عكاظ ومجنة وذي المجاز أسواق العرب الشهيرة قبل الحج
لم يكن اجتماع العرب في الحج منذ أذان أبيهم إبراهيم في الحج قبل نحو 5 آلاف عام مجرد مناسبة دينية بل كان منارة ثقافية تجارية أثّرت في ثقافة الكثير من العرب، إذ حفظوا عبره الأشعار والخطب من مشاهير العرب في مختلف الأوقات.
وما تزال خطب عكاظ وسجالاتها الشعرية محفوظة لدى العرب كذلك في مناسبة تجارية ثقافية عبر ثلاثة أسواق شهيرة في التاريخ يردها العرب قبل الحج، إذ تمارس فيها التجارة وجلب البضائع من مختلف البقاع كما اشتهر عكاظ بأنها سوق ثقافي أكثر من كونه تجاريا.
ومنذ الجاهلية قبل نحو 1700 عام والعرب تعتاد بدء حجها في سوق عكاظ ومن بعده مجنة وقبيل الحج يختمونه بسوق ذي المجاز قبل أن يدخلوا بيت الله الحرام منذ أن نادى إبراهيم للحج قبل نحو 5 آلاف عام.
بحسب الترتيب فإن العرب تبدأ بسوق عكاظ الواقع شمال شرقي الطائف قبل الحج في أول شهر ذي القعدة وهو أطول الأسواق وقتاً، ففيه يمكث العرب نحو 20 يوماً يتاجرون وينشدون الأشعار والخطب والمسابقات في الشعر وكذلك سباقات الهجن.
وتشير السير النبوية إلى أن الرسول قد شهد عكاظ إبان إشرافه على تجارة سيدة قريش الأولى خديجة في أول ممارسة تجارية له صلى الله عليه وسلم.
وينطلق العرب نحو سوق مجنة بعد سوق عكاظ في العشرة الأيام الأخيرة من ذي القعدة، ويقع شمال مكة في موقع مر الظهران “الجموم”، ويعد سوق مجنة أهم الظواهر الحضارية التي تقيمها العرب إلى جانب عكاظ، وتقدم خدمات ومتطلبات الحج للعرب القادمين من كل فج وصوب ويقصده الحجاج والتجار وقبائل العرب.
وارتاد النبي محمد سوق مجنة بغرض عرض دعوته على القبائل بعد البعثة حيث لم يمارس التجارة فيها كما في عكاظ إذ تفرغ للدعوة بعد نزول الوحي.
وتقضي العرب في سوق مجنة عشرة أيام المتبقية من ذي القعدة حتى دخول شهر الحج، ثم يسيرون إلى ذي المجاز فيقضون فيه الأيام الثمانية من ذي الحجة ليسيروا إلى حجهم في اليوم التاسع من ذي الحجة، حيث يعتبرون موسم الحج وما قبله موسماً تجارياً ثقافياً بالإضافة لممارسة طقوس العبادة في مكة المكرمة.
ويعد سوق ذي المجاز الواقع شرق مكة 21 كلم آخر نشاط العرب التجاري والثقافي قبيل الحج وهو سوق لقبيلة هذيل وكانت العرب تقيم فيه حتى يبدأ حجهم ليدخلوا مكة بعد أن تاجروا وسمعوا الشعر والثقافة بكافة مجالاتها.
وفي صدر الإسلام ظلت سوق مجنة باقية فترة زمنية ثم آلت إلى الإهمال وعدم الإقبال وانصرف العرب عنها إلى أسواق أخرى حيث لم يعد لها أثر في التجارة والثقافة حيث انتهت الأسواق الثلاثة عكاظ ومجنة وذي المجاز في عام 129 للهجرة حيث استبدلها الحجاج بالأسواق الدائمة في مكة والمشاعر المقدسة حتى اليوم.