الدكتور مصطفى العفوري: نظام “التوجيهي” الجديد سيُسجّل “مُنجزاً تاريخياً”
خاص ل”كرم الإخبارية” – حاورتهُ : بثينه تيم السراحين
شخص القطب التربوي الأبرز الدكتور “مصطفى العفوري” الزيادة الهائلة في أعداد المدارس الأهلية بكونها “إنتكاسة” تودي لتأزيم مأزقها المالي المزمن؛ وما يعقبُهُ حتماً من تخليق حالة تدني في مستوى بعض خدماتها؛ حسبهُ.
ويجزم العفوري بأنّ ” التعليم الخاص لا يُزاحم نظيره الرسمي لكون نسبة كبيرة منه يعتمد البرامج التعليمية الأجنبية؛ ولنحو (150) ألف طالب وطالبة”. لافتاً إلى أنّ ” مرونة القرارات في التعليم الخاص وشمولية مظلة (الضمان الإجتماعي) لكافة المعلمين أفضت لفرز حالة (تمايز) لدى المعلم الأهلي عن نظيرهُ الرسمي”. وفق تأكيده.
ونوّه مدير عام مدارس النظم الحديثة إلى مواكبته والقائمين عليها لكافة متطلبات التحديث والتطوير في برامجها التعليمية. مبيناً أنّ ” البرنامج الوطني لدينا عززناه مؤخراً بكتب إثرائية في اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم. في ما لم نزل نختار أفضل الكتب والأكثر ملاءمة للإعتمادية الدولية على نطاق برامجنا التعليمية الأجنبية”.
.. وتالياً تفاصيل الحوار:
*كيف تقرؤون نتائج الثانوية العامة لهذا العام؟ وهل تعكس النتائج تفاوتاً في نوعية التعليم ما بين المدارس الحكومية والخاصة؟
– النتائج طبيعية كالمعتاد؛ وبغض النظر عن الإرتفاع الطفيف في نسب النجاح إلا أنها نتائج طبيعية وتعكس غالباً المستوى الحقيقي لمعظم الطلبة.
كما أن الفروقات ما بين نتاجات التعليم الخاص والتعليم الحكومي ما زالت تراوح مكانها. وبالتأكيد هنالك فروقات – وإن كانت طفيفة في المجمل – وذلك لأسباب تتعلق بكون بعض المدارس الخاصة تقدم تعليماً متميزاً ونوعياً؛ والحال ذاته ينسحب على بعض المدارس الحكومية التي تلتزم تعليماً ريادياً. وهذا هو الوضع الطبيعي الذي لا يعكس أية صورة مختلة للنظام التعليمي في بلدنا.
*وإلى أي حد تسهم الوسائط التعليمية التكنولوجية وكذلك الإستعدادات والحوافز الذاتية للطلبة في تقليص الفجوة ما بين نتاجات القطاع التعليمي الرسمي ونظيره الخاص؟
– اليوم صار الطالب في المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء؛ يحظى بفرص إضافية للتعلم من خلال إلتحاقه بمنصات تعليمية متعددة ومتنوعة. والطالب في المرحلة الثانوية أصبح بمقدوره – إذا ما توفرت لديه الرغبة والعزيمة – بأن يحظى بأي مستوى تعليم هو بحاجة له وبغض النظر عن الجغرافيا التي ينتمي إليها من البادية أو الحضر أو الريف؛ غير أنّ هذه الفئة تظلُّ ضئيلة، ذلك أنّ التعليم الوجاهي هو الأساس والمصدر الرئيس للتعليم.
*الأولى على المملكة في “التوجيهي” كانت من مدرسة حكومية.. ما تعقيبكم على ذلك خاصة وأنّ هذه الطالبة تلقت “إسناداً تعليمياً من قبل مدرستكم “النظم الحديثة”؟
– بالإضافة إلى إعتمادها على معلماتها ومدرستها ” سكينة بنت الحسين” التي تعتبر من المدارس الحكومية المتميزة؛ إلا أنّ الطالبة الأولى على المملكة في الإمتحان الوزاري الأخير حالها كالكثير من الأوائل في ذات الإمتحان كان لهم مصادر تعليمية “داعمة” في المواد التعليمية الرئيسية.
*ما هو تفسيركم لإنخفاض نسبة الطلبة الحاصلين على معدل 90% فما فوق في الفرع العلمي لهذا العام؛ وبنسبة تقريبية 20% قياساً بالعام الماضي؟
– هذا هو الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون؛ والذي لم يؤثر على العلامات المرتفعة جداَ. وطبيعة الإمتحانات لهذا العام كان من الواضح جداً أنّ المتميزين للغاية سيحافظوا على تميزهم، والطلبة الذين مستواهم جيد جداً بقيوا في أماكنهم ولم يدخلوا في منطقة ال 90% فما فوق.
