شو بدك تدرس/ي؟

السؤال الأكثر شيوعا في هذا الأثناء محليا، «شو بدك تدرس/ي؟» بعد الإعلان عن نتائج الثانوية العامة، لنجد أنفسنا ندور بذات فلك الإجابات، لدراسة تخصصات مشبعة، سيزيد عدد العاطلين عن العمل بها أضعافا عند دراستها، لكن للأسف رغم تعدد الإرشادات والمعلومات التي تحدد التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، إلاّ أن العين ما زالت تتجه نحو تخصصات بعينها دون غيرها.
موضوع التخصصات الراكدة والمشبعة، وحاجة سوق العمل لتخصصات دون الأخرى، جدلية سنوية بعد الإعلان عن نتائج الثانوية العامة، لنعود ونستمع لذات النصائح وذات الكلمات، والجُمل، بالابتعاد عن تخصصات مشبعة، واللجوء للتخصصات التي يحتاجها سوق العمل، حرصا على مستقبل «الدارس» فمن غير المنطق أن يلجأ الشاب أو الشابة لدراسة تخصص «ما» المصنف « مشبع «، وبعد تخرجه لا يحقق شيئا سوى زيادة بصفوف البطالة، وللأسف أن هذه الإشكالية تكرر ذاتها سنويا وكأن ما يُحكى بهذا الشأن كجُمل تكتب على رمال متحركة!!!
اليوم، وقد تم الإعلان عن نتائج الثانوية العامة، وتضمن بطبيعة الحال الإعلان ككل عام عن أعداد الحاصلين على المعدلات، تعلو الأصوات التي تنادي باختيار التخصص المناسب، والذي يضمن وجود وظيفة في سوق العمل بعد تخرج «دارسه»، وحقيقة ربما نحتاج لمزيد من الوسائل التي توجه عين واهتمام الطلبة وذويهم لتخصصات حديثة يحتاجها سوق العمل، ونحتاج لوسائل اقناع ولغة يثق بها الطلبة بأن الابتعاد عن التخصصات التقليدية بات خطوة إيجابية لمستقبله، وليس العكس، سيما وأن منها ما تعاني من نسب بطالة عالية، ذلك أن الرسالة يُمكن أن تصدح لكن ليس بالضرورة أن تكون مؤثرة، بالتالي يجب اتباع وسائل أكثر تأثيرا ومن كافة الجهات ذات العلاقة لتصل إلى مسامع وأفكار وعقول الطلبة وذويهم.
عند تعبئة طلب القبول الموحد بالجامعات، على الطالب أن ينظر إلى واقع الحال بدائرة أوسع من اسم التخصص فحسب، وأن يفكّر جيدا بما بعد الجامعة، وسوق العمل، وهل سيجد وظيفة ملائمة، لسنوات مضت من عمره وهو يجالس الكتاب والأبحاث، ليمضي في درب العمل بعد ذلك، وهذا لن يتحقق دون معرفة التخصص الذي يحتاجه سوق العمل، والابتعاد عن التخصصات التي أشبعت في سوق العمل، وحقيقة يجب أن يتم الوصول إلى وسائل وأدوات أكثر قناعة حتى تصل للطلبة، وأن تخرج هذه الجدلية من دائرتها المفرغة التي ينتهي الحديث بها من حيث يبدأ، دون نتائج على أرض الواقع بشكل ملموس!!!
لا يمكن إغفال إجراءات نفّذتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لغايات تخفيف نسب القبول في تخصصات مشبعة، وسعيها للحد من البطالة بهذه التخصصات، لكن تكرار الإشكاليات، يحتاج مزيدا من الإجراءات والدراسات، وربما يحتاج ثقافة تتجذر بضرورة توجيه بوصلة التعليم لتخصصات مطلوبة، وإقناع الطلبة بها، بقرار منهم وليس مضطرين التزاما بتعليمات محددة، فأن يلجأ الطالب عن قناعة الى اختيار ما يناسبه، طوعا لا اجبارا، حتما سيكون الابداع والتميز أبرز مخرجات الجامعات، ويمكن لتحقيق ذلك وهو بالمناسبة يجب أن يتحقق، يجب أن تشترك بذلك كافة الجهات المعنية في التعليم وأعني التعليم بدءا من المدرسة في صفوفها الصغيرة، ومن العمل، والجهات المعنية اقتصاديا واجتماعيا وشعبيا، حتى نحقق نجاحا بهذا الأمر لا يعيدنا سنويا للمربع الأول في جدلية التخصصات الراكدة والمشبعة والمطلوبة.
“الدستور”