برج القاهرة ومثانة الأسد

د.موفق محادين

لا تقتصر الدبلوماسية وتاريخها على فن البروتوكولات واللياقة، سواء بالخبرة أو التعليم أو الأعراف المتبادلة.

كما لا يقتصر جديدها بين الحين والحين على بالونات اختبار غير سياسية، من نمط لعبة التنس التي مهدت لتبادل التمثيل الدبلوماسي بين الصين والولايات المتحدة، ولا على إظهار حسن النوايا في هذه المناسبة أو تلك.

فثمة جوانب وخفايا من دبلوماسية أخرى وجدت طريقها خلف الكواليس، وصار يشار لها من باب الانتباه والتحذير، ومن ذلك ما شهدته القاهرة ودمشق مع مسؤولين أمريكيين في عقود سابقة.

ومن المؤكد أن عواصم أخرى سجلت سوابق مشابهة:

-1- كان السفراء الأمريكيون قد تعودوا أن يستهلوا مهماتهم الدبلوماسية في دول أمريكا اللاتينية بمد أقدامهم في وجه رؤساء الدول هناك بعد تأدية (الطقوس) والتقاليد المعتادة، وقد مرت عقود طوال على ذلك قبل أن تهزهم الثورات اليسارية وتجبرهم على اللياقة الدبلوماسية المفترضة. في العقود الأخيرة.. وحسب شافيز فقد كان عبد الناصر قدوة لهم عندما أجبر الخارجية الأمريكية على تحذير سفيرها في القاهرة من مد قدمه في وجه عبد الناصر والجلوس بأدب في حضرته.

أيضا لقن عبد الناصر الأمريكيين درسا قاسيا لم يستفيدوا منه حتى الآن وهو الكف عن رشوة الرؤساء بمبالغ سنوية بحجة أن ذلك تقليد أمريكي لتغطية نفقات القصور الرئاسية، وذلك عندما كشف النقاب عن الرشوة الأمريكية وأمر بصرفها لبناء برج القاهرة الشهير تذكيرا بالدبلوماسية الأمريكية وأساليبها.

-2- ومن المحطات الأخرى حكاية مثانة الرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد التي دخلت قاموس الدروس الأمريكية باسم (المثانة الحديدية) إذ كان الرئيس السوري يستقبل المبعثوين الأمريكيين ساعات طويلة من دون أن يتحرك حتى أن وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، جيمس بيكر، ركب على عنقه طوق جبصين بعد جلسة مع الأسد.

وظلت مثانة الأسد تشغل بال الأمريكيين والتقصي عن وضعه الصحي من خلال أخذ عينات له خلال مشاركته في جنازة زعيم عربي.

زر الذهاب إلى الأعلى