*في كل عام يكون طلبتكم ضمن لوائح الشرف للأوائل على مستوى المملكة.. بم تعلق على ذلك؟ وكيف تحافظون على الريادة والتميز سنة وراء سنة؟
– ثبات الكادر التعليمي وتحسين أدائه المستمر والعناية بالطلبة في المراحل الأساسية وإمتدادها إلى المرحلة الثانوية هي عوامل تقود بمجملها إلى الحفاظ على وتيرة الأداء وجودة المنتج التعليمي لدينا.
*ما رأيك في النظام الجديد لإمتحان الثانوية العامة الذي يمتد على مدار سنتين؛ وتقسيم التخصصات إلى أكاديمي ومهني منذ الصف العاشر؟
– هذا كان يجب أن يحدث على الأقل قبل عشر سنوات، وإذا ما صدرت تعليمات لتطبيق هذا النظام تراعي الواقع الميداني للمدارس والطلبة وللتخصصات الجامعية سيُسجل هذا كإنجاز تاريخي.
*كيف تقيم كفاءة المعلم الأردني؟ وهل هناك تفاوت ما بين مستويات المعلمين في القطاعين العام والخاص؟
-نتيجة مرونة القرار في القطاع الخاص وكون جميع المعلمين في القطاعين الخاص والعام يخضعون لمظلة “الضمان الإجتماعي”؛ فإنّ إستقطاب المعلمين من أصحاب الإنجاز وذوي الكفاءة العالية في القطاع الحكومي يؤدي إلى تميز المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص عنهم في القطاع الحكومي.
*هل تعتقد بأن زيادة عدد المدارس الخاصة وإستيعابها لنسبة كبيرة من الطلبة مؤشر على خلل وقصور حكومي في مجال التعليم؟ أم أنه أمرٌ طبيعي
-يوجد لدينا (3800) مؤسسة تعليمية خاصة ما بين رياض أطفال ومدارس، وهو أمر طبيعي إذا ما نظرنا إلى عدد الطلبة الإجمالي البالغ مليون و(800) ألف طالب؛ منهم قرابة ثُلث هذا العدد (بواقع 600 ألف طالب) ملتحقون بالتعليم الخاص. ولا ننسى بأن جزءاً كبيراً منهم يتعلم في مدارس تعتمد الأنظمة التعليمية الأجنبية؛ وهي مدارس لا تنافس التعليم الحكومي من أصله. وللعلم فإن التعليم وفق البرامج الأجنبية يحتل (25%) من إجمالي القطاع التعليمي الأهلي؛ وبواقع (150) ألف طالب يدرسون المناهج الدولية.
*برأيك هل تؤشر نسبة الهجرة البينيّة ما بين المدارس الحكومية والخاصة للسنة الدراسية الحالية إلى خلل ما؟ وماذا عن تأزيمها للواقع المالي للقطاع التعليمي الخاص؟
– نسبة الهجرة البينيّة ما بين القطاعين العام والخاص تُعدُّ طبيعية؛ وبإعتقادي أنها في هذا العام متقاربة جداً، وهي لا تعكس أي خلل؛ خاصة وأنّ من ينتقلون من المدارس الخاصة لنظيرتها الحكومية هم ممن تجبرهم ظروفهم المالية على ذلك.
وأما بخصوص الضائقة المالية للقطاع التعليمي الخاص فهي ما زالت مستمرة؛ وهو يعاني من مأزق مالي سببه أن عدد المداس الأهلية زاد زيادة كبيرة جداً؛ في حين أنّ عدد الطلبة ما يزال يراوح مكانه، وبالتالي إشتدت المنافسة ما بين المدارس الخاصة.
وما سبق لا يعكس إنتعاشة في التعليم الخاص بل إنتكاسة، وهو مؤشر غير صحي انعكس على قيمة الرسوم المدرسية وبالتالي سيؤثر على مستوى بعض خدماتها.
*ما تعقيبك على التوجة الحكومي لجهة دمج وزارتيّ “التربية والتعليم” و”التعليم العالي”؟ وتطلعها لتغيير مسمى وزارة التربية والتعليم إلى وزارة التربية وتنمية الموارد؛ وأثر ذلك على جودة التعليم برمته؟
– السؤال الهام هنا هو: هل تغيير الإسم سيرافقه تغيير مهام ومسؤوليات جذرية؟، وهل ستتخلى الوزارة عن دورها المحوري في ضبط قطاع التعليم وتطويره؟. وبغض النظر عن الإرتباط الوظيفي ما بين التسميتين؛ هل من مهمّة وزارة التربية والتعليم العمل على تنمية الموارد البشرية؟.
