من له مصلحة بتفجيرات غزة؟.. ولماذا استعجلت فتح واتهمت حماس؟

كتب – بلال العبويني

منْ له مصلحة في تفجير منازل لأعضاء في حركة فتح في قطاع غزة؟، سؤال مطروح بقوة بعد سلسلة التراشق الإعلامي بين حركتي فتح وحماس؛ فهل لحماس مصلحة؛ وما هي؟ أم أن هناك مستفيد يسعى لتوتير العلاقة بين الحركتين؟، إن كان هناك مستفيد، ما الذي يريد الوصول إليه؟.
هذه، بعض الأسئلة التي يمكن أن تطرح والكثير غيرها، غير أن استعجال حركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى حركة حماس دون إيراد أي دليل عملي يثير الشكوك والقلق على مصير المصالحة الوطنية بين فتح وحماس.
هل حماس تقف وراء التفجيرات؟ بحساب المصلحة، هناك من يرى أن ليس من مصلحتها القيام بمثل هذه الخطوة وهي التي سعت إلى المصالحة للتخلص من أعباء قطاع غزة بعد أن اشتد الحصار عليها من جميع المنافذ بعد سلسلة الإجراءات التي اتخذتها مصر لإغلاق الأنفاق، منفس القطاع الوحيد، بعد معبر رفح المغلق في أغلب الأحيان.
حماس، تدرك أن توقيت تفجيرات منازل أعضاء في فتح، ليس مناسبا لثلاثة اعتبارات: الأولى أن حركة فتح في غزة كما في رام الله كانت تستعد للاحتفال بمرور عشرة أعوام على استشهاد الرئيس ياسر عرفات “أبو عمار”، وهي تدرك ما يمثله الرجل من رمزية لدى عموم الفلسطينيين، فإن كان في نيتها توتير العلاقة مع فتح، لأي من الأسباب، فإنها بالتأكيد لن تنفذها في هذا الوقت بالتحديد.
والثانية، ليس خافيا على أحد حجم العبء الملقى على حركة حماس، بعد التصعيد المصري الأخير تجاه الحركة إثر تفجيرات سيناء التي راح ضحيتها ضباط وجنود مصريين واتهام مصر حركة حماس بارتكابها.
أما الثالثة: حماس تسابق الزمن لتسليم القطاع إلى السلطة الفلسطينية وهي التي تدرك حجم الضغط الداخلي المترتب عليها بعد أن دخل فصل الشتاء وهناك المئات من العائلات الغزية لا تزال دون مأوى جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال أمس الأول (الثلاثاء) “من قام بتفجير منازل بعض قيادات فتح في غزة معروف لدينا، وما هي الأسباب التي دفعتهم لذلك”، غير أن الأسباب لم يتحدث بها عباس، فيما طالبته الحركة عبر أحد قادتها، مشير المصري، إلى تقديم ما لديه من معلومات للوصول إلى منفذي التفجيرات.
يقول الرئيس عباس “يسألون (يقصد حماس) عن الذي ارتكب جريمة تفجير منازل قادة فتح غزة، الذي ارتكبها هم قيادة حركة حماس وهي المسؤولة عن ذلك ولا أريد تحقيقا منهم”.
تشير تصريحات الرئيس عباس إلى أن هناك نية لإلصاق التهمة بحماس بغض النظر عن مرتكبها، وإلا كيف نفهم حدته وانفعاله أثناء الخطاب، وكيف نفهم سرعة الاتهام دون تحقيق أو دون تقديم أدلة قطعية عن تورطها، ثم كيف نفهم قوله “لا أريد تحقيقا منهم”.
خطاب الرئيس عباس وصفته حماس بأنه “خطاب توتيري وفصائلي”، وهناك من رأى أن أبا مازن تحدث كقائد لحركة فتح لا كرئيس للفلسطينيين.
إذن، من فجرّ بيوت قادة فتح في غزة؟ هل من الممكن أن تكون جهة في فتح أو أن السلطة وراءها؟ هناك من يرى أنه من الممكن توجيه أصابع الاتهام في هذا الاتجاه، تحديدا أن العمليات لم يكن هدفها اغتيال أي من أولئك القادة، وكل الخسائر التي سجلت كانت مادية فقط.
بيد أن هناك من يستبعد هذا الطرح، مشيرين إلى أنه من الممكن أن تكون السلطة وفتح استغلتا الحدث لإحراج حماس داخل غزة، وأنهما في توجيههما الاتهام لحماس يهدفان إلى إيجاد حالة من التململ لدى الغزيين تجاه حركة حماس.
كان بإمكان الرئيس عباس أن يحمل حركة حماس المسؤولية عن تقصيرها في حماية منازل قادة فتح كونها من يمسك بزمام الأمور في القطاع، لا أن يوجه لها تهمة تنفيذ العملية.
إذن، أليست إسرائيل هي من تقف وراء التفجير؟ لإسرائيل مصلحة كبيرة في ذلك. إن استمرار الانقسام الفلسطيني يصب في صالحها، ألم يخيّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس عباس بين السلام وحماس، في محاولة منه لثنيه عن توقيع اتفاق المصالحة، ألا يمكن أن تكون هذه التفجيرات وراءها إسرائيل لتحقيق القطيعة بين الحركتين.
القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق يقول “كان الهدف من التفجيرات صرف الأنظار عما يجري في القدس والمسجد الأقصى وضرب المصالحة ومنع حكومة التوافق من بسط مسؤولياتها على غزة”.
أبو مرزوق، يريد القول أن إسرائيل تقف وراء العملية كونها أكبر المستفيدين من نتائجها.
وإن كان الكثير من المراقبين يؤشرون بأصابع الاتهام على إسرائيل، إلا أن هناك من يرى بوجود مستفيدين آخرين لهم مصلحة في توريط حماس، منهم القيادي المطرود من حركة فتح محمد دحلان، وهو الفار من قطاع غزة بعد أن سيطرت حركة حماس عليها عام 2006.
دحلان، لا يخفي عداءه لحركة حماس ولجماعة الإخوان المسلمين، وهو في ذات الوقت على عداء مع الرئيس عباس بعد طرده من حركة فتح، وهو معني بتوتير العلاقة داخل القطاع انتقاما من فتح وحماس في ذات الوقت.
كما أن هناك من يرى أن لمصر مصلحة في تأزيم حماس أكثر وإحراجها داخل غزة وخارجها انتقاما منها لمواقفها المضادة لـ “ثورة 30 يونيو” التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي، إضافة إلى اتهامها بالتدخل في الشأن المصري لصالح مرسي وجماعة الإخوان المسلمين واتهامها بالوقوف وراء ارتكاب عمليات عسكرية وقتل جنود في سيناء.
ويبقى أن الخاسر الوحيد من عملية التفجير وتبادل الاتهامات هم الفلسطينيون تحديدا في غزة الذين كانوا يأملون من المصالحة رؤية الضوء في آخر النفق، إلا أن نفق المصالحة ازداد ظلمة وانهدم فوق آمالهم، بعد اتهام الرئيس عباس حماس بـ “تدمير المصالحة”.

زر الذهاب إلى الأعلى