أكاذيب الحرب على السنة

د. موفق محادين

 

تنطلق بعض الأصوات من حالات محددة لتصوير ما يجري منذ اندلاع الفوضى الطائفية الهدامة، كما لو أنها حرب ضد أهل السنة تقوم بها جيوش ومليشيات طائفية.

واذا كان المثال العراقي ملتبسا بصورة أو بأخرى، فماذا يجري في الغالبية الأعم من البلدان العربية.

-1- في مصر، فإن الغالبية الساحقة من الحكم والمعارضة من أهل السنة، بل إن الأقباط يأخذون على كل الحقب التي توالت على مصر من الملك فاروق إلى عبد الناصر إلى السادات ومبارك ومحمد مرسي والسيسي، تهميش دور الأقباط في الجيش والسلطة.

-2- وفي تونس فإن 99 % من سكانها من أهل السنة ولم يتورط جيشها في أية عمليات قمع خلال ثورتها على زين العابدين، بل إنه حمى هذه الثورة وتعرض جنوده للقتل والاختطاف وقطع الرؤوس.

وكذلك الحال في الجزائر وموريتانيا والسودان.

-3- فيما يخص اليمن، حيث يشار إلى الحوثيين وصدامهم مع الجيش يتناسى الذين يغمزون من ذلك أكثر من نقطة، أولها أن تنظيم القاعدة هو أول من اصطدم مع الجيش الذي كان ولا يزال تحت سيطرة عسكريين مقربين من الرياض السنية.

وثاني هذه المعطيات إن أهل السنة (الأقحاح) في اليمن، يوجدون في جنوبه، حيث سيطرت جماعات اشتراكية عليه منذ استقلاله وحتى ذهابه إلى الوحدة مع الشمال، وأن أي استفتاء محايد في الجنوب يصب في خدمة الحزب الاشتراكي.

أما ثالث هذه المعطيات، فهي أن الغالبية الساحقة من سكان الشمال زيدية وكانت الإمامة الزيدية الحليف الأساسي للسعودية ضد ثورة الجيش الناصرية، وكما تحول قسم منهم لاحقا إلى التحالف مع إيران، فإن القسم الآخر انضم إلى حزب الإصلاح (الإخواني).

-4- واذا أخذنا حالات إشكالية محددة مثل سورية ولبنان، فإن الغالبية الساحقة من ضباط وجنود الجيش السوري هم من أهل السنة.

وحسب ما جاء في كتاب أمريكي عن الجيوش والأعراق، فقد استمد الأسد الأب سلطته وشرعيته من دعم الضباط السنة واتحاد الغرف التجارية الذي يسيطر عليه (أهل السنة) لمواجهة واقصاء خصومه من العلويين والسنة على حد سواء (الأتاسي وزعين وصلاح جديد) وظلت المجموعة العسكرية الأولى ذات طابع سني (طلاس، ناجي جميل، حكمت الشهابي) وعدد أقل من العلويين (علي حيدر وعلي دوبا وشقيقه رفعت الأسد).

ولم تتغير المعادلة كثيرا مع مجيء الأسد الابن، بل إن قيادة الجيش السوري تكاد تكون حكرا على أهل السنة.

تشير التقديرات حول عدد شهداء الجيش السوري في المواجهات الداخلية منذ اندلاع الأزمة إلى أن البادية وريف حمص وحوران تشكل النسبة الأولى تليها محافظة طرطوس ذات الأغلبية العلوية التي سجلت أعلى نسبة شهداء في حرب تشرين 1973.

أما لبنان وبخلاف ما تروجه جماعة 14 آذار عن سيطرة حزب الله على الجيش اللبناني فإن قيادة الجيش قيادة مارونية وفق الكوتا الطائفية المعروفة كما تظهر المؤشرات أن غالبية شهداء الجيش في المواجهات مع الجماعات التكفيرية من أهل طرابس (السنية) ولا سيما من منطقة عكار

 

زر الذهاب إلى الأعلى