كيف يمكن للأردن تحسين بيئة الاستثمار وتهيئة بيئة أكثر جذبا للاستثمار، خاصة بعد لقاء جلال الملك الأخير بمجموعة من المستثمرين العرب والأجانب وتأكيده على هذا الأمر
بقلم: الدكتور محمد أبو حمور
كيف يمكن للأردن تحسين بيئة الاستثمار وتهيئة بيئة أكثر جذبا للاستثمار، خاصة بعد لقاء جلال الملك الأخير بمجموعة من المستثمرين العرب والأجانب وتأكيده على هذا الأمر …
يعتبر الاستثمار أحد أهم أولويات السياسة الاقتصادية في المملكة وقد بذل جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله جهوداً كبيرة في مجال تسويق الأردن استثمارياً وأكد على أهمية موضوع الاستثمار وضرورة ايلائه ما يستحقه من اهتمام وقد تكللت هذه الجهود والتوجيهات في وضع الأردن على الخارطة الاستثمارية العالمية وقامت العديد من الشركات المرموقة بفتح فروع ومكاتب لها في المملكة، وكذلك قامت الحكومات المتعاقبة بجهود في هذا المجال، ونحن اليوم في الأردن نفخر بتوفر اطار تشريعي يتمثل في قانون الاستثمار والتشريعات الأخرى مثل قانون الشركات وغيرها، كما يتمتع الأردن بمزايا متعددة تؤهله ليشكل مركزاً مرموقاً للأعمال والاستثمار وبوابة موثوقة لولوج الأسواق الإقليمية والعالمية، وبالرغم من كل هذه المزايا الا انه يجب ان لا نتجاهل العديد من المعيقات والتحديات التي تواجه المستثمرين ورجال الاعمال الأردنيون منهم والأجانب ولغايات تحسين البيئة الاستثمارية والنهوض بقدرة الأردن على جذب الاستثمارات وتحويله الى وجهة جاذبة للاستثمار لا بد من السعي الى الاستفادة من المتغيرات العالمية ومواكبتها لخدمة الاقتصاد الوطني، في عالم يشهد تنافساً كبيراً في جذب الاستثمارات وتوطينها، فلا مناص من استخدام قدراتنا وامكانياتنا البشرية والمادية في هذه الاتجاه، وأن ندرك بان واجب الحكومة وأجهزتها التنفيذية العمل على تنفيذ التشريعات الملائمة والمحفزة للاستثمار بأسلوب فعال والعمل على تحسين الإجراءات الإدارية وتعزيز الشفافية وسيادة القانون بما يحسن بيئة الاعمال، ومن الضروري أيضاً إعادة التفكير في استراتيجيات الاستثمار بحيث يمنح القطاع الخاص دوراً يمكنه من العمل بحرية أكبر وبشراكة كاملة وتناغم مع القطاع العام، خاصة وان القطاع الخاص لديه العديد من المزايا التي قد لا تتوفر للقطاع العام بما فيها تلك المتعلقة بإدارة الاستثمارات وابرام الاتفاقيات وتسويق الفرص الاستثمارية عبر شبكة من العلاقات التجارية والشخصية، ولا شك بان ما تشهده المملكة من جهود في مجال الإصلاح الشامل يعد مقوماً اساسياً في تحسين البيئة الاستثمارية وجذب مزيد من الاستثمارات، فالاستثمار يعد مكوناً رئيسياً وركناً اساسياً في رؤية التحديث الاقتصادي ويضم ست عشرة مبادرة تهدف لتحفيز الاستثمار المحلي وجذب الاستثمارات الخارجية وتحسين بيئة الاعمال وبما يضاهي أفضل الممارسات العالمية، ونظراً للأهمية الخاصة للاستثمار فهو يستحق بل ويستلزم أن تتكاتف جهود القطاعين العام والخاص لتكريس متطلباته على أرض الواقع.
كيف يمكن للمستثمرين العرب والأجانب تعزيز استثماراتهم في الأردن والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة.
بداية لا بد من الإشارة الى أن الأردن يتميز بموقع جغرافي استراتيجي وقد استطاع أن يتغلب على محدودية حجم السوق المحلي من خلال الانضمام للعديد من الاتفاقيات التجارية الدولية والإقليمية والعالمية، وأصبح بإمكان المنتج الأردني ان يصل الى المستهلكين في كبرى الأسواق العالمية، وتتميز المملكة بالأمن والاستقرار في إقليم يعج بالاضطرابات ما يؤهلها لكي تشكل بوابة للمنتجات والاعمال التي ترغب بالاستفادة من الفرص المتاحة في الإقليم بما في ذلك عمليات إعادة البناء، كما أن المملكة تتوفر لديها المتطلبات الأساسية اللازمة لإقامة مشاريع واستثمارات ناجحة تدر عائداً مناسباً، وهذا يشمل البنية التحتية المتطورة والقوى العاملة المؤهلة وجهود تعزيز سيادة القانون والقضاء النزيه والعادل والحوافز الاستثمارية المتعددة كل ذلك يشكل أساسا صلباً لجذب الاستثمارات وتحفيزها.
