لإنقاذ المسجد الأقصى

ياسين سويد*

برغم انقضاء ما يقارب السبعة عقود على قيام الكيان الصهيوني في فلسطين، لا تزال أحلام الصهيونية وأطماعها تهدد الأمة العربية، كما تهدد الإسلام والمسلمين جميعاً، بأطماع يمكن تجسيدها بثلاثة أخطار: الإصرار على يهودية الكيان الصهيوني، وتهويد الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، وتدمير المسجد الأقصى بغية إقامة «هيكل سليمان» حيث يوجد «حائط المبكى» الذي يسميه المسلمون «حائط البراق»، الذي يضم المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة.

تصر إسرائيل على أن يكون كيانها، في فلسطين المحتلة، يهودياً خالصاً، ما يفضي إلى إفراغ الأرض الفلسطينية، من أي عنصر عربي غير يهودي. وقد بدا ذلك واضحاً في تصريحات قادة إسرائيل وخصوصاً رئيس حكومتها نتنياهو الذي لا يرى بداً من قيام «إسرائيل اليهودية». وعندها، لا بد أن نشهد نزوحاً جديداً للعرب الفلسطينيين من أرضهم وديارهم الفلسطينية، حيث يهيمون، كلاجئين، في ديار العرب الغافلين عن مصير أهلهم وأرضهم وديارهم.

تشير الصحف العربية والأجنبية، يومياً، إلى ما تقوم به إسرائيل من بناء للمستوطنات في الضفة الغربية لنهر الأردن، من فلسطين، وفي القدس الشرقية، وهي التي يجب أن تكون جزءاً من الدولة الفلسطينية المزمع إقامتها، دولياً. لقد أعلن مارتن انديك الموفد الأميركي الخاص لمفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، أن إسرائيل وضعت خططاً لبناء «نحو ثمانية آلاف منزل في أراضٍ يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقلة عليها»، كما أعلنت إسرائيل نفسها، إضافة إلى ذلك، عن «مناقصات لبناء 4800 وحدة سكنية في الأراضي المحتلة»، وهو ما يؤكد إصرار إسرائيل على امتلاكها للأراضي التي تحتلها في فلسطين، بما فيها القدس الشرقية.

إن الأطماع التوسعية لدى إسرائيل لا تقتصر على الكيان الذي أقامته بعد احتلالها فلسطين العام 1948، بل تتعداه إلى ما هو أكبر وأخطر، خصوصاً أنها محاطة بدويلات عربية أرادها الاستعمار الغربي، منذ أن أنشأها، ضعيفة ومستضعفة.

إن العرب جميعاً، على اختلاف دياناتهم وطوائفهم، والمسلمين عموماً، في أصقاع الأرض كافة، معنيون بالتنبه للأخطار الصهيونية الثابتة والمؤكدة، سواء على وجودهم أو على مقدساتهم، في البلدان العربية عموماً، وفي فلسطين خصوصاً. وليس الخطر الصهيوني على كنيسة القيامة، في القدس الشريف، بأقل منه على المسجد الأقصى، فكلاهما في دائرة الكراهية الصهيونية لسائر الشعوب والأعراف والأديان. إلا أن حرص إسرائيل على عدم إظهار العداء، لمسيحيي الغرب خصوصاً، في ظروف هي بأمسّ الحاجة إليهم في صراعها مع العرب، يدفعها لأن تتحاشى إيقاع الضرر برموزهم الدينية في أشكالها كافة. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن، في هذا المجال: كيف نبادر إلى تلافي هذا الخطر؟

إنه لمن المؤسف والمخزي أن يلقي العرب والمسلمون، في سائر أقطار الدنيا، مهمة الدفاع عن الأقصى، على عاتق الشعب الفلسطيني المقيم في أرضه بالقدس، حيث يتعرض هذا الشعب لاضطهاد اليهود، كلما حاول، أفراداً أو جماعات، التوجه نحو المسجد الأقصى، بينما يظل باقي العرب والمسلمين في سائر الأقطار يتفرجون.

ولتلافي ذلك الخطر الداهم والممكن والمتوقع، دوماً، من قبل اليهود المحتلين والمغتصبين لأرض فلسطين، بما في ذلك القدس الشريف، نرى من الواجب والضروري أن يجري الإعداد لمواجهة حاسمة مع العدو الصهيوني في حال إظهار عزمه على تدمير المسجد الأقصى، على أن تكون المواجهة عربية وإسلامية عالمية شاملة، ولا يمكن ان تكون المواجهة نافذة وفعالة إلا بإنشاء حركة إسلامية عربية وعالمية شاملة للدفاع عن الأقصى، تشرع أبوابها لكل المؤمنين بالحق العربي في فلسطين، إلى أية ديانة انتموا، وتهدف إلى ترسيخ قواعد المقاومة ضد العدو الصهيوني تحسباً لعدوانه على المسجد الأقصى أساساً، ثم على ما في فلسطين المحتلة، والقدس خصوصاً، من معابد غير يهودية.

تنشأ هذه الحركة في بيروت، وتعلن في مؤتمر صحافي يشرح ماهيتها وغاياتها وأهدافها، ويدعى المؤمنون للانضمام إليها، كما تنشر في كل أنحاء العالم المسيحي والإسلامي، وذلك بعد حصول القيمين عليها على «العلم والخبر» اللازم لنشرها وتعميمها.

ويسعى المؤمنون بهذه الحركة إلى الاتصال بباقي الحركات المماثلة، في العالم، والتقارب معها، وإقامة علاقات ود وعمل مشترك، في سبيل الهدف الأسمى، وهو المحافظة على الرموز التي قامت تلك الحركة لأجل صيانتها واحترامها، ومنع أي اعتداء عليها.

*نقلا عن السفير اللبنانية

زر الذهاب إلى الأعلى