هل يجب تحصين الحوامل بلقاح “كورونا”؟
حنان الكسواني
عمان – أثارت مأمونية وفاعلية لقاح كورونا، لدى حوامل ومرضعات قلقا بينهن، وجدلا بين الأطباء، بخاصة وأن تصنيفهن صحيا عالميا، يضعهن في الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، ما دفع لملاحقتهن كل ما ينشر من دراسات علمية بهذا الصدد، للحصول على معلومات تجيب على أسئلتهن بينما منحتهن الولايات المتحدة الاميركية، حرية قرار أخذ اللقاح أو عدمه.
في الأردن، انتقلت عدوى السؤال حول مأمونية اللقاح والقلق منه، مما قد يسببه لهن من مضاعفات، أو يودي بالحوامل والمرضعات الى الموت.
وبرغم أن الحصول على اللقاح، استهدف أفراد القطاع الطبي وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، والأشخاص ذوي الإعاقة، ومن تقل اعمارهن عن 60 عاما، لكن وزارة الصحة المعنية بمنح اللقاح، لم توضح موقفها من هذا الأمر، وبدا كأنها تتجاهله.
لم تقتصر تساؤلاتهن المشوشة حول مدى فاعلية ومأمونية اللقاح، بل امتدت الى التخوف مما يشاع من انه قد يسبب العقم أو الإجهاض أو تشويه الأجنة. في المقابل؛ تأرجحت آمالهن، بين حماية انفسهن واطفالهن والترهيب الطبي الذي يحرمهن من الحصول على اللقاح، وفق قول بعضهن لـ”الغد”. وفي الوقت الذي ينصح فيه أطباء أمراض نسائية وتوليد، الحوامل بأخذ لقاح الانفلونزا الموسمية، الذي ينتج أجساما مضادة تقي أجنتهن منه، يمارس أطباء آخرين في التخصص ذاته، ترهيبا من لقاح كورونا، تحت ذريعة أنه قد يودي بحياة ذوات المناعة المنخفضة منهن، كما أفصحت بعضهن.
هذا الجدل، قسّم الأطباء الى فريقين؛ الأول، معارض للتحصين ومؤيد له، فأغلب أطباء النسائية والتوليد والامراض التنفسية والسكري، متخوفون من منح اللقاح للحوامل، جراء “محدودية البيانات الراشحة حول مأمونيته وفاعليته لهن، وعدم مشاركتهن في التجارب السريرية الأولية له”.
أما الثاني، فيؤيد منحهن إياه، منطلقا من ان “مناعة الحوامل ضعيفة جدا، وفي حال اصابتهن بكورونا، فسيفقدن حياتهن، وانقاذ من يعملن بخاصة في القطاعات الطبية والتمريضية، منجاة لهن، وهذا ما يحدث حاليا في أميركا”.
وسط ذلك كله، بدأت شركة فايزر (مصنعة للقاح) مؤخرا، بتجربة اللقاح على 4 آلاف امرأة حامل، تتراوح أعمارهن بين 18 و45 عاما، وإعطائهن لقاحات من فايزر وموديرنا.
وفي دراسة نشرها موقع “إن بي آر” الأميركي بداية الشهر الحالي، بين أن لقاحات كورونا “آمنة وفعالة للنساء الحوامل والمرضعات، وتوفر لأطفالهن بعض الحماية”.
من جانب آخر، فإن خطر الإصابة بالفيروس أو الوفاة بسببه أعلى للحوامل، إذ جرى الإبلاغ في اميركا حتى نهاية الشهر الماضي عن أكثر من 82 ألف إصابة بالفيروس بينهن، وحدوث 90 وفاة.
الأستاذة في كلية الطب بالجامعة الأردنية رائدة القطب، بينت أن الحوامل يعانين من ارتفاع خطورة اصابتهن بالفيروس، ومن طول فترة اقامتهن في المستشفيات للعلاج منه، أو الاقامة في أقسام العناية الحثيثة، وقد يصل الأمر الى موتهن.
وأشارت القطب، إلى ان نتائج تحليل البيانات العلمية للدراسات بشأن الحوامل المصابات بالفيروس، وتأثيره على صحتهن مقارنة بالحوامل غير المصابات “مقلقة”، وعليه، بدأت شركات مصنعة للقاح، باجراء دراسات لمدى تأثيره على الحوامل.