ولعله من المفيد التذكير بأن البلدان العربية لديها إمكانيات كامنة كبيرة لتطوير استثماراتها البينية التي لا زالت دون المستوى المأمول، والمستثمر العربي لديه ميزة فهم الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحلية ما يؤهله ليشكل جزءً أصيلاً من الشريحة الاستثمارية القادرة على إقامة المشاريع ذات العائد الاقتصادي المناسب مع إمكانيات التوسع، وهنا لا بد من الإشارة الى أن الجهات الأردنية المسؤولة عن الاستثمار قد عملت خلال السنوات الأخيرة على تطوير منهجيات عملها وقامت بعرض العديد من الفرص الاستثمارية عبر الاليات المتاحة في مختلف محافظات المملكة مع توفير دراسات جدوى أولية لها أضافة الى توفير خدمات تسهل على المستثمرين استكمال إجراءات إقامة المشاريع.
في ظل التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، ما هي توقعاتكم لآفاق الاستثمار خلال لفترة المقبلة..
وفي ظل الظروف والتطورات الحالية التي يصعب التنبؤ بنتائجها واثارها المستقبلية، من المهم أن نعمل أولاً على تعزيز المنعة الاقتصادية والقدرة على مواجهة أي تحديات قد تواجه الاقتصاد الوطني حاضراً ومستقبلاً، وخاصة على المسارات الأشد الحاحاً والتي تؤدي دوراً اساسياً وفاعلاً في التأثير على التنمية الاقتصادية ومن أهمها الاستثمار باعتباره ركيزة لبناء الاقتصاد ومحركاً أساسياً في توليد فرص العمل والنهوض بالمجتمع وتحقيق طموحاته المعيشية والتنموية، وفي هذا السياق من المهم أن نلاحظ بأن الظروف الإقليمية تؤثر على الآفاق الاستثمارية، الا أن الأردن لديه إمكانية لتحويل هذه التحديات الى فرص خاصة اذا استطعنا استثمار ما تتمتع به المملكة من أمن واستقرار وما يمكن أن تقوم به الاستثمارات المتوطنة في الأردن من دور هام في الإقليم خلال الفترات الزمنية القادمة، وهذا يحتم مواصلة العمل على تحسين البيئة الاستثمارية والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات في مختلف المسارات الإدارية والاقتصادية.
كيف يمكن للقطاعين العام والخاص التعاون بهدف تسويق الفرص الاستثمارية
القطاع الخاص هو المكون الأساسي في مختلف الأنشطة الاقتصادية، وهو يؤدي دوراً محورياً ليس فقط في تعزيز الاستثمار المحلي وتوسيعه بل أيضاً في المساعدة على جذب الاستثمارات الخارجية، لذلك من المهم العمل على رفع مستوى التنسيق مع القطاع الخاص والحرص على مساعدته في التغلب على المعيقات المختلفة بما فيها المظاهر البيروقراطية وارتفاع بعض كلف الإنتاج وكذلك توفير المتطلبات التي تتيح له القيام بالدور المنوط به في تحفيز وجذب الاستثمارات وبناء الشراكات الفاعلة، ولأن القطاع الخاص هو من ينهض بالعبء الأساسي في توفير الاستثمارات فمن الضروري توفر قنوات اتصال فعالة ودائمة مع المستثمرين، ووضع خارطة استثمارية يتم ترويج مشاريعها وفق أسس مدعمة بدراسات موثوقة، ومن المؤكد أن القطاع الخاص قادر على القيام بدور فاعل لجذب وتحفيز الاستثمارات وتوضيح فرص ومزايا الاستثمار في المشاريع المختلفة عبر قدراته الفنية والإدارية ومشاركاته في مختلف المحافل الدولية، ولا بد أيضاً من الإشارة الى أن مشاريع الشراكة تحتل أهمية خاصة مما يستلزم عملاً دؤوباً لترسيخ الشراكة الحقيقة والفاعلة بين القطاعين العام والخاص، مع ملاحظة أن الشراكة والتنسيق تستدعي قيام القطاع الخاص بتحسين أدائه ورفع انتاجيته وقدرته التنافسية، مع مواصلة العمل لإنشاء إطار فعال للتنسيق مع القطاع الخاص وللتعريف بما تم إنجازه من إصلاحات مع تكثيف الجهود في مجال الترويج القادر على الوصول للجهات المستهدفة والسير قدماً في تحديث القطاع العام.
ما هو دور الجهات المسؤولة في اعادة النظر بكلف الانتاج وتقديم المزيد من الحوافز لتعزيز فرص الاستثمار
جذب وتحفيز الاستثمار يتطلب خطوات عملية وجهود مخلصة لطرح الحلول المناسبة التي تضمن مواجهة أي عقبات أو تحديات تواجه بيئة الاعمال، وهناك دور أساسي منوط بالجهات الرسمية بمختلف توجهاتها بحيث يشمل ذلك الإصلاحات المتعلقة بالتشريعات والإجراءات وتحسين بيئة الاعمال ومحاربة الفساد والحرص على الشفافية والحوكمة الرشيدة وتعزيز الثقة والمساءلة ورفع كفاءة القطاع العام عبر الحد من الإجراءات البيروقراطية المعقدة والعمل على تبسيطها.
ومن المهم أن نتمتع بنظرة شمولية للتعامل مع مختلف المعيقات الاستثمارية بما في ذلك الظروف الإقليمية المحيطة وأثرها على قدرة السلع الأردنية على الانسياب الى تلك الأسواق او من خلالها، أو الأثر على التزود بالمواد الأولية والمواد الخام، هذا بالإضافة الى موضوع كلف الإنتاج بما في ذلك الطاقة والايدي العاملة واشتراكات الضمان الاجتماعي، وكلف النقل والتمويل، ورغم الجهود التي بذلت خلال الفترات الماضية لتذليل هذه الصعوبات الا ان الحاجة لا زالت قائمة لمزيد من العمل في هذا السياق.