على أنغام الفلافل
كامل نصيرات
هذه المقالة فيها رائحة الفلافل و سخونته ..أكتبها وأنا بكامل نشوتي .. ليس احتفاء بالفلافل ؛ فالفلافل رفيق قديم لا يغيب عني ولا أغيب عنه ..بل قلت ذات مرّة لا أعرف نوع دمي ولكنني متأكد بأنه (أفْ بي – فلافل بندورة) ..ما علينا.
وفي ظل الارتفاع الصاروخي للخضار ..و عندما تدخل أي محل للخضرة ..وفي جيبك خمسة دنانير حمراء ..خمسة فقط ..هي افطار و غداء و عشاء أولادك الستة و أمهم و أنت معهم ..و عندما تأخذ جولة على البندورة و الخيار و البطاطا و الفاصوليا ..وغيره ..فتدرك وأن تبتسم بحرقة أن خمستك لا تكفي لكيلو غرام واحد من كل صنفٍ ضروري ..وأنك مهزوم هذا الحشد ..تنظر للخضرجي و تحيّيه بحرارة ..و تغادر سريعا ..نعم سريعا ..وها أنت تركض و تشدّ الخطى ..
تصل إلى أقرب مطعم شعبي ..شعبي يعني شعبي ..تقف عند صاج الفلافل ..تستنشق ما استطعت من بخار الفلافل المتصاعد ..تملأ روحك نشوة ..تنقلب ابتسامتك المقهورة إلى ابتسامة فارهة .. تمدّ خمستك الحمراء ..اريد بدينااااااار ..وهو يعد لك الحبّات المسخوطة يناولك حبّة هي زيادة البيّاع ..لا تتناولها بل تضعها فوق ما اشتريت ..و تغادر إلى المخبز ..تشتري بدينار آخر .. وتركض باتجاه البيت حيث أبناؤك ينتظرون ..
ليس الفلافل لأنها فلافل ..بل أجواؤها..طقوسها ..إحساسك بأنك لست وحيداً وأن ملايين الفقراء و المهمّشين يشعرون ما تشعر به من نشوة ..ليست نشوة سدّ الجوع ؛ بل نشوة اللذة بأنك مع الحبيب ..هذا الذي لا يتخلّى عنك في أحلك الظروف ..
لقد وفّرت ثلاثة دنانير ..و يومك كلّه فلافل من بداية الهزيمة إلى آخر الانتصار ..لقد انتصرت و انتصرت و انتصرت ..وما هزموك ..ألف مبروك.