وبينت أن المركز الاميركي للسيطره على الاوبئة، أعلن مؤخرا عن “امكانية تطعيم الحوامل والمرضعات اللواتي يعملن في مجالات حيوية، كالقطاع الطبي، خوفا من تعرضهن للاصابة، لان خطرها اشد من اي خطر تشكله مضاعفات اللقاح عليهن.
وأضافات أنه “في الحالات المماثلة، كتطعيم الحوامل ضد الانفلونزا الموسمية، لم يكن هناك تأثير سلبي على المولود، بل على العكس، فتطعيم الحامل يمنح مناعة لمولودها، تكفيه لأشهر بعد الولاده، أما تخوفات بعض الأطباء فغير منطقية”.
مستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض ضرار بلعاوي، تساءل: هل نخسر حياة الأمهات وأجنتهن بسبب تردد طبي غير مبرر، يتذرع بعدم اجراء الدراسات السريرية على الحوامل خلال تجربة اللقاح قبل بدء توزيعه في العالم؟
وأكد بلعاوي، وهو عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ومتابعة الآثار الجانبية للقاحات كوفيد 19، أن اللقاح آمن وفعال، وما يحققه من فوائد اعلى من المخاطر.
وفي حال ظهرت آثار جانبية، ستكون خفيفة ومماثلة لتلك التي تعاني منها النساء غير الحوامل، وفقه، إذ بين أن آثارا تتمثل بحدوث ألم في موقع الحقن بعد الجرعة الأولى، وآلام عضلات وصداع وحمى وقشعريرة بعد الجرعة الثانية، بحسب دراسات جديده على نساء حوامل في اميركا.
استشاري الامراض والجراحة النسائية والتوليد وأخصائي العقم خليل بربراوي قال “لن أنصح أيا من مراجعاتي الحوامل أبدا بأخذ اللقاح، حتى تنتهي الدراسات العالمية من تجاربها عليه بشأنهن، لأنه على ما هو عليه حاليا، قد يعرض أجنتهن للخطر ويودي بحياتهن”.
وطالب البربراوي الحوامل باتباع الإجراءات الصحية للوقاية من الفيروس، وهذا أنفع لهن من أخذ لقاح لم يجرب عليهن، ولم تظهر تقارير تفصح عن فعاليته لهن وسلامته بعد.
وتتفق معه اختصاصية أمراض السكري والغدد الصم نديمة شقم، مؤكدة ان سكري الحمل منتشر بين النساء الاردنيات دون علم غالبيتهن، حتى ان أطباء نسائية وتوليد لا يلتفتون إلى أهمية اجراء فحوص للسكري، ما يؤدي لتعرض حياة الأم وجنينها للخطر.
وبشأن أهمية تحصين الحوامل المصابات بالسكري، وذوات المناعة المنخفضة، قالت شقم “أنصحهن دوما بمراقبه نسبة السكري في الدم، والالتزام بالعلاجات، وتنظيم برنامج غذائي خاص، وهذا افضل من أخذ لقاح لم يجرب على حوامل مصابات بالسكري، مشيرة إلى أن أخذ اللقاح للحوامل والمرضعات “مغامرة عالية الخطورة”
رئيس اللجنة الوطنية لوفيات الأمهات عبدالمانع السليمات، بين أنه “لم تدرس حالات العام الماضي بشأن أثر الفيروس على الحوامل والمرضعات، ولغاية الآن لا توجد دراسة لإعطاء اللقاح لهن”.
وفي أحدث رصد لوفيات الأمهات وقعت قبل الجائحة العام 2019 وفاة واحدة جراء الانفلونزا الموسمية، و63 أثناء الحمل والولادة والنفاس في مستشفيات حكومية وخاصة وجامعية، معتبرا السليمان أن هذه الأرقام “محدود جدا”، مقارنة بالعام الذي سبقه 2018، الذي رصد فيه 62 وفاة بالإنفلونزا الموسمية.
مدير الأمراص الصدرية والتنفسية خالد أبو رمان، لفت الى أهمية تحصين الحوامل باللقاح لكن ضمن حالات محدودة، بخاصة العاملات في قطاع الرعاية الصحية، قائلا إن “هناك آلاف الحوامل منهن في أميركا حصلن عليه، دون أن تظهر أي آثار جانبية بسببه عليهن.
واعتبر أبو رمان، ان عامل الأمان هو الحاسم، داعيا لاستمرارهن باتخاذ احتياطات إضافية للحفاظ على أنفسهن وأجنتهن، إلى حين التعرف على ما يناسبهن من لقاحات.الغد