الخوف على أمن البيانات الشخصية “يكبح” توسع التجارة الإلكترونية
رغم حبها وإقبالها الشديدين على التسوق الإلكتروني، كون البضائع أقل سعرا، إلا أن الأربعينية رولا سليمان تفضل التأني عند دفع الثمن مسبقا لأن الأمر يتعلق بمشاركة المعلومات.
وتفضل رولا أن تدفع ثمن البضاعة عند الاستلام -بدلا من الدفع الالكتروني الذي يتطلب مشاركة بعض المعلومات الشخصية- خشية أن يؤدي ذلك إلى مشاركة بياناتها، ما يضاعف فرص احتمال تعرضها للقرصنة.
وتقول رولا (42 عاما) التي تعمل موظفة في القطاع الخاص، إنها عندما ترى ملابس مناسبة وجميلة وذات سعر معتدل على المواقع الإلكترونية لا تتردد بالشراء، ولكن عند الوصول لعملية الدفع وطلب كتابة البيانات الشخصية والمعلومات المصرفية تتوقف وتعيد النظر في عملية الشراء.
وتضيف أنها تفضل المواقع التي توفر خدمة الدفع عند الاستلام، رغم أن ذلك يزيد من السعر بنحو 5 دنانير على الدفع بالبطاقة المصرفية إلكترونيا.
وبدورها، تشارك ملك السعيد المخاوف ذاتها حول مشاركة بياناتها المصرفية خلال مواقع التسوق الإلكتروني، إلا أنها وجدت حلا مناسبا لذلك بإنشاء محفظة إلكترونية معتمدة من البنك المركزي الأردني، لإتمام عملية الدفع والشراء.
وتبين السعيد أنها إذا رغبت في شراء منتجات من أحد المواقع الإلكترونية تقوم بتغذية محفظتها الإلكترونية بالقيمة نفسها المطلوبة من الموقع ليقوم بسحبها من البطاقة المرتبطة بالمحفظة الإلكترونية، وبذلك تزول مخاوف سحب مبالغ أخرى من رصيدها.
وتوضح أنها سمعت عن تجارب أشخاص قاموا بالشراء الإلكتروني وشاركوا بيانات بطاقتهم المصرفية ولكنهم عانوا من عمليات سحب لأرصدتهم، وعند مراجعة البنك اكتشفوا وجود (الهكرز) أو (مخترقي البيانات) الذين يحاولون الدخول لمواقع التسوق الإلكتروني لكسب الأموال وسرقة البيانات.
وبدوره، يقول مدير أمن المعلومات والأمن السيبراني في البنك المركزي مجدي السميرات “إن التسوق الإلكتروني أبعاده كثيرة والثقافة لدى المشتري مهمة جدا في هذا الموضوع”.
ويلفت السميرات إلى أن تلك الثقافة ازدادت في العامين الأخيرين وتحديدا مع جائحة كورونا وحاجة الناس لإنشاء حسابات بنكية والشراء الإلكتروني والدفع من خلال “إي فواتيركم”.
وأظهرت آخر البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي أن عدد الفواتير المسددة عبر نظام استعراض وتسديد الفواتير إلكترونيا “إي فواتيركم” زاد بنسبة 36 %، خلال الشهر الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضحت البيانات أنه تم تسديد 3.4 مليون فاتورة أثمانا لخدمات ومنتجات متنوعة في مختلف القطاعات: الكهرباء والمياه والاتصالات والخدمات الحكومية وغيرها.
وبحسب بيانات البنك المركزي، ومع تسجيل هذا العدد من الفواتير المسددة عبر “اي فواتيركم”، تكون قد زادت بمقدار 900 ألف فاتورة، وبنسبة 36 %، وذلك لدى المقارنة بعدد الفواتير المسددة خلال الشهر نفسه من العام الماضي حيث بلغ عددها في ذلك الوقت 2.5 مليون فاتورة.
ويبين السميرات أن المخاوف من مشاركة البيانات المصرفية موجودة لدى العديد من الأشخاص نتيجة ما يسمى بالهجمات الالكترونية أو “الهكرز”، ولكن هناك بعض الحلول لذلك، منها الشراء من مواقع موثوقة.
ويضيف أن المخاوف لدى الناس مبررة، ولكن هناك مواقع للتسوق الإلكتروني توفر الحماية لزبائنها وبنت ثقة عالية معهم لكي تحافظ على سمعتها واستمرار التسوق من خلالها.
والحل الثاني، وفق السميرات، هو استخدام البطاقات المرتبطة بالمحافظ الإلكترونية، بحيث تتم عملية الشراء والدفع بالمبلغ المتوفر في البطاقة المشحونة من المحفظة.
يشار إلى أن عدد مقدمي خدمات الدفع بواسطة الهاتف النقال يبلغ 5 شركات.
ويشير السميرات إلى أن البنوك المحلية توفر بطاقات مخصصة للشراء الإلكتروني يتم شحنها من الحساب المصرفي للشخص الذي يرغب بالشراء من المواقع، بحيث يقوم بشحن البطاقة من رصيده بقيمة المبلغ المطلوب فقط.
ويلفت السميرات إلى وجود وحدة في البنك المركزي تستقبل شكاوى المواطنين في حال تعرضهم لأي مشكلة في عملية التجارة الإلكترونية مع أرصدتهم في البنوك.
ويبين أن الأردن أصبح يتطور في مجال التجارة الإلكترونية، ولكن ليس بحجم الدول الأخرى، وخاصة التي يتوفر لديها تطبيق “بي بال”، والتعامل بالعملة الرقمية.
واعتبرت دراسة حديثة أن التجارة الإلكترونية تشكل فرصة مهمة لمعالجة بعض التحديات الرئيسية التي يواجهها الاقتصاد الأردني، لا سيما بعد جائحة كورونا.
غير أن الدراسة، التي حملت عنوان “تقييم جاهزية التجارة الإلكترونية في الأردن”، أكدت أن نظام التمويل الحالي في المملكة لا يوفر الدعم الذي تحتاجه الشركات الناشئة لتأسيس التجارة الإلكترونية وتنميتها والانخراط فيها.الغد