مهرجان جرش… حين يتكلّم الحجر وتتنفّس الحضارة

ليس في جرش ما يُشبه المهرجانات العادية. فهنا لا تُضاء الأنوار فقط، بل تُضاء الذاكرة. في هذا المكان الذي صاغته الحضارات، يُولد المهرجان كل عام كإعلان حيّ بأن الثقافة ليست ترفًا، بل نبض وطن وروح أمة.جرش ليس منصّة عروض… بل منصة وعي. هو مساحة تلتقي فيها الموسيقى بالشعر، والفلكلور بالفكر، والتراث بالحوار، ليصنع معًا مشهدًا ثقافيًا غنيًا يعكس هوية الأردن العميقة، ويقدّم للعالم نموذجًا فريدًا للاحتفاء بالأصالة دون أن يتجمّد في الماضي.إنه مهرجان يفكّر كما يطرب، يُحفّز العقل كما يُشعل المشاعر. ولذلك لا يكتفي بالترفيه، بل يحمل في داخله سمة فكرية ومعرفية، عبر ندوات وقراءات وعروض تُعيد للثقافة هيبتها وللفن رسالته.وتأتي إدارته الواعية لتثبت أن الحفاظ على جوهر المهرجان لا يكون بالمحاكاة أو الاستنساخ، بل بالإيمان بأن جرش هو مشروع حضاري، لا مجرد موسم صيفي. هو استثمار في الذاكرة، وفي صورة الأردن كما يحب أن يراها العالم: أصيل، مثقّف، نابض بالحياة.في جرش، لا يُصفّق الناس فقط للفن، بل يصفّقون لأنفسهم… لأنهم ما زالوا يعرفون كيف يقدّمون للعالم مهرجانًا يشبههم، لا يشبه سواه.