وأما بالنسبة لقطاع التعليم العالي؛ فلا أعتقد بأننا بحاجة لوزارة له؛ بل نحن بحاجة إلى مؤسستين؛ الأولى مؤسسة إعتماد الجامعات والتي تُعنى بالرقابة المباشرة على إعتماد الجامعات محلياً ودولياً وكذلك الرقابة على الأداء. والثانية مؤسسة إعتماد الشهادات الجامعية المحلية والدولية.
وعموماً فإنّ الدمج ما بين الوزارتين لا يهدف إلا إلى تقليص عدد الوزراء ولن يؤثر على الكوادر الوظيفية؛ وهذا ما يسمونه بالترشيق الحكومي.
*كيف يتم إختيار المعلمين والموظفين في مدارسكم “النظم الحديثة”؟ وما هي الخصائص التي تشترطونها فيهم؟
– آلية الإختيار عادة ما تتم بعد دراسة الطلبات المقدمة وفرزها، وإذا كان المعلم المرشح للوظيفة من ذوي الخبرة يقوم بتقديم حصص يُقيّم من خلالها؛ وعلى ضوء التقييم يتم الإختيار. وفي حال لم يكن لدى المتقدم للوظيفة خبرة يتم تدريبه لمدة أسبوعين في المدرسة ثم يقدم حصة نموذجية ليُصار إلى تقييمه؛ إذ نحن نوظف من ليس لديهم خبرة أيضاً، ولدينا على سبيل المثال معلمين إلتحقوا بالعمل لدينا فور تخرجهم من الجامعات وهم اليوم متزوجون ولديهم أبناء باتوا من ضمن طلبة مدرستنا حالياً.
وعموماً؛ فإنّ الأمان الوظيفي لدينا نسبته عالية؛ بدليل أن نحو (60%) إلى (70%) من موظفينا اليوم هم من ضمن الكادر التأسيسي لمدرستنا قبل ثمانية عشر عاماً. وهذا مؤشر واضح على أجواء العمل لدينا؛ والتي يغلب عليها الطابع العائلي والإنتماء اللامحدود من قبل موظفينا لمدرستنا؛ لدرجة أنّ أحدهم تلقى عرضاً مؤخراً للعمل بضعف راتبه لدينا في مؤسسة تعليمية أخرى إلا أنه رفض هذا العرض وآثر البقاء معنا.
*ما هي المناهج التعليمية التي تعتمدونها في مدارسكم” النظم الحديثة”؟ وكيف تواكبون تطور المناهج محلياً ودولياً؟
– نحن دائماً نعمد إلى الإرتقاء في خدماتنا التعليمية؛ فعلى صعيد البرنامج الوطني فقد أضفنا له كتباً إثرائية في اللغة الإنجليزية والرياضات والعلوم. وفي البرامج الأجنبية قمنا يإختيار المناهج الملائمة وفق جهات الإعتماد وبأفضل أنواع الكتب.
*ما آليات تقييمكم في “مدارس النظم” لمدى تقدم وتطور الطلبة لديكم؟
– بصورة رئيسية لدينا المراقبة الذاتية من قبل المعلمين وجهات الإشراف لجهة ملاحظة مدى تقدم أو تحسن الطالب، وكذلك رصد العلامات عبر الإختبارات التقييمية.
ونحن نمتاز بثبات الكوادر التعليمية لدينا وبالتالي هُم من ذوي الخبرات التراكمية والمقدرة الفائقة على رصد أداء الطلبة وتقييم مستوياتهم؛ وصولاً إلى الوقوف على مكامن الخلل والمتطلبات اللازمة لتطوير وصقل مهاراتهم التعليمية خلال العام الدراسي.
*ماذا عن دور التكنولوجيا في عملية التعليم في مدارسكم ومدى تكاملها مع المناهج الدراسية؟
– نحن نشترط في توظيفنا لأي معلم جديد الخبرة المسبقة في التعامل مع التقنيات الحديثة سواءَ أكانت تجهيزات أو برمجيات. وفي المقابل نواصل بدورنا عمليات تأهيل وتدريب الموظفين العاملين لدينا على كل ما هو مُستجدَ في هذا المجال.
*ألديكم أية خطط لتوسعة نطاقات عمل مدارسكم؟ أو إضافة أية برامج تعليمية جديدة إليها؟
– حالياً نكتفي بما لدينا ونواصل السعي لجهة تجويد خدماتنا التعليمية على صعيديّ البرنامجين الوطني والأمريكي. وإهتمامنا اليوم ينصبُّ على بلورة وتطوير النتاجات في البرنامجين.