ضمن جرش الـ39 .. “أنا كارمن” عندما تتحول خشبة مسرح المونودراما إلى مرآة نسوية صادقة

اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش

ضمن فعاليات مهرجان المونودراما المسرحي لعام 2025، الذي يُقام تحت مظلة الدورة الـ39 من مهرجان جرش للثقافة والفنون، شهد مسرح الشمس في العبدلي عرضًا مميزًا للمونودراما المصرية “أنا كارمن”، وذلك مُمثلة لمصر خارج إطار المسابقة الرسمية.
العرض من تأليف وسينوغرافيا وإخراج وتمثيل الفنانة المصرية سماء إبراهيم، التي عادت إلى جمهورها بعد سنوات من النجاح لتحتفي بمرور 16 عامًا على أول عرض للمسرحية عام 2009.
ومنذ انطلاقها، جابت “أنا كارمن” عدداً من المهرجانات والمحافل الدولية، محققة صدى نقديًا وجماهيريًا واسعًا، وفازت بجوائز عدة، من بينها جائزة أفضل عرض في مهرجان المونودراما بالجزائر، وجائزة أفضل ممثلة في ملتقى القاهرة الدولي للمونودراما، إضافة إلى جائزة أفضل تمثيل بمهرجان أربيل الدولي عام 2019.
واستمر العرض لمدة ستين دقيقة، قُدم خلالها برؤية معاصرة مستوحاة من الأوبرا العالمية الشهيرة “كارمن” للموسيقار جورج بيزيه، ولكن من منظور نسوي مغاير. أعادت سماء إبراهيم تشكيل شخصية “كارمن” لتخرج بها من قيد النمطية، وتجسد امرأة متعددة الطبقات النفسية، تتأرجح بين القوة والضعف، وبين الحلم والصدام، ضمن سرد درامي يمتزج فيه الأداء المسرحي بالغناء والرقص والتعبير الجسدي والموسيقى.
وقد تميز العرض ببساطة التكوين المسرحي، حيث اعتمد على أداء منفرد (مونودراما) لسماء إبراهيم، جمعت فيه بين الغناء والعزف الحي والأداء التمثيلي، مستثمرة طاقتها الجسدية العالية ونبرتها الصوتية المتغيرة ببراعة. وقد بدا واضحًا تنقلها السلس بين الشخصيات والحالات الشعورية المختلفة دون أي انقطاع في الإيقاع، مما منح العرض توترًا دراميًا حيًا ولامعًا.
المسرحية من إنتاج فرقة “إيماء السماء” المستقلة، وشارك في تصميمها الصوتي والموسيقي الفنان الراحل أيمن الخياط، مؤسس الفرقة، بينما تولّى التوزيع الموسيقي الدكتور محمد حسني، وصمّمت الأزياء رشيدة علي. وقدمت المسرحية مزيجًا لافتًا بين المقطوعات الموسيقية العالمية ومؤلفات الفنان أيمن الخياط، ما أضفى على العرض عمقًا فنيًا وجماليًا إضافيًا.
وقد عبّر الجمهور عن تفاعله الكبير مع العرض، الذي حمل طابعًا غنائيًا استعراضيًا ذا نَفَس كوميدي إنساني، ناقش من خلاله قضايا الحرية والهوية والمرأة والحب.
يُذكر أن مسرحية “أنا كارمن” سبق أن عُرضت على مسرح المركز الثقافي الملكي في الأردن قبل نحو 15 عامًا، وها هي تعود من جديد إلى الجمهور الأردني، بذات الشغف وعمق الرسالة، مؤكدة أن الصوت النسوي حين يُمنح مساحة حرة للتعبير، يتحول إلى مرآة تعكس الواقع كما هو، بلا أقنعة.

زر الذهاب إلى الأعلى