أزمة الصحافة الورقية في الأردن

يحيى شقير

ليس من الصعب ملاحظة أن الصحافة الورقية في العالم كله تتراجع وليس في الأردن وحده. ففي الولايات المتحدة وبريطانيا تراجع توزيع أكبر ثلاثين صحيفة في البلدين بنسب مختلفة أعلاها الثلث.

ويتمثل تراجع الصحافة الورقية في الأردن في تراجع التوزيع، وأعداد القراء، وانخفاض الإعلانات. ومن المعروف أن الإعلانات تشكل الدخل الرئيسي للصحف “من 70-80 %”، أما الاشتراكات والبيع المفرَّق فلا تستفيد الصحف منه سوى إشعار المعلنين أن توزيع الصحف جيد لجذب إعلاناتهم.

ويعود تراجع أعداد قرّاء الصحف لعدة أسباب، أولها منافسة المواقع الإخبارية الإلكترونية التي تقدم المعلومات مجانا “لكنها تبيع القارئ للمعلن مجانا”، لهذا اتجهت الكثير من الصحف في العالم إلى التوزيع المجاني. وربما أن تراجع قراء الورقية لا يعود فقط لمجانية منافستها بل لأن سقف الحرية فيها أقل، وليس صعبا أن نجد كيف أن الورقية ما زالت تجامل الحكومات وتفرد الصفحات للحديث عن انجازاتها التي لا يلمسها القراء. أضف لذلك أن هناك صحافيين يكتبون لقراء أكثر ثقافة منهم وبأدوات قديمة ويرفضون ركوب موجة تكنولوجيا المعلومات.

كما أن المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي تنشر الأخبار فورا، أما الورقية فتنشر أخبار الأمس.

وهناك دراسات عن تغير في عادات الشباب الإعلامية، فأكثرهم أصبح يتجه لمواقع التواصل الاجتماعي مستفيدين من مهارتهم في استعمال تكنولوجيا المعلومات إنتاجا واستهلاكا.

واذا لم تتكيف الصحافة الورقية مع المستجدات فبالتأكيد ستزداد أزمتها وربما تواجه “الداروينية الإعلامية”، أي يتم تطبيق قانون “داروين” عليها؛ صراع البقاء والبقاء للأقوى.

وبما أن الصحف تقدم معلومات ولها أدوار معروفة في التعليم والتثقيف وتعزيز الوحدة الوطنية فعلى الحكومة استثناء مدخلات إنتاجها من الجمارك وضريبة المبيعات، وهناك قرار للمحكمة العليا في الهند قرر عدم دستورية فرض ضريبة على ورق الصحف.

واذا لم يتم التدخل في الوقت المناسب استطيع التوقع باطمئنان أن النسبة الضئيلة التي ما زالت تقرأ الصحف الورقية، بسبب عاداتها الطقوسية الصباحية بقراءة الصحيفة مع فنجان القهوة، ستتراجع في السنوات الخمس عشرة المقبلة ولن يكون هناك جدوى اقتصادية من الاستمرار بإصدار الصحف الورقية ولربما لن تبقى سوى صحيفة واحدة لنشر إعلانات الوفاة والإعلانات القضائية وغيرها التي يفرض القانون نشرها في صحيفتين يوميتين.

زر الذهاب إلى الأعلى