رجل الأعمال حسين حجازين : طاقة الشباب تتفوق على خبرة الشيّاب

* تعلم من والده الراحل أنّ الشيء الذي تخافه لن تقترفه يداك أبدأ.. وعنهُ يُخبرنا”كان مُثيراً للفرح والمحبة في قلوب كل من عرفوه”


* البيئة التربوية من وجهة نظره ليست شرطاً لنبوغ الإنسان وإبداعه وإنما هي جينات الإنسان وخصائصه النفسية


*عمل خلال دراسته الجامعية مسوّقاً لشركة سياحية.. وفور تخرّجه باشر عمله مديراً لها ومسؤولاً عن (150) موظفاً!


* منذ صغره برزت فيه ملامح القياديّة والعصامية.. ويُباهي ” طيلة حياتي لم يتخذ انسان قراراً يخصني نيابة عني”


* خلال عشرة سنوات من عمله مديراً لشركة سياحية ارتقى بها من الظلّ إلى واحدة من أشد المنافسات لمثيلاتها في السوق


*تخلى عن عمله مديراّ لشركة لينتقل إلى أخرى بنصف الراتب .. فقط لإكتساب المزيد من الخبرات والمعرفة!


*لم يتقدم بطلب توظيف واحد في حياته .. وسرّ جذبه لأرباب العمل يكمُن في مهاراته الإستثنائية في التواصل وبناء العلاقات


* حاربوه بشراسه .. لكنه كان ناجحاً في زراعة الثقة به في نفوس أصحاب العمل.. وشعاره ” كل إنسان يحصد ما زرعهُ”


* بدأ مشروعه الشخصي وشريكه من (الجيبة الفاضية) ومهارتهما في الإدارة وإعتمادهما المركزية في العمل سرّ نجاحهما


* ليس مادياً .. ويكشف” لم (أنجلط) حين خسرت تحويشة ثماني سنوات في عملية نصب وإحتيال فأنا لستُ (عبّيداً) للمال”


* يعزف عن الزواج حتى يحقق حلم والده الذي لم يكتمل بعد..والحياة من وجهة نظره ملخصها ” ما بدأناه بالشقاء سننهيه في الشقاء”!

 

كرم الإخبارية – خاص – بثينه السراحين


يمتلك مقدرة هائلة على تجاوز الزمن واختصاره نحو نهل معرفة تراكمية وخبرات حياتيّة وعمليّة لا تجدها إلا في جعبة أهل المشيب ممّن خاضوا العراك الطويل مع دنيا الشقاء والفناء.

وما كان رجل الأعمال الشاب حسين حجازين ( مواليد 1982م) ليسبر أغوار الحكمة مبكراً لولا تلك النشأة التي حباهُ بها الربّ في كنف والد حكيم عنه يقول ” تعلمت منهُ أنّ الشيء الذي تخافه لن تفترفه يداك أبداً”.

والشيء الذي حرصَ والدهُ، ممّن رحلَ عنا في العام 2008م، على تمكينه من معرفته أيضا هو أن “الجرأة في قول الحق مجازفة كبيرة في مجتمع تتفشى فيه الأكاذيب ومحاولة تغييب الحقائق خدمة للذاتيّة والفرديّة”.

ويعلق حسين” حين غاب عني الوالد أبدياً ترك فيّ أثراً عميقا، فالإنسان المُحسن لا يرحل وحده، ولا يشكل خسارة فرديّة، بل ترحل معه أفعاله الخيّرة وصنيعه الطيب،، كان مُثيراً للمحبة والفرح والعطاء في أوساط كل من عرفهم، يتفانى في خدمة الآخرين على حساب نفسه، ولمّا رحل كادت تذهب معه هذه الأفعال الطيبة لولا أنّه أورثني وأشقائي إياها،، كانت إرثاً كبيرا إغتنينا به وتسلحنا به في كافة تفاصيل حياتنا اليومية”.

ومع أنّه لم يكن بكراً لوالديه،، كما لم يكن طفلاً مدللاً حالهُ وأشقاؤه الثلاثة إلا أن حسين يظهر تميزاً ملحوظا عنهم في خصائصه لجهة احتراف فنّ الحياة، وذلك على الرغم من أنّه نشأ وإيّاهم في ذات البيئة والظروف،، ويعلق” ليس شرطاً أن يكون سبب تميز إنسان وتفوقه حياتياً عن أشقائه دلالة على التمييز في معاملته،، ربما هي جينات الإنسان وخصائصه الفرديّة هي من تلعب دورا هاماً لجهة تميّزه عن الآخرين”.

وعن سماته طفلاً يقول:” كنت قيادياً بين أقراني، ولا أذكر منذ تشكل وعيي وحتى لحظتنا هذه أنه اتخذ أي شخص قراراً يخصني نيابة عني، في حين تبلورت شخصيتي مُبكراً نحو نزعتي لحبّ الناس والإنفتاح على المجتمع، كنت محبوباً من الجيران في حي الأشرفيّة الذي كان عبارة عن خلطة عجيبة من العيش المشترك والتكاتف والتآخي بين سكانه المسلمين والمسيحيين،، حتى أنني شخصياً أمثل تجسيدا حقيقياً لهذه الحالة السامية من التعايش فأنا مسيحي أحمل إسماً إسلامياً”.

ومن بين الصفات التي ظهرت مبكراً في شخص حسين هي الفطنة الشديدة وميله للإعتماد على ذاته، والتي تطورت لحالة من العصاميّة لشاب ينتمي لعائلة ميسورة ووالدهُ يعمل مديراً في مؤسسة حكومية حيوية،، وما أدلّ على ذلك من كونه تقلد منصب مدير لشركة سياحية فورا تخرجه من الجامعة،، ويوضح” كنت أعمل بها إبّان دراستي للمحاسبة في جامعة فيلادلفيا، وما أن تسلمت شهادتي حتى عُيّنت مديراً لها ومسؤولاً عن (150) موظفاً فيها”.

والغرابة هنا تكمن في كيفية إعطاء الