جامعة البترا: عنوان الأناقة التعليمية.. وواحة الطبيعة الخلابة
خاص ل”كرم الإخبارية – تقرير وتصوير : بثينه السراحين
عهدت “جامعة البترا” لصرحها المعماري الأنيق بأن يكون أول مؤسسة تعليمية أردنية تُحيل ما نسبتهُ (30%) من مساحتها إلى واحة غنّاء، تتمازج فيها خضرة الشجر وأهازيج الجداول وتغريد الطيور وعبير الورود؛ في لوحة طبيعية فريدة من نوعها لجامعة اتخذت نهج إستثمار كل ما يتعدى المباني التعليمية المتناثرة على مساحتها الشاسعة (185 دونماً) لجهة تخليق واحات خضراء؛ وبما يفي بترجمة ما أجمع عليه علماء النفس من أنّ التعليم في أحضان الطبيعة يحقق أقصى درجات الصفاء والنقاء الذهني والتفتق العقلي؛ وصولاً لمضاعفة قدرات الطالب على إستيعاب دروسه وتجذيرها في ذاكرته المسكونة بمعالم الجمال الآسرة التي تزخر بها هذه الجامعة “الخضراء”.
وإتخاذ “جامعة البترا” للون الأخضر الباعث على الجمال والسكينة وراحة النفس والبال كان نابعاً من كثرة الحدائق الموزعة على كافة مناحيها، وبتعداد إثنتيّ عشرة حديقة؛ هي “حدائق: الشلال؛ والرئاسة؛ والنباتات الطبية؛ وكلية الصيدلة؛ والصفصاف الباكي؛ والفصول الأربعة؛ والأرز؛ والزيتون؛ والصنوبر؛ والبانورما؛ والحضانة. وأخيراً الحديقة المركزية (السنترال بارك)؛ والتي تزيد مساحتها لوحدها عن ستة دونمات”.
وتحوي حدائق “البترا” قائمة ثرية ومتنوعة من الأشجار والنباتات؛ وبنحو(300) نوعٍ من الأشجار الحرجية والمثمرة والورود العطرية والنباتات الطبية، وهي بمجملها تمزج ما بين المكوّن الزراعي المحلي والجنائن العالمية العصرية. واللافت أنّ هذه الزروعات تم مراعاة تمتعها بميزة إخضرارها وإزهارها الدائم طيلة شهور السنة لضمان الإبقاء على خواصّها الجمالية؛ وفوائدها التعليمية.
وتُروى حدائق “جامعة البترا” من محطة تنقية ذاتية تعكف من خلالها الجامعة على معالجة وتكرير مياهها العادمة؛ وبما يوفر نسبة كبيرة من حاجيات حدائقها للريّ؛ علماً أنّ طبيعة هذه الأشجار تمتاز بقوة وسرعة نموّها وبتكيُّفها مع المناخات المحلية وبيئتنا الجافة نسبياً، وهذا ما يفسر مناطحة العديد منها لمباني الكليات التعليمية الشاهقة حدّ أنّ بعضها – وتحديداً الحرجية منها – يخالّ الرائي لها بأنها أشجاراً معمّرة.
ومن بين هذه الأشجار؛ الكينا واللزاب والصفصاف والأكاسيا والنخيل والأرز. ناهيك عن أشجار الصنوبر المثمر والتي تمت زراعتها حتّى على أرصفة الجامعة؛ فيما تمّ تسييج سور الجامعة الخارجي بأكمله بأشجار الزنزلخت سريعة النمو. وأما شجرة الزيتون المباركة والتي تعتبر جزءاً راسخاً من جذر تكوين الطبيعية الأردنية؛ فقد تناثرت في كافة حدائق “جامعة البترا”، وخُصّصت لها حديقة كاملة ومستقلة؛ إضافة إلى زراعتها على نحو مذهل للناظر في قلب جداول وقنوات مائية تترافق وشلالات مياه شفيفة ونظيفة تسرُّ الناظر؛ ممن يتيح لهُ تصميم حدائق “البترا” البديعة التنقل من فوقها بجسور ومعابر خشبية مقوّسة على شاكلة تحف فنية معتقة.
وتعدُّ حديقة النباتات الطبية من ضمن أربع حدائق “بتراوية” تحوي شلالات وجداول مياه تضاعف من جماليات هذه الحديقة ذات القيمة التراثية والتعليمية والجمالية والعلاجية على ذات القدر. فمن مكونات هذه الحديقة الثرية يفيد طلبة كلية الصيدلة لجهة تنفيذ بحوثهم التطبيقية والدوائية. خاصة إذا ما علمنا أن هذه الحديقة تحوي أفضل العلاجات الطبيعية التي إلتجأ إليها أجدادنا منذ مئات السنين لمداواة الكثير من الأمراض والعلل. ومن بين هذه الأعشاب الطبية الشيح؛ والزعتر البري؛ وإكليل الجبل؛ والريحان؛ والنعناع؛ واللافندر؛ والمورينغا؛ وزيت الخروع؛ وغيرها الكثير.
ولأنّ الحدائق الأردنية لا تكتمل بدونها؛ عجّت جنائن “جامعة البترا” بالشجرة المُرمّزة للهوية الوطنية الخالصة؛ أشجار الصًّبار الصحراوية بأنواعها العديدة. وفي حين تزينت هذه الحدائق بالورود والأزهار البلديّة بأنواعها العطرية والمتسلقة؛ نجدها تحوي نباتات عطرية وزهرات تستحضر مكنونات الخصب على إمتداده العالمي؛ كالعديد من الأزهار والورود الإيطالية والهولندية.
ويصعب على الشارح – مهما أسهب في القول – نقل الصورة البصريّة (الحيّة) لحدائقها البهيّة، فكلما مرّ بجمالٍ أخذتهُ روحهُ نحو إبصارٍ أجمل، حيث هنا “مُدرّجات رخامية” مخصصة لجلوس الطلبة، وعلى مقربة منها مقاعد “حجرية” أيضاً، وهنالك خُصّصت لهم مقاعد “خشبية”، وفي ركن آخر وفَّرت لهم مقاعد يظللها “البوص”، ومقاعد عديدة مظللة بالأشجار العملاقة الشاهقة. وفي زاوية بديعة أخرى تتظلل مقاعد طلبة “جامعة البترا” بالقرميد والأحجار الوردية كمستقبلهم الذي تخيّروه بعناية وعن حسن تدبُّر وبصيرة حين دلفوا لأول مرّة بوابتها العريقة كإسمها الذي سبق الزمن في تسطيره لمعالم “الحياة” وتصديره لصُّناعها.