لماذا يُقدم الآباء على قتل أبنائهم؟

دائماً ما يترك مشهد موتِ طفل على يد أحد والديه سؤالاً لدى الجمهور: “لماذا؟”

لطالما جذب خبر قتل طفلٍ انتباه الآخرين؛ لأنه من أكثر الجرائم التي لا يمكن تصورها أو حتى استساغتها.

فعندما تحدث جريمة قتل على يد الشخص الأكثر توقعاً لحماية طفله من أبسطها أذية، يتعاظم الذهول والارتعاب في نفوس الآخرين.

“الدوافع لن تنكشف، الجرائم لن تتوقف”

أجرى أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة كييس ويسترن ريزيرف، الدكتور فيليبس ريسنيك، مقابلات مع آباء وأمهات بولاية اوهايو الأميركية اعترفوا بقتل أطفالهم.

كما أدلى بشهادته في قضايا بارزة، كمحاكمة أندريا ييتس عام 2001، والتي اعترفت بإغراق أطفالها الخمسة.

عام 1969، قام ريسنيك، ولأول مرة، بنشر مراجعات نفسية لجرائم قتلٍ كان مرتكبوها أحد الوالدين، حيث أقرّ حينها “أنه حتى عقود من الدراسة لسيكولوجية الأهالي القتلة لم ولن تُطلعك على المغزى الحقيقي وراء سلبهم حياة أطفالهم”.

كما يرى ريسنيك “أن الدوافع لن تتضح وأن الجرائم لن تتوقف عن الحدوث أبداً”.

بالنسبة لريسنيك، يمكن تصنيف الأهالي القتلة إلى 5 فئات:

– أحد الوالدين يعاني من نوبة ذهانية حادة.

– قتل الطفل بسبب الإهمال أو التمادي بالضرب.
– أحد الوالدين يرغب بقتل طفل غير مرغوب فيه، خاصةً في حالات الحمل خارج إطار الزواج.

– أحد الوالدين يتصرف بدافع الانتقام من الشريك/ة، الشريك/ة السابق/ة.
– قتل الطفل اعتقاداً أن الموت من مصلحته، وأنه خلاص له من الشر والبلاء.

وفقاً لهذه الفئات، فإن أكثر أسباب القتل شيوعاً هي الضرب المبرح المفضي لموت الطفل، وهي الفئة الوحيدة التي من المحتمل ألا تكون فيها وفاة الطفل هدفاً للوالدين.

في عام 2017، كشفت دراسة أن حوالي 80% من الحالات التي يقتل فيها أحد الوالدين طفلاً يقل عمره عن عام تندرج تحت هذه الفئة.

عام 2015، اعترفت تاناسيا ميليجان، وهي أم من ولاية ديلاوير الأميركية، بجريمة قتل نفذتها بحق طفلتها التي لم تتجاوز 4 أعوام، حيث زعمت ميليجان أن ضربها لطفلتها بدأ كنوع من الضرب التأديبي، حتى وجهت إليها تهمة القتل العمد لابنتها بعد وفاتها متأثرةً بإصابتها.

في السياق ذاته، يرى ريسنيك أن الدافع الأقل شيوعاً لإقدام أحد الوالدين على قتل أطفاله هو الانتقام من الشريك.

وحدث ذلك عندما جَرُؤ أب أميركي على قتل ابنتيه التوأم، ليطلق النار على زوجته أيضاً قبل أن يقدم على الانتحار.

حيث تحدث هذه الجرائم في أغلب الأحيان في حالة الخيانة الزوجية أو نشوب معارك للحصول على حضانة الأطفال، وفقاً لريسنيك.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد ريسنيك “أن نوبة ذهانية حادة ناتجة عن الفصام أو اكتئاب مابعد الولادة، كفيلة بأن تسلب حياة الطفل أيضاً”.

وبالمثل، قد لايكون الطفل، وخاصة الرضيع، مرغوباً فيه، فيختار أحد الوالدين إنهاء حياته.

“القتل بدافع الحب”

في عام 1969، استخدم لأول مرة تعبير (القتل بدافع الحب، بدلاً من القتل بدافع الكراهية) حيث يعتقد أحد الوالدين أن أطفالهما سيعانون مستقبلاً من مصير تَعس قد يفوق الموت سوءا، ليقرروا تخليصهم باكراً من العذاب.

فبالنسبة لهم، سيكون الموت هو البديل الأفضل لأطفالهم عن حياةٍ نقيصة.

في صباح يوم 20 يونيو 2001، أغرقت أندريا ييتس أطفالها الخمسة في حوض الاستحمام الخاص بالعائلة، حيث كانت ييتس مقتنعة بأنها وأطفالها “متجهون إلى الجحيم” إن واصلوا العيش.

أصبحت أندريا، التي يغذيها ذهانها على تعاليمٍ دينية متطرفة، تعتقد أن الطريقة الوحيدة لإنقاذ أطفالها ومنع الشيطان من العودة إلى الأرض هي قتلهم ومن ثم إعدامها بسبب ارتكابها الجريمة.

كما كانت أندريا مقتنعة، أن النساء اللواتي يعانين في حياتهن من اضطرابات نفسية وظروف معيشية معدمة، هنّ نساء مشتقات من الخطيئة يرتبط أصلهن بالجحيم، وسينتهي بهن المطاف (هن وأبنائهن) محترقين في الجحيم.

بعد أن ألقت الشرطة القبض على أندريا ييتس، أخبرت الطبيب النفسي، الدكتور فيليب ريسنيك، أن أطفالها «لن يكبروا ليكونوا صالحين».

وأضافت: اعتقدت أن قتلي لأطفالي قبل أن يصبحوا آثمين سينقذهم من الجحيم، وأن إعدامي لقتلهم فقط هو الذي سيهزم الشيطان على الأرض. (وكالات)

زر الذهاب إلى الأعلى