المفكر محمد المسفر من منبر جامعة العلوم التطبيقية : “حوار الأديان” هدر للزمن العربي وإشغال للأمة!
كرم الإخبارية – تقرير : بثينه تيم السراحين
” حوار الأديان هدر للزمن العربي وعملية إشغال لأمتنا ليس أكثر”.. بهذه الكلمات خلص المفكر العربي الدكتور محمد المسفر إلى تعرية الهدف الحقيقي مما يسمى بحوارات الأديان؛ والتي هي وفق سرده المطول لتاريخها وجذورها ومراميها من قبل الدول المضادة لديننا وثقافتنا ومصالحنا ليست سوى شكل من أشكال الغزو الثقافي والفكري الهادف لسلخنا عن هويتنا العربية والإسلامية.
وكان الدكتور المسفر أسهب في تقديم رؤية شمولية لكينونة “حوار الأديان” خلال إستضافته يوم أمس الإثنين في منتدى جامعة العلوم التطبيقية الخاصة؛ وذلك برعاية دولة رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابده؛ وبإيعاز من رئيس مجلس أمناء الجامعة سعادة الدكتور هيثم أبو خديجه والذي جيّر النشاط الوطني للجامعة لصالح عقد نشاطات وندوات ومؤتمرات فكرية وثقافية ووطنية دورية تسهم في دمج الطلبة والمجتمع المحلي في الهموم والقضايا الوطنية والعربية والإسلامية والتوعية بها عموماً. وهو الأمر الذي علق عليه المسفر مشيداً:” كلكم قامات في بلد نبتت فيها شجرة عالية للعلم، والشكر لهذه الجامعة التي حصلت على أعلى التصنيفات ومكانتكم ستظل إن شاء الله عالية لكلّ ما بذلتموه من مجهود”.
وكان الدكتور المسفر أرجع أصل الحوار في حقيقته إلى زمن الرسول عليه السلام؛ مبيناً: ” هناك نص قرآني (قد سمع الله قول التي تجادلك)، فالإسلام أقرّ الحوار؛ ونبينا عليه السلام حاور الناس من كافة الملل والأديان الأخرى؛ شريطة أن يكون حوارنا نابع من ديننا وثقافتنا ودون إكراه لنا وللآخر أو فرض برامجهم ورؤيتهم علينا”.
وعلى النقيض من المفهوم الإسلامي لأصول الحوار؛ كشف الدكتور المسفر بأنّ “هدف الغرب من إقامة ما يعرف بحوار الأديان لا يستهدف حواراً دينيا فعلياً كما يزعمون؛ بل هو ليس سوى محاولة للوقوف على مكامن ضعفنا ولفرض رؤيتهم السياسية علينا. حيث هذه المؤتمرات التي تدار في منطقتنا العربية لها وجه خفيّ وتديرها أيادٍ خفية، وبالتالي من حقنا نحن كأمة إسلامية أن نجد إجابة عن تساؤلنا حول الهدف منها في ظل فرض أسماء المتحدثين فيها وماهية برامجها وموضوعاتها؛ وكذلك الكلف العالية والثروات الكبيرة التي تهدرعليها تحت شعار حوار الأديان دون أن نعرف نتيجة وفائدة حقيقية منها”.
“نتفحص نوع الحوارات الدينية التي طرحت في أكثر من مؤتمر ديني في منطقتنا العربية لنجد أنها لا علاقة لها بحوار الأديان ولا بمصير الإنسان ولا همومه؛ بل تتصل بأهداف أخرى تتمحور حول التشكيك في ديننا”؛ يقول المسفر مُسهباً ” يثيرون مواضيع مثل تعدد الزوحات في الإسلام وتحريم وتجريم الردة في الإسلام؛ لكنهم رفضوا وبشكل قطعي طروحاتنا لإثارة همومنا في كثير من هذه المؤتمرات مثل مظلمة شعبنا الفلسطيني وأبناء أمتنا الإسلامية من الروهينغا ومسلمي الصين؛ وهم يرفضون رفضاً قاطعا أن نتبنى قضايانا وهمومنا الحقيقية؛ وأذكر ذلك من منطلق معاينة ومعايشة فعلية لمؤتمراتهم هذه”.
