“مالك حداد” : النقل السياحي يُعايش سنواتٍ (عِجاف) تستوجب إستمرارية (إستدامة) حتى نهاية 2022م
كرم الإخبارية – حاورتهُ : بثينه السراحين
بشّر رئيس مجلس إدارة الإتحاد العربي للنقل البري المهندس “مالك حداد” بتبلور شبه (تجمّع) إقتصادي عربي؛ متمنياً أن تبرز نواتهُ على صعيد قطاعات النقل والتجارة البينيّة وإعادة إعمار الدول المتضررة، والتي يراها آزفة وممكنة بدلالة تفاهمات مشتركة وإتفاقيات جارية لتزويد “لبنان” بالغاز والكهرباء بجهود رباعية عربية.
و”حداد” الذي يطمح لتحقيق وحدة جمركية عربية، أشاد بالإنفتاح الذي شهده غربيّ الوطن العربي وشرقه وذلك على نطاق فتح حدودهما أمام الركاب؛ وتحديداً ما بين دولتيّ الأردن ومصر. في حين شدد على ضرورة مواكبة هذا التعاون العربي بجُملةٍ من الإجراءات التي من شأنها تفعيل أواصر الوحدة الاقتصادية العربية على صعيد قطاع النقل، وفي مقدمتها التخفيضات الجمركية.
وفي حديثٍ خصّ به ” وكالة كرم الإخبارية” أسهب وزير النقل الأسبق، والمدير العام لشركة النقليات السياحية الأردنية (جت) في تناول وتحليل تداعيات جائحة “كورونا” على قطاع النقل المحلي. غير غافلٍ عن تقديم مقترحاته وإستثمار خبراته التراكمية كقطب سياحي بارز لجهة وضع تصوّرات مواتية للخروج من هذه الأزمة، وأبرزها ضرورة الإستمرارية في تطبيق برنامج (إستدامة) حتى نهاية عام 2022م.
.. وتالياً نص الحوار:
*بوصفك رئيساً لمجلس إدارة الإتحاد العربي للنقل البريّ، ما الأثر الذي خلفته جائحة (كورونا) على قطاعكم؟ وماذا عن تدابيركم للتصدي لهذه الأزمة؟
الإتحاد العربي للنقل البري منظمة عربية تابعة للجامعة العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وجائحة “كورونا” أثرت على العالم كله، وتأثيرها على المنطقة العربية كان كبيراً، خاصة في موضوع النقل البري (بضائع/ ركاب)، ومع أن نقل البضائع تأثرعلى نحو أقل من نقل الركاب، إلا أننا لمسنا أثراً كبيراً للجائحة على صعيد أجور الشحن البري ونقل البضائع؛ الأمر الذي إنعكس على المواطن بإرتفاعٍ طرأ على قيمة السلع التي يستهلكها.
والإتحاد العربي للنقل البري وضع خطة عمل – من خلال مجلس الوزراء العربي الذي إنعقد مؤخراً في القاهرة – وذلك للخروج من أزمة “كورونا”. حيث ضمّناها عدة مقترحات، من بينها التخفيضات الجمركية، وإعتماد نظام موحّد لكافة الحدود والمعابر؛ وبما يسهل عملية النقل؛ وخاصة نقل الشاحنات.
* وما المتغيرات التي طرأت على خارطة النقل البريّ العربي جراء الإضطرابات السياسية في عديد من الدول الشقيقة؟
نحن نعمل بروحٍ متفائلة لناحية مواجهة هذه العراقيل والظروف المضطربة، بل ونسعى للخروج بنتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع. وبهذه المناسبة فإنّ إتحادنا يثمّن عملية إعادة فتح الحدود أمام الركاب ما بين شرقيّ الوطن العربي وغربه؛ وتحديداً الحدود المصرية – الأردنية.
وأذكر هنا بأنه يوجد شبه إتحاد عربي ما بين مصر والعراق والأردن، ونتمنى أن تكون سوريا مستقبلاً في هذا التجمع العربي، والذي نأمل بأن يكون نواةً لتجارة عربية بينية ولإعادة إعمار الدول المتضررة، والدلالة على هذا الموضوع أنه تم الاتفاق على إمداد لبنان بالكهرباء وتزويدها بالغاز المصري عبر الأردن وسوريا؛ وهذه مؤشرات إيجابية على إعادة التعاون العربي، وهذا الحل الوحيد لتدعيم إقتصاديات النقل العربي وتفعيله؛ والذي تعززهُ عوامل إيجابية أخرى مثل الاتفاق على عودة العمالة المصرية إلى العراق والمزمع البدء بها العام القادم، ناهيك عن الشروع في عمليات إعمار العراق.
وأكرر هنا بأننا نتطلع إلى إنضمام سوريا الشقيقة لهذا التجمع والتعاون العربي. كما أن دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية؛ هي جزء مهم من التكامل الاقتصادي العربي الذي نأمل أن يتطور في المستقبل القريب، وأن تتحقق رؤيتنا لإنشاء وحدة جمركية واحدة في الوطن العربي بأكمله.
*تُعدُّ شركتكم “جت” الرائدة عربياً في قطاع النقل، وشرياناً حيوياً يربط مجموعة من الدول العربية برّاً، فهل عاودت حافلاتكم العمل مجدداً إلى دمشق وبيروت وبغداد؟
خطوطنا متوفرة بين هذه الدول، وعادت إلى القاهرة منذ أيلول الماضي؛ والآن الحديث يدور حول عودة الحافلات لممارسة عملها المُعتاد بالنسبة للمملكة العربية السعودية. ونأمل أن يستقر الوضع في كلٍ من سوريا والعراق ولبنان لكي نعاود نشاطنا بنقل الركاب إليها. وأما بخصوص النقل على المعابر الأردنية / الفلسطينية فنتمنى أن يُعاود وضعه الطبيعي عبر إنهاء إستخدام “المنصات” مع الحفاظ على الوضع الصحي لمواطني البلدين؛ الأمر الذي سيُسهم بتحفيز وتسهيل إجراءات النقل على هذه المعابر.
*شركتكم” جت” كانت أسست في الماضي صندوق مخاطر للحفاظ على سيولة مالية لا تقلُّ عن مليون ونصف المليون دينار تحسُّباً للطوارىء.. كيف أفدتُّم من هذا الصندوق إبان جائحة “كورونا” في الحفاظ على قوامتكم البشرية؟
بحُكم أنّ شركتنا “جت” تُعدُّ من أقدم الشركات في قطاعها، فإنها اعتمدت سياسة واضحة في التحسُّب للطوارىء، ومن هنا قررت الشركة منذ سنواتٍ عشرة – وبقرارٍ من مجلس الإدارة – تأسيس صندوق مخاطر؛ والذي يمكننا الإستعانة به في حالاتٍ بعينها؛ مثل تعرّض أحد حافلاتنا – لا قدر الله – لحادثٍ ما. ومع أنّهُ لم يكن في الحسبان حينها أن تبرز لنا يوماً أزمة “كورونا”؛ إلا أنّ مجلس إدارة الشركة قرر في ظلّ هذه الجائحة الإفادة من هذا الصندوق للحيلولة دون فقدان أي موظف في شركتنا لمصدر رزقه، ونحمدُ الله أننا لم نضطر للإستغناء عن أيّ موظف لدينا. وكُلنا أمل بأن تستعيد الشركة كامل نشاطها لنتمكن من مُعاودة العمل على منح الزيادات السنوية للموظفين، والتي لم يتوقف سريانها منذ عام 2006م وحتى بداية جائحة “كورونا”.
*انصهرت شركتكم (جت) في المجهود الوطني المٌجابه لجائحة “كورونا”.. كما أنك كخبير في إدارة الأزمات تقدمت – آنذاك – بمقترحات عدة للتخفيف من وطأة الأزمة الصحية.. كيف تنظرون لدوركم هذا؟
نحن جزء من منظومة البلد، و(جت) شركة وطنية مساهمة عامة يملكها مواطنون أردنيون، ومنذ بدء الجائحة أعلنا بأنّ كافة مقدّرات شركتنا هي بتصرّف الحكومة والجيش؛ وبالتالي صارت موضوعة في خدمة الشعب. ونحن كنا أول شركة نقل؛ بل والشركة الوحيدة بين نظيراتها التي قدمت دعماً لصندوق “همة وطن”. وبعدها قدمنا دعماً لوجيستياً من خلال نقل المصابين إلى فنادق البحر الميت، وواصلنا التعاون مع هيئة النقل العام والدفاع المدني ورئاسة الوزراء في عمليات نقل المصابين؛ حيث كنا الشركة الوحيدة التي ظلت تعمل وتساند الشعب والحكومة في عبور هذه الأزمة، وكنا نشعر بأنّ هذا واجبنا ونتمنى أن نكون قد وُفّقنا في أدائه.
*ما بذلتموه في شركة (جت) خلال جائحة “كورونا” كان تضحية كبيرة تُسطّر في تاريخكم المُشرّف.. فهل تعرضت طواقمكم العاملة لأية أضرار صحية خلال تأديتها لهذه المهمة الجليلة؟
كان هناك تماسٌ مباشر ما بين طواقمنا الميدانية ومصابي “كورونا” الذين عملنا على نقلهم؛ إلا أننا إتّبعنا إجراءات إحترازية صارمة داخل حافلاتنا لمنع التواصل الجسدي ما بين الطرفين. ناهيك عن أنّ موظفينا كانوا يرتدون الملابس الطبية الواقية؛ خاصة وأننا كنا المركز الوحيد الذي يعمل على نقل أمتعة ومستلزمات المحجورين؛ من الدوار السابع إلى فنادق البحر الميت.
