ماذا تعرف عن زياد المناصير…. الرجل الانسان ؟؟؟

لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وأي ممن عرفوه في مقتبل الشباب ما كان يتصور، أن الفتى الأسمر غض الاهاب وخالي الوفاض، سيتربع بعد بضع سنين على عرش امبراطورية مالية تجاوز المليار ونصف المليار دولار.

أبصر زياد المناصير النور في عمان التي أحب، وترتيبه الثاني بين الأولاد، لعائلة جثم الفقر بكل ثقله على أكتاف رب العائلة الذي كان يعمل سائقاً، يكدح في مناكبها، ليعيل عائلته الكبيرة.

في مقتبل صباه، في حي الخرابشة في المدينة الرياضية، عرف الشقاء وغائلة الفقر، غير أن مقربين منه يجادلون بأن “زياد كان دائم الأمل، جريئاً وذا مزاج يميل الى المرح، عرف باصراره على تحقيق طموحاته الصغيرة”.

تفتحت مواهبه التجارية في مقتبل صباه حين كان طالبا في الإعدادي: “مرة أراد اشخاص حفر أساسات لبناء محل تجاري، فتقدم زياد منهم غير هياب، ترتجف في أعطافه حقيبته المدرسية وحافظة الأقلام والكتب والدفاتر، عارضاً عليهم أن يتولى العمل، وبعد أخذ ورد اقنعهم، واتفقوا معه على مبلغ معين، وحين ذهبوا استأجر عمال مياومة، حفروا الحفرة، وبعد ان دفع لهم اجرتهم، حاز بضعة دنانير قيمة ربحه من صفقته الأولى. ولم يتوان عن المساهمة بالجزء الاكبر منها في مصروف العائلة وشراء حلوى لإخوته الصغار.

تزوج الوالد من سيدة غير أمه وهو ما يزال يحبو في مدارج الصبا، غير أن أجواء العائلة الكبيرة لم تفتقد للحنان، وظل فيها متسع لسخرية من فقر يقعي، ككلب حراسة، على أعتابها.

لطالما شكل الفقر التحدي الأبرز لزياد الذي علمته الحياة أن دخوله في مبارزة معه محكومة بالفشل، ما لم يتسلح بالعلم، وهكذا كان. فقد أنهى دراسة التوجيهي في عمان وشد الرحال الى باكو عاصمة اذربيجان السوفييتية في العام 1986، دارسا لهندسة النفط.

على شاطيء خليج “أبشوران” لطالما تساءل وهو يدخن سجائره بشراهة، عن السر في النجاح، والكيفية التي من الممكن أن يحقق فيها الأمال والطموحات التي تسري سريان الدم في عروقه ويرفع من شأن عائلته، وكثيرأ ما أحس بأن الامواج المتكسرة تحمل سراً، تهمسه في آذان الشاطيء الممتد وصولاً الى ميناء تصدير النفط.

يشرح زميل رافقه في سني دراسته في باكو ، بأن عائلته كانت ترسل له بعض المال ليستعين به على قضاء حوائجه في العامين الأولين، لكنه لم يلبث أن صار يرسل المال القليل الذي يحصله من عمله في “تجارة الشنطة ” اثناء الدراسة، الى العائلة في عمان”.

حين كان يعود من عمان مروراً بتركيا، يشتري ما يستطيع حمله من بنطلونات “الجينز” ومواد التجميل وغيرها، ليبيعها في الاتحاد السوفييتي، لتكون له عونا على الدراسة وتكاليف الحياة.

زواجه الأول نهاية الثمانينات تم من سيدة قيل إنها روسية، ترددت شائعات “أنها سبب ثرائه المفاجئ، فهي تارة ابنة وزير في الحكومة الروسية وتارة أخرى ابنة قائد عسكري أو ابنة أحد زعماء المافيا الروسية” غير أن الحقيقة، بحسب مقربين منه، انها “أرمنية وليست روسية، ومن عائلة متواضعة جداً، وأن زياد كان ينفق عليها وعلى والدتها”.

أثناء سني دراسته التي امتدت للعام 1992، مارس كل انواع التجارة ” الملابس، اللولؤ الصناعي، الكمبيوترات، السجاد” وعقب انهيار الاتحاد السوفييتي وانهائه لدراسته، سافر الى موسكو وفي جعبته بعض المال الذي ادخره من تجارته، وعمل في تجارة الخشب ثم الحديد، ليصل في نهاية المشوار الى البترول.

افترق عن زوجته الأولى عام 2004، وارتبط بسيدة روسية تتحدر من عائلة موسكوية متواضعة جدا.

غير أن الأجواء الروسية وسهوب سيبيريا الباردة التي خاض غمارها لم تنسه وطنه وعائلته، وكان يعود كل بضع سنين من ترحاله الطويل الى عمان زائراً، وفي العام 1999 افتتح معرضاً لتجارة السيارات حمل اسم “لورد كار”.

يقول أحد المدعوين الى حفل افتتاح المعرض ” كان معرضاً متواضعاً، ولم يكن أحد يتصور أن صاحبه سيصير بهذا الغنى”. ويضيف مستذكرا: أشبهه بجبل الثلج الذي يطفو فجأة على الماء ويأخذ بالكبر”.

التحول الكبير في حياته ما زال رهن التكهنات، وربما يظل طويلا. وعلى الرغم من غموض يحيط به، وشائعات كثيرة تتردد، غير أنه لم يفعل شيئا لجلاء ذلك الغموض، وظل معتصما بالصمت إزاءها.

يصفه مقرب بأنه”يستحق أن يمدح، فهو متواضع جداً، طيب الى درجة لا يمكن تصورها، يملك حساً إنسانياً رفيعاً”. ويضيف آخر:أديب ومتواضع الى درجة قاتلة، يتحدث لأي كان أو يستمع له لوقت طويل ثم يعلن عن هويته. ليس لديه سائق ويقود سيارته بنفسه، لا يحب المظاهر أو “الجخة”، ملابسه عادية جدا، من لا يعرفه يخاله موظف درجة عاشرة في مؤسسة حكومية”.

بعد أن “فتح الله عليه”، أنشأ العديد من الاستثمارات في الوطن: معارض سيارات، محطات وقود، مستشفى الاسراء ، مجموعة داماس، مجموعة جومو في الأردن، التي تشمل أنشطتها مجالات متنوعة بدءا بقطاعات المياه والوقود والاتصالات، وصولا إلى مجال التغذية، وغيرها.

في العام 2007 ضمته مجلة إريبيان بزنيس الى قائمة الأثرياء العرب، التي حل بها في المرتبة السابعة بثروة قيمتها 1.5 مليار دولار.

ومن حسه الإنساني، انه أولى عائلته جل اهتمامه، فاشقاؤه يعملون معه، وكذلك الحال بالنسبة لأبناء زوجة أبيه التي كانت متزوجة قبلاً ولديها اولاد. فضلاً عن محافظته على علاقاته القديمة واصدقاء الطفولة والصبا والدراسة.

سر نجاحه إصراره وقدرته على تجاوز اليأس والإحباط، وحرصه وتنظيمه لعمله في نظام «لا يخر منه الماء». تروي شخصية سياسية محاولتها التوسط في قضية إحالة احدى شركات المناصير لمحاسب إلى القضاء بتهمة الاختلاس، كيف أن وساطته رفضت « لأن الشركة تدفع رواتب جيدة للموظفين وترعاهم، وبالتالي تتوقع منهم أن يكونوا على مستوى الأمانة، ونظـام لا يسمح بأي تجاوز».

يمضي زياد معظم أيامه خارج الأردن، في روسيا وعلى الشواطىء الثلجية لسيبيريا، مواصلاً نجاحاته التي فاقت الخيال في مجالات حفر آبار البترول وعطاءات نقل غاز وأنواع مختلفة من التجارة.. وحين يعن له أن يتنفس الصعداء، يكون طريقه جنوباً. ككل الطيور المهاجرة الى الدفء والشمس المشرقة والندى ، تسبقها أحلام الوطن.. وأحلام الأوطان أجمل الأحلام.
ما استجد بعد ان كتبت عن المناصير في “السجل” قبل ستة أعوام، ان استثمارات الرجل في الاردن الى ازدياد، وهو يبني حاليا منزل احلام في دابوق، يضم 108 غرف وفق عارفين بامره، ربما ليتسع لكل احبابه.. لكن احلامه تبقى الى امتداد.

زر الذهاب إلى الأعلى