” ثمّ أخيراً الإسلام والإرهاب”؛ هذه أكثر المواضيع والعناوين التي تطرحها وما خلفها من المرامي التي تحاول الوصول إليها ما تسمى بحوارات الأديان” في منطقتنا؛ متسائلاً المسفر بتعجب:” أين (داعش) اليوم؟!؛ هي غير موجودة في لبنان ولا غزة ولا مصر؛ أين داعش اليوم والتي جاءت من قبل لتنفيذ أهداف محددة باتت متحققة اليوم؟!؛ وهي إحتلال العراق وتمزيق سوريا؛ وتحطيم المجتمعات العربية كلها؛ ونشر البغضاء والكراهية فيها”.
وبمزيد من الدلائل؛ فنّد الدكتور المسفر الأهداف الأصيلة لحوار الأديان بألسنة القائمين عليه؛ ورجع بالزمن إلى الوراء” أحد قساوستهم قال (حاولنا تغيير دينهم فلم ننجح ولهذا عمدنا إلى سياسة التشكيك به)؛ ومن هنا بدأت مثل هذه المؤتمرات والطروحات والحوارات تثار حول العديد من القضايا الإسلامية؛ وصارت دائرة الشكوك تتوسع وتغزو مجتمعاتنا وتتحول لدى البعض إلى قناعات. وقد جيّروا الإعلام والتعليم في سبيل خدمة أجندتهم هذه عملاً بمقولة شهيرة لأحد قادة الإحتلال البريطاني للهند (إذا أردت أن تهيمن على أمة من الأمم فعليك أن تكسر العمود الفقري لها؛ وهو التعليم). وقد نجحوا بالفعل في هدم التعليم لدينا عبر مؤتمرات ننفق عليها بلا عائد”.
تحت شعار إصلاح التعليم – يستكمل المسفر – ذهبوا بنا نحو كلمة حق يُراد بها باطل؛ فالنتائج لهذه المؤتمرات قد تحققت؛ حيث يريدون منا إهمال رموزنا الدينية والقومية. واليوم مناهجنا التعليمية انسلخت وجُرّدت وأزيلت منها كثير من قضايانا التي كنا نعتني ونتغنى بها؛ فلم تعد تذكر قائداً عربياً أو إسلامياً مؤثراً مثل صلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد وعقبة بن نافع وغيرهم”.
وبناءً على تقدمته الآنفة حول فحوى ومرامي الحوارات الدينية خلص الدكتور المسفر إلى أنّ “الهدف منها سياسي بحت؛ وهي جاءت خدمة للمصالح والأجندة الغربية في المنطقة والتي تحققت بالكامل. والسؤال هنا هل كنا نريد الإنخراط في حوار الأديان لنقربها من بعضها البعض أم خدمة للصهيونية العالمية؛ حيث إسرائيل اليوم تتواجد في منطقتنا وتتوالد وتتكاثر ولها مؤسساتها وأذرعها؛ وتمددها في المنطقة بات جلياً”.
ولكلّ ما سبق؛ حذر المفكر العربي محمد المسفر من أن “حوار الأديان الذي فشل فشلاً ذريعاً في خدمة مصالحنا وأفرز الديانة الإبراهيمية ليس سوى هدر للزمن العربي وعملية إشغال للأمة؛ وأما البديل عنه فهو الحوارات والتفاهمات الوطنية الداخلية؛ والتي تقوم على قاعدة التحاوروالعمل لأجل المصلحة الوطنية الخالصة وبالتماهي مع هويتنا الأصيلة دون تمزيق الأوطان على قاعدة الإختلاف والتي يمكن تذويبها لخدمة الهدف الأشمل نحو بناء الأوطان وصون هويتها”.