الانتخابات وتعزيز المنعة الاقتصادية

بقلم د. محمد أبو حمور

تنتهي يوم غد الخميس الموافق للأول من شهر آب 2024 الفترة المحددة للترشح للانتخابات النيابية المقررة في العاشر من أيلول 2024 ، وقد أكد جلالة الملك حفظه الله أن ” الانتخابات النيابية المقبلة محطة مهمة في عملية التحديث السياسي، وتحتاج إلى جهود ومشاركة الجميع، وهي تشكل بداية لمرحلة جديدة من العمل الحزبي والبرلماني”.

والأردن ليس الدولة الوحيدة التي تجري فيها انتخابات، فعلى مستوى العالم فقد شهد هذا العام أو سوف يشهد 64 عملية انتخاب  في دول تمثل أكثر من 60% من الناتج الاقتصادي العالمي، لذا فهي تحمل في طياتها آثاراً اقتصادية وازنة نظراً لارتباط كثير من السياسات والإجراءات الاقتصادية المستقبلية بما تتضمنه برامج الأحزاب الفائزة في الانتخابات.

وعلى المستوى المحلي من الواضح أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين التحديث السياسي وما تمثله هذه الانتخابات من خطوة هامة بهذا الاتجاه وبين الجهود التي تبذل لتحديث القطاع العام ولتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي، وكل انجاز في احدى هذه المجالات يمثل ركيزة ودافعاً لتحقيق إنجازات إضافية في المجالات الأخرى.

وعلى صعيد مجلس الامة الذي يمثل جانباً من التحديث السياسي فهو يؤدي أيضاً عدداً من المهام والوظائف التي تؤثر بشكل مباشر على مجمل الأداء الاقتصادي وبيئة الاعمال، فالوظيفة التشريعية هي الأساس الضامن لاستقرار التشريعات وتحديثها وتطويرها بما يتوافق مع المستجدات وبما يحسن بيئة الاعمال ويساهم في تحفيز وجذب الاستثمارات.

كما أن الوظيفة الرقابية تشكل ركيزة لترسيخ حكم القانون وتعزيز الشفافية ومراقبة الأداء بما يحقق الأهداف ويعالج الانحرافات، ويتوقع من المجلس النيابي القادم أن يمثل بيت خبرة لاقتراح السياسات المناسبة التي تخدم نمو وازدهار الاقتصاد الوطني وتساعد في تجاوز المصاعب خاصة تلك المتعلقة بارتفاع نسبة البطالة وارتفاع نسب المديونية وتراكم اعبائها، وسوف يتضح ذلك بصورة جلية خلال مناقشات موازنة العام المقبل 2025 والتي ستشكل أول اختبار حقيقي لأداء المجلس النيابي وتبين مدى قدرته على التعامل مع المتطلبات التي تفرضها المرحلة الراهنة.

كما سوف يدلل على مدى مهنية أعضاء المجلس المستقلون منهم والحزبيون وسعيهم للاستفادة من الخبرات الفنية والمهنية القادرة على تحليل وتمحيص البيانات المالية واثارها الاقتصادية والاجتماعية ومدى مساهمتها في التأثير الإيجابي على البيئة الاقتصادية.

يشكل الهم الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطنين أحد أهم مكونات الدعاية الانتخابية والبرامج الحزبية التي ستتم المباشرة بها خلال الأيام القادمة، وهذا الامر يساعد في رفع مستوى الوعي بين المواطنين حول سبل التعامل مع المصاعب الاقتصادية، كما أنه قد يشير الى جوانب هامة ينبغي معالجتها أو ان يقترح أساليب وأفكار مستحدثة للتعامل مع الصعوبات المزمنة التي تواجه الاقتصاد الأردني، مما قد يوفر بدائل مناسبة لتحقيق إنجازات واستحداث مبادرات تساهم في تحسين الأداء وتوجيه الانفاق نحو الأولويات، ويحفز مبادرات الشباب وينهض بالمشاريع الريادية.

يساهم الحراك الانتخابي في مراحله المختلفة بتنشيط بعض القطاعات الاقتصادية، كما قد يوفر بعض فرص العمل المؤقتة، وبالرغم من هذا الأثر الإيجابي الا انه لا يمكن التعويل عليه طويلاً، ويبقى الرهان الأساسي مشاركة الموطنين في العرس الانتخابي لضمان وصول الأفضل والاجدر لتعزيز أداء المجلس النيابي المنتخب وجهوده الهادفة الى زيادة منعة الاقتصاد الوطني والحفاظ على ما تحقق من إنجازات والبناء عليها، بما في ذلك تعزيز التعاون والتنسيق مع السلطة التنفيذية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والقدرة على المساهمة في اجتراح الحلول وترسيخ قيم المساءلة والمحاسبة والنزاهة والتي بدورها تساهم في تحقيق العدالة وترسخ ثقة المواطن في أداء من يمثله، وتضمن قيام كل جهة بالدور المطلوب منها على أكمل وجه.

زر الذهاب إلى الأعلى