*لديكم مشاريع جديدة وطموحة، والتي منها بناء أكبر مجمع لنقل الركاب في مدينة العقبة، فإلى أي مدى تريدون الذهاب في مشاريعكم هذه؛ محلياً وإقليمياً؟
مشروع مجمع سفريات العقبة يُعدُّ من أحدث مواقف نقل الركاب في الأردن، ونأمل بأن ننشىء قريباً مجمعات سفريات مشابهة في كل المناطق التي نصلها مثل محافظة إربد والعاصمة عمان. ذلك أننا في نهاية المطاف ننشدُ إحترام الراكب، ونسعى لتوفير كافة سبل الرفاهية والراحة لعملاء شركتنا.
*شهد الأردن نمواّ سياحياً كبيراً عام 2019م، فهل تتوقعون عودة النشاط السياحي لسابق عهده مع إعادة فتح الحدود وإنهاء الإغلاقات التي ترافقت وجائحة “كورونا”؟.. وما أثر ذلك على “النقل السياحي”؟
عام 2019م كان مبشراً للسياحة بشكل عام، وشهد ذلك العام تسهيلات حكومية للإستثمار في قطاع النقل السياحي، وذلك في الوقت الذي خففت فيه وزارة النقل القيود على قطاعنا؛ ما نجم عنهُ إنشاء (10) شركات نقل سياحي جديدة. الأمر الذي أضرّ بهذه الشركات مع بداية جائحة “كورونا” في شهر آذار/2020م، ولذا فإنّ مُعاودة هذه الشركات لسابق عهدها سيستغرق نحو ثلاث إلى أربع سنوات، وهي بالتأكيد سنوات (عجاف) على الشركات التي أُنشئت حديثاً. وسيتطلب الأمر ضخ مبالغ مالية كبيرة للترويج السياحي من قبل هيئة تنشيط السياحة.
والحالُ كذلك؛ فإنّهُ يتعيّن على الحكومة إيلاء القطاع السياحي عنايةً خاصة على مدار السنتين القادمتين، وإعتماد إجراءات هامة؛ في مقدمتها إستمرار العمل ببرنامج (إستدامة) التابع للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي؛ والذي ساهم بإستقرار سوق العمل في قطاعيّ السياحة والنقل. ونحنُ – من خلال منبركم الصحفي هذا – نناشد الحكومة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بإستمرارية إفادة قطاعيّ النقل والسياحة من برنامج (إستدامة) حتى نهاية عام 2022م.
*بالحديث عن الدعم الرسمي المطلوب لقطاعكم .. ألا ترى بأنه يتوجب إعادة النظر في التسعيرة الحكومية لأجور شركات النقل والتي ربما لم تعد (عادلة) أو (منطقية) قياساً بالمتغيرات الراهنة؟
بالتأكيد يجب إعادة النظر في التعرفة الحكومية لأجور النقل العام، خاصة في هذه المرحلة، حيث أنّ جميع بنود المعادلة إختلفت؛ بما فيها أسعار الوقود؛ وقطع الغيار؛ وكلفة التشغيل. ناهيك عن أنّ نظام التعرفة لم يتم تعديله منذ إقراره لآخر مرة في عام 2009م إلا بما يخص مسألة أسعار الوقود.
*برأيك.. كيف يمكننا إيجاد أنماط نقل جديدة تتناسب وإحتياجات المواطن والسائح في الأردن؟
أنماط النقل متنوعة، ولا يمكننا إيجاد نقل نوعي ومتميز إن لم يكن لدينا العديد منها؛ وعلى رأسها سكة الحديد؛ والتي ميزتها التجمعات السكانية على جانبيها وبما يحول دون إكتظاظ المدن.
وفيما يخصّنا في الأردن؛ فإنّ النمط المُستحدث في العاصمة (عمان) هو مثال يُحتذى، وأقصد هنا (الباص السريع)، ذلك أنّ تضاريس مدينة عمان وجغرافيتها لا تسمح إلا بالباص السريع، حيث لا يمكننا بناء أنفاق تحت الأرض أو ما يسمى (مترو)، وكذلك نواجه صعوبة في تنفيذ الجسور المتعددة (الكباري). فكان الحل الأمثل هو تنفيذ مشروع (الباص السريع)، حيث نأمل بأن يكون هنالك شركة إدارة وتشغيل جاذبة للمواطن؛ وعلى نحو يحفزه بالإستعاضة عن مركبته الخاصة بالباص السريع.