ارتداء الأطفال الكمامة وقتا طويلا يعرضهم لمتاعب في التنفس
منذ بدء الدوام المدرسي؛ تتفقد أم ريان يومياً موجودات أطفالها الثلاث المتوجهين للمدرسة، وأهمها في هذه المرحلة الكمامة التي أصبحت متطلباً أساسيا للمحافظة عليهم من عدوى الإصابة بمرض “كوفيد19″، إلا أنها تعاني في ذلك مع طفلها ذي السبعة أعوام الذي يرفض ارتداء الكمامة.
وعلى الرغم من حرصها على أن يلتزم جميع أبنائها بالكمامة، إلا أنها في ذات الوقت حزينة عليهم لما يعانونه من ضغط جسدي ونفسي، خاصةً مع الظروف الجوية السائدة، ولكن ابنها الأصغر يرفض ارتداءها بشكل كامل، كونها تشعره بالضيق، فهو “غير واع لمدى أهميتها له كما باقي أخوته”.
عشرات الإعلانات التي رافقت العودة إلى المدرسة بداية الشهر الحالي، تعلن عن تصميم جديد للكمامات يناسب الأطفال الصغار كلٍّ حسب مرحلته العمرية، والتي حرصت كثير من العائلات على اقتنائها للأطفال، في سبيل تشجيعهم على ارتدائها كنوع من الوقاية وإكسسوار يلفت انتباههم.
وزارة التربية والتعليم كانت قد عممت منذ بدء العام الدراسي على مديرياتها في الميدان تعليمات ارتداء الكمامات لطلبة المدارس، من ست سنوات فما فوق، والتلاميذ الذين تزيد أعمارهم على 12 سنة يطبق عليهم ما يطبق على الكبار، مع إمكانية إزالة الكمامة مؤقتاً وخاصة أثناء الحصة الصفية، إذا توفر فيها مسافة تزيد على متر واحد بين طالب وآخر، مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات الاحترازية التي تتخذها المدرسة ومدى الالتزام بتطبيقها.
كما شددت التعليمات على ارتداء الكمامة أثناء وجودهم في وسائل النقل المدرسية مع المحافظة على المسافة بين الطلبة، وأن تكون الكمامات مصنوعة من القماش للطلبة ممن تقل أعمارهم عن 12 سنة وليست مصنوعة من الورق، والدعوة لتغيير الكمامة كل يوم على الاقل.
وداد خالد، التي ابتاعت بعض الكمامات الملونة، تفاجأت في اليوم الأول من ارتداء ابنتها ذي الستة أعوام للكمامة، بأنها لم تتقبلها بشكل كامل، وأصبحت تشكو من ضيق في التنفس، وتكرار عبارة “حاسس حالي بدي أنخنق وما بركز بالحصة”، ما دفعها إلى وضع الكمامة لثوانٍ قليلة بين الحين والآخر، دون الالتزام بها بشكل مثالي.
إحدى معلمات الطفلة، نصحت الأم بأن تساعد طفلتها على ارتداء الكمامة صباحاً بطريقة مناسبة، ونُصحها بأن تزيلها في كل وقت تشعر به أنها لا تستطيع التنفس أو الضيق، ولكن الأم تؤكد رغبتها في أن يلتزم ابناءها بارتداء الكمامة، حفاظاً على صحتهم. وتقول وداد “منذ أن بدأت المدراس وأنا أشعر بالقلق على أطفالي بأن لا يلتزموا بقواعد التباعد والسلامة العامة كونهم لم يعتادوا على تلك الأجواء وهذا يزيد من خوفي عليهم في حال ظهور حالات إصابة أو حتى مخالطين”.
المتخصص بالطب العام وطب الأسرة، الدكتور زياد النسور يؤكد أن إعلان البرتوكول الصحي لأطفال المدراس قد يكون اربك الأهل والمختصين في ذات الوقت، حين تم الإعلان عن عدم إلزام الأطفال دون سن 12 بارتداء الكمامة، ثم تم طرح منظومة أخرى تؤكد أن يرتدي الأطفال ما فوق 6 سنوات الكمامة وإلزامهم بها في المدارس، الأمر الذي جعل الأهل يحتارون في أهميتها وخطورتها على الأطفال.
وبين النسور أن هناك عدة أمور طبية تجب مراعاتها عند ارتداء الكمامة للأطفال، وأبرزها “عدم إلزام الطفل بارتدائها لفترة طويلة او لساعات متواصلة، كون هذا الأمر قد يزيد من نسبة ثاني أكسيد الكربون الخارج من أنفاس الأطفال الذي قد يتراكم على الكمامة ثم يتم استنشاقه مرةً أخرى، وهذا يسبب ضررا كبيرا على صحة الطفل فيما بعد، وعلى مدى استيعابه لما يدور حوله في الصف من دروس وشرح للمعلم”.
ويضيف النسور أن الأطفال هم أكثر حركة ونشاطا من الكبار وعندما يلعبون ويقفزون يزداد تسارع النفس لديهم، وهذا قد يزيد من خطورة وجود الكمامة على الأنف والفم في ذات الوقت، لذا ينصح بالسماح للأطفال بإزالة الكمامة كل نصف ساعة على الأقل، ليجدد فيها الطفل الهواء الذي يستنشقه، ويساعده على تقبلها بعد ذلك.
ومن الأمور التي يجب على الأهل الانتباه لها هو نوعية القماش المستخدم في كمامات الأطفال، والأفضل منها هي الكمامة الطبية المعتاد استخدامها منذ زمن، من حيث ان سماكتها مقبولة، ويمكن تغييرها بشكل يومي. ويشير إلى أهمية الفرصة المدرسية التي تسمح للطلبة بتغيير الهواء من الغرف الصفية، وإتاحة المجال لهم لإزالة الكمامة لفترة قصيرة، مع الالتزام بالتباعد الجسدي قدر الإمكان، وأن تسمح المعلمة لبعض الطلاب بإزالتها لدقائق، ثم السماح للباقين بإزالتها بعد ذلك، حتى نساعد الطفل في المحافظة على أنفاسه نظيفة ومتجددة.
المختصة التربوية الدكتورة إنتصار ابو شريعة ترى أن جميع الطلبة في هذا العام يعيشون فترة استثنائية ومختلفة بكل تفاصيلها عن الأعوام السابقة، والتي فرضتها جائحة كورونا لهذا العام، على العالم أجمع، والمدراس تستقبل أبناءها بشكل جديد ومختلف، ولزاماً علينا تحن “التربويين” أن نعد الخطط اللازمة لاستقبال الطلبة وشرح جميع ما يمكن شرحه بخصوص الدوام المدرسي بالتزامن مع المحافظة على البرتوكول الصحي للوقاية من كورونا.
تلك الخطط، تصفها ابو شريعة بأنها يجب أن تكون “جاذبة للطلبة” ومتنوعة بالإنشطة والفعاليات التي تتماشى مع الوضع الراهن، الذي يتطلب من الطلاب على اختلاف أعمارهم أن يرتدوا الكمامة، كنوع من أنواع الحماية والوقاية من العدوى، وبخاصة أن الطلبة غابوا لفترة طويلة عن مدراسهم وهم يعودون الآن إليها بشكل مختلف.
وتنصح ابو شريعة، بعض المدارس التي لديها قدرة مالية، والأهالي كذلك، بتقديم هدايا للطلاب في ايامهم الأولى، تضم فيما بينها الكمامة والمعقمات، وشرح استخدامها بشكل آمن ومبسط، وضمن شروط صحية مناسبة للطفل حتى يتقبلها ويعتاد عليها، ولا “ينفر منها”، مشيرةً إلى أن توزيع الكمامة للطفل مع بعض الحلوى والألعاب هي طريقة محببه لهم، وتصبح جزءًا من مستلزمات اليوم المدرسي.
وتنصح أبو شريعة المعلمين الذين يتعاملون مع الطلبة من المرحلة الاساسية الأولى “صغار السن” أن يخصصوا وقتاً ترفيهيا لهم مليئا بالأنشطة التحفيزية لاتباع إجراءات الوقاية، والتي من ضمنها الكمامة بالدرجة الأولى، مع حرص المعلمين على الالتزام بارتدائها أمام الطلبة حتى تصبح أمراً طبيعياً بالنسبة إليهم.
مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية في أميركا، كما نقلت وسائل الإعلام، نصحت الأهل بإخضاع الطفل لتجربة ارتداء الكمامة حتى في فترة ما قبل العام الدراسي، وأن يكون حجم الكمامة مناسبا لوجه الطفل، ويغطي فمه وأنفه فقط، كما نصحت بعدم ارتداء الأطفال أقل من عامين للكمامة، أو الذين يعانون مشكلات بالتنفس، كما يُنصح بتدريب الأطفال على ارتداء الكمامة بالمنزل لفترات طويلة، وليس لدقائق معدودة، حتى لا يشعر الطفل أنه يمكن خلعها بعد فترة وجيزة، ويجب أن يأخذ الأطفال الأمر على محمل الجد، وانها أمر إلزامي وليس اختياريا.