البحرين: انهيار نسبة التصويت

لم تحسم صناديق الاقتراع التي فتحت أمام البحرينيين أمس الأول، الجدل حول حجم مقاطعة المعارضة ونجاعة حشد الحكومة للمشاركة في الانتخابات عبر الترغيب تارة، والترهيب تارة أخرى. فقد بلغت نسبة المشاركة الأولية التي أعلن عنها وزير العدل والشؤون الإسلامية البحريني خالد آل خليفة في الانتخابات النيابية 51.5 في المئة، و53.7 في المئة في الانتخابات البلدية التي تزامنت معها، وهو ما يسجل تراجعا كبيرا عما سجلته الانتخابات الاخيرة في العام 2010.

لكن الجمعيات السياسية المعارضة شككت في هذه النسبة، حيث أكدت أنها تحوم حول 37 في المئة، مشيرة إلى ضعف المشاركة حتى بعد تمديد اليوم الانتخابي لفترة ساعتين، بحسب بيان أصدرته أمس.

ووصفت جمعية «الوفاق الوطني» الإسلامية، كبرى فصائل المعارضة، الأرقام المعلنة بأنها «مضخمة وأكبر من الواقع بكثير، من أجل إيهام الرأي العام بأن أعداد المشاركين كبيرة أمام حجم المقاطعة الواسع».

وفي هذا السياق، قال نائب رئيس «جمعية الشفافية البحرينية» رئيس لجنة المراقبين شرف الموسوي إن «الانتخابات ستعاد في 34 دائرة نيابية الأسبوع المقبل من أصل 40 دائرة، حيث لم تبلغ نسبة التصويت فيها الـ50 في المئة من أصل الكتلة الانتخابية، ما يدفع نحو جولة الإعادة بين المرشحين اللذين حصدا أعلى نسبة من الأصوات».

وأشار الموسوي إلى أن «ست دوائر فقط فاز فيها ستة مرشحين نيابيين، ولن تضطر للذهاب إلى الجولة الثانية، وحسمت أمرها من الجولة الأولى».

وجاءت هذه الانتخابات في وسط أزمة سياسية مستمرة منذ شباط العام 2011، ولم تنجح كل المساعي والتدخلات الخارجية في وضع طرفي النزاع على طاولة حوار مثمرة تقود إلى حل سياسي يرضي عشرات الآلاف الذين خرجوا على الشارع للمطالبة بالتغيير، حيث رفعت الجمعيات السياسية خمسة مطالب رئيسية ضمن مشروعها السياسي المبني على نموذج الملكية الدستورية، عبر حكومة منتخبة، وبرلمان كامل الصلاحيات، وأمن للجميع، وقضاء عادل، ودوائر انتخابية عادلة، والتي قالت عن الانتخابات إنها «تكرس الواقع القائم على السلطة المطلقة، ولا يترتب عليها تداولاً للسلطة في إطار الملكية الدستورية وهي انتخابات بلا جدوى».

وفي حديث إلى «السفير»، قال نائب الأمين العام لـ»الوفاق» الشيخ حسين الديهي إن «الظروف التي قادتنا إلى الاستقالة من المجلس النيابي في العام 2011، ومقاطعة الانتخابات التكميلية في العام ذاته، لا تزال قائمة ومستمرة، والنظام البحريني يرفض التعقل ويرفض الحلول الإصلاحية الحقيقية التي تدفع الناس نحو المشاركة».

وأضاف الديهي أن «النظام هو الذي يدفع الناس نحو المقاطعة من خلال إصراره على برلمان صوري لا يملك قرار نفسه ويحاصره ويحد من صلاحياته مجلس بالصلاحيات ذاتها وقد تفوقها أحياناً، ومن خلال تقسيم مقيت للدوائر الانتخابية التي رسمت بقلم طائفي، ومن خلال الاستفزاز الأمني المتمثل في الاعتقالات والمداهمات والاعتداء على النساء، وهي الأمور ذاتها التي دفعت بالمعارضة إلى العزوف عن المشاركة في هذه الانتخابات».

وأكد نائب الأمين العام لـ»الوفاق» أن المقاطعة هي خيار الشعب، وليس الجمعيات السياسية المعارضة فقط، وأن ما حدث من ضعف الاقبال على الانتخاب هو «انتصار للارادة الشعبية بتسجيل موقف تاريخي غير مسبوق من خلال تحقق الغالبية الساحقة لخيار الوطن في مقاطعة الانتخابات الصورية».

والجدير بالذكر، أن نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية البحرينية الأخيرة في العام 2010، بلغت 67.7 في المئة من أصل 318668 صوتاً ناخباً، في حين بلغ عدد المرشحين حينها 149 مرشحاً عن كافة الدوائر.

ولا تزال الصورة غير واضحة حول تشكيلة المجلس النيابي المقبل، الذي تقاطعه المعارضة، ولكن من الواضح أن كتلة «تجمع الوحدة الوطنية» (الموالية للحكومة) والتي لطالما تبجحت بقاعدتها الشعبية العريضة والكبيرة والضخمة، حتى أطلقت على نفسها لقب «المارد»، قد سقطت في الجولة الأولى بالكامل، ولم ينجح أي من مرشحيها حتى للوصول إلى الجولة الثانية، التي يراهن عليها الطرفان، فإما أن تكون نسبة المشاركة كبيرة، وبذلك تكون الحكومة قد نجحت في التسويق لمشروعها الإصلاحي على أنه مشروع ديموقراطي، أو أن تنجح المعارضة في إثبات ثقلها في الشارع البحريني للعالم أجمع، كاشفة عن رفض شارعها لهذا المشروع.

زر الذهاب إلى الأعلى