ترخيص جامعات طبية خاصة في الأردن..خطوة متقدمة تستوجبها المرحلة
خاص ل” كرم الإخبارية” – بقلم : بثينه السراحين
موافقة مجلس الوزراء على المضي في إجراءات ترخيص ثلاث جامعات طبيّة خاصة في الأردن، هي خطوة ضرورية طال إنتظارها، وتأتي في الإتجاه الصحيح، لناحية رفد القطاع الطبي بخريجين من ذوي الكفاءة العالية، وتعزيز منظومة التعليم الطبي.
وبالنظر للتجربة التعليمية والطبية التي يتميز بها الأردن، على مستوى المنطقة، والدور المحوري الذي جسدته الجامعات الأردنية بشقيها العام والخاص لجهة رفع سوية التعليم العالي في المنطقة، فإن ترخيص جامعات طبية خاصة، يأتي ضمن السياق الطبيعي للتطور الهائل الذي يشهده حقل التعليم الأكاديمي في الأردن.
ومنعاً لتحول الجامعات الطبية الخاصة المزمع ترخيصها لمبدأ التجارة البحتة، فقد أكدت وزارة التعليم العالي في إحدى شروط ترخيصها، على منع بيع الرخصة التي تمنح للجامعات الطبية الخاصة، لضمان أن يكون مقدّم الطلب هو نفسه الذي ينفذ المشروع لاحقاً، في إشارة مهمة لجدية وصرامة منح التراخيص، وعدم التلاعب بأيٍ منها مستقبلا.
والأمر كذلك، تبدو محاولة (البعض) للتشكيك بقدرة القطاع الخاص على خوض غمار تلك التجربة الأكاديمية، بلا سند منطقي أو موضوعي؛ خاصة وأننا نعلم حجم الضوابط والقيود الصارمة التي وضعت بهذا الشأن من قبل وزارة التعليم العالي، والتي أكدت نيتها المستقبلية بمراقبة تلك الجامعات من خلال مجلس التعليم العالي وهيئة الاعتماد، وأنه في حال لم تستوفي تلك الجامعات الشروط المطلوبة منها فسيتم إيقافها عن العمل
وفي هذا المقام يحضرنا إسم رجل الأعمال البارز الدكتور هيثم أبو خديجه كمؤشر قوي على المستقبل المبشر بنجاح فكرة إنشاء وتطوير جامعات طبية خاصة في المملكة، خاصة وأنه صاحب دور محوري وكبير في تطوير قطاع التعليم الجامعي الخاص في الأردن، ما حفزهُ اليوم على إستكمال وتعميق هدفه بتمركزالأردن ضمن لائحة أقوى دول المنطقة في المخرجات التعليمية النوعية والمجوّدة، ولكلّ ذلك باشر الدكتور أبو خديجه إجراءات تأسيس صرح طبي أكاديمي مرموق سيحمل إسم “جامعة الأردن الطبية الحديثة”، حيث سيكرس جُلّ خبراته الإدارية لجهة إنجاح مشروعه الجديد، عبر الدمج بين الخبرات التعليمية الطبية المحلية والعالمية.
وتحمل “جامعة الأردن الطبية الحديثة” الكثير من الخطط الطموحة، لتقديم برامج وتخصصات نوعية، بالتعاون مع كبرى الجامعات العالمية، والاستفادة من خبراتها في هذا السياق، لرفد القطاع الطبي الاردني بكفاءات طبية، تعوض النقص النسبي لدينا في أطباء الاختصاص.
وبإلعودة إلى إستعراض تجربة حملة شهادات الطب الأردنيين من قبل جامعات (بعض) الدول، وفشلهم في تجاوز امتحان المجلس الطبي الأردني لعشر مرات – بحسب تصريحات وزير التعليم العالي- نجد بأننا بحاجة ماسة للإعتماد أكثر على جامعاتنا المحلية المميزة (الرسمية والخاصة على حدٍ سواء)، وذلك لما تمتلكه من هيئات تعليمية على مستوى عالٍ جداً، تلك الجامعات التي شكلت على مدار عقود خلت رافداً مهما للكفاءات الأكاديمية على مستوى المنطقة.
ولا شك أن رفد القطاع الطبي بأطباء من أصحاب الإختصاص، سيعتبر عاملاً حيوياً للنهوض بهذا القطاع، وما سيضيفه ذلك من تقديم خدمة طبية مرموقة ومتميزة، تضعنا في واجهة الدول من حيث استقطاب المرضى للعلاج في مستشفياتنا، وتعزيز السياحة العلاجية التي تشكل رافداً هاماً للإقتصاد الوطني وخزينة الدولة.
كما أن التوجه لفتح الباب أمام القطاع الخاص بهذا الشأن – وحسب خبراء- سيلقي بظلاله الإيجابية على كليات الطب في جامعاتنا الرسمية، التي يفوق عدد طلبتها طاقتها الإستيعابية، وانعكاس ذلك سلباً عليها من ناحية التدريب الطبي وجودة التعليم، وبالتالي فإن إيجاد بدائل حقيقية ومميزة، في القطاع الخاص، يقلل من ضغط الطلبة على تلك الكليات.
وفي هذا السياق لا يمكن إغفال البعد المادي والاقتصادي، خاصة وأن تصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور محيي الدين توق، مؤخراً تشير إلى وجود 6 آلاف طالب أردني يدرسون الطب وطب الأسنان خارج المملكة، ينفقون سنوياً ما يقارب ال 500 مليون دولار، وما يشكله ذلك من عبء على الإقتصاد الأردني الذي يعايش ظروفاً صعبة.
ولكلً ما سبق؛ فإن ترخيص الجامعات الطبية، سيكون له انعكاس وأثر ايجابي على الإقتصاد الأردني، من حيث أنها ستكون مستقبلا خياراً مثالياً ومفضلاً للطلبة الأردنيين، مع إستقطاب طلبة من الخارج للدراسة في تلك الجامعات، وما سيرافقه ذلك من خلق فرص عمل جديدة تحرك عجلة الإستثمار في أكثر من قطاع، خاصة إذا ما علمنا أن وزارة التعليم العالي اشترطت أن يكون ما نسبته 60 % من طلبة تلك الجامعات المسجلين من العرب والأجانب، ما سيسهم في تنامي وإنعاش الإستثمارات المحلية وخلق فرص العمل الرديفة.
يذكر أن مجلس الوزراء كان اشترط في قراره لترخيص الجامعات الطبية الخاصة أن تقدم الجامعة شراكة كاملة مع إحدى الجامعات العالمية المرموقة، التي تقع ضمن تصنيف أفضل 500 جامعة في العالم، إضافة إلى تزويد الجامعة المحليّة الخاصة بأعضاء هيئة تدريس في مجال العلوم الطبية الأساسية في السنوات الخمس الأولى، حتى تتمكن الجامعات الخاصة من إعداد كوادرها البشرية.
وكما اشترط أن يكون عدد الطلبة المقبولين في هذه الجامعات 60 % من غير الأردنيين كحد أدنى، لتحفيز عملية استقطاب عدد كبير من الطلبة العرب والأجانب للدراسة في الأردن. في حين وضع مجلس الوزراء شرطاً آخر يقضي بوجوبية إعتماد الجامعات الطبية الأهلية على مصادرها الخاصة في الهيئات التعليمية، وبما لا يلحق الضرر بالجامعات الرسمية القائمة حالياً.