيانة، وتصميم المحركات، والتصنيع الجوي، لافتة إلى أنه يتوافق مع متطلبات القرن الـ21 التي تركز على STEM، كما يخدم أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالصناعة والابتكار والبنية التحتية، ويعزز تنافسية الدول في الاقتصاد العالمي.
وأضافت إن صناعة الألعاب الإلكترونية أصبحت مجالاً اقتصادياً وثقافياً متنامياً يستند إلى التكنولوجيا الرقمية والإبداع الفني، إذ يوفر هذا التخصص فرص عمل في تصميم الألعاب، والبرمجة، والرسوم المتحركة، والواقع الافتراضي، والتقنيات التفاعلية.
كما يساهم هذا المجال، بحسب العمري، في تطوير حلول تعليمية وتدريبية قائمة على المحاكاة، إلى جانب دعمه لاقتصاد المعرفة وريادة الأعمال التقنية، لافتة إلى أنه يتماشى مع توجهات السوق العالمي الذي يحتاج إلى مهارات رقمية متقدمة قادرة على إنتاج محتوى ترفيهي وتعليمي مبتكر، بما يعزز التحول الرقمي وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
ونوهت بأن هذه التخصصات تحقق تطوراً شاملاً في كفاءات الطلبة من خلال ترسيخ التفكير العلمي والتحليلي، وتعزيز الابتكار والخيال التقني، وتطوير مهارات العمل التعاوني والتواصل المهني، وغرس المرونة الذهنية والقدرة على التكيف، إضافة إلى تنمية الثقافة الرقمية والتعلم الذاتي المستمر.
وبينت العمري أن هذه التخصصات الجديدة تمثل ركائز تعليمية واقتصادية تعزز جاهزية المجتمعات للمستقبل، إذ تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتلبية احتياجات سوق العمل الديناميكي، وترسيخ مهارات القرن الـ21، وبناء رأس مال بشري قادر على الإبداع والقيادة في العصر الرقمي.
واعتبرت أن الاستثمار في هذه التخصصات، ضمن مسار التعليم المهني والتقني، هو استثمار في مستقبل تنافسي مزدهر يدعم جودة الحياة، ويعزز الابتكار، ويقوي ويعزز موقع الدولة في الاقتصاد العالمي.
فتح آفاق للشباب
بدوره، رأى الخبير التربوي فيصل تايه أن الوزارة تتجه نحو التوسع في المسار المهني والتقني في مدارس المملكة، من خلال استحداث تخصصات جديدة ضمن برنامج (BTEC)، بهدف تزويد الطلبة بالمهارات العملية والمعرفة التطبيقية التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل الحديث.
وأضاف تايه إن هذه الخطوة تمثل جزءا من إستراتيجية شاملة لتعزيز التعليم المهني والتقني، وفتح آفاق أوسع أمام الشباب لاكتساب المهارات التي تمكنهم من مواجهة تحديات المستقبل والمساهمة الفاعلة في التنمية الوطنية.
وبين أنه وفي إطار التحول النوعي الذي تشهده الوزارة نحو تعليم يرتبط بالحياة والعمل والإنتاج، تأتي خطوة استحداث تخصصات جديدة ضمن المسار المهني التقني، بوصفها ترجمة عملية لرؤية وطنية تسعى لبناء إنسان يمتلك المهارة والمعرفة معا، إذ إن هذا التوجه الإستراتيجي يعكس وعيا عميقا بأن التنمية المستدامة لا يمكن أن تقوم على التعليم التقليدي وحده، بل على تعليم قادر على صناعة التغيير وإعداد المواطن المنتج والمبدع.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي منسجمة مع تطبيق برنامج (BTEC) الذي يُعد أحد أبرز النماذج التعليمية الحديثة في العالم، إذ يعتمد على التعلم القائم على المشاريع والممارسة والتقويم الواقعي المستمر، ويركز على تمكين الطلبة من امتلاك مهارات التفكير العملي، والابتكار، والعمل ضمن فرق، والتواصل الفعّال.
واعتبر تايه أن هذا التوجه لا يكتفي بنقل المعرفة، بل يبني الكفاءة، ويحول المدرسة إلى مختبر للحياة، حيث يتعلم الطالب كيف يفكر ويعمل ويحل المشكلات ويبدع حلولا، فهذا النهج يسهم في تكوين شخصية الطالب الواثقة بقدراتها، والمتمكنة من مهارات القرن الـ21، مثل التفكير النقدي، والتواصل، والابتكار، والعمل الجماعي.
وأوضح أن التوسع في التعليم المهني والتقني يعكس توجه الدولة نحو اقتصاد وطني قائم على القيمة المضافة والمعرفة والإنتاج، ويدعم طموح الشباب في الانخراط في مجالات حديثة ومتطورة تمكنهم من المساهمة الفعلية في نهضة الوطن.
ولفت إلى إن التعليم المهني اليوم لم يعد مسارا بديلاً، بل أصبح ركيزة أساسية لبناء مستقبل الدول الحديثة، لأنه يجمع بين الفكر والعمل، والنظرية والتطبيق، والطموح والمهارة، منوها بأن رؤية وزارة التربية والتعليم في توسيع هذا المسار تمثل خطوة صحيحة ومهمة نحو تعليم عصري يواكب المستقبل.
استجابة لرؤية التحديث
من جانبه، قال الخبير التربوي عايش النوايسة إن تطوير التعليم المهني في المملكة جاء استجابة للتوجهات الملكية في مشروع التحديث الاقتصادي.
وبين النوايسة أن تطبيق نظام “BTEC” في المدارس بدأ منذ العام الدراسي 2023/ 2024، وشمل ستة تخصصات رئيسة آنذاك، واستمر التوسع إلى أن وصل عدد التخصصات المطروحة الآن 12 تخصصا.
وراى أن إضافة تخصصات جديدة اعتبارا من العام الدراسي المقبل تعد استجابة حيوية لاحتياجات سوق العمل المستقبلية ودعمًا لرؤية التحديث الاقتصادي.
وأوضح أن تخصص الطفولة المبكرة يرفع من جودة الرعاية والتعليم الأساس للأطفال، ويسد الفجوة في الكوادر المؤهلة في هذا القطاع الحيوي، أما هندسة الطيران فتهدف إلى بناء قدرات وطنية متخصصة تخدم قطاع الطيران المتنامي محليًا وإقليميًا وتجذب الاستثمار، وبشكل خاص في ظل تطور استخدام طائرات الدرون في الحياة المدنية.
واعتبر أن تخصص الألعاب الإلكترونية يمثل خطوة نحو اقتصاد المعرفة، حيث يزود الشباب بالمهارات الرقمية والإبداعية العالية المطلوبة في واحدة من أسرع الصناعات نموًا عالميًا، ما يفتح آفاقاً وظيفية جديدة ومواكبة للتحول الرقمي، لافتا إلى أن هذه التخصصات مجتمعة تجعل التعليم المهني أكثر مرونة، ونوعية، وربطًا بمتطلبات المستقبل.
وأكد أن النجاح الذي تحقق في التخصصات السابقة شجع الوزراة على المضي قدما في تطوير البرنامج من خلال ربطه ومواءمته مع سوق العمل، إذ يمتاز نظام “BTEC” بتطوير مهارات التعلم الذاتي وتحسين الكفايات المطلوبة لسوق العمل، إضافةً إلى تعزيز التعلم القائم على الكفايات وتوفير ساعات تطبيقية أكبر.
وأشار إلى أن هذا النظام يعتمد على التقييم من خلال الإنجازات والمهام، ما يُعِدّ الطلاب لمهن المستقبل، ويساعدهم في تطوير مهاراتهم العملية والعلمية والشخصية لمواكبة متطلبات سوق العمل.
ولفت النوايسة إلى أن هذا النظام يسهم في تحسين جودة التعليم التقني والمهني، ويحقق رؤية الوزارة في رفع نسبة الالتحاق بالتعليم المهني والتقني إلى 50 %، إذ إن نظام “BTEC” هو برنامج تقني مهني يركز على تطبيق المشاريع من خلال المواد الدراسية والواجبات العملية، ويدمج بين الجانبين النظري والعملي، مع تركيز أكبر على التطبيقات العملية في تقييم أداء الطلبة، لافتا إلى أن هذا النظام يمنح الطلبة شهادة تؤهلهم لدخول سوق العمل أو متابعة الدراسة في الكليات والجامعات.

زر الذهاب إلى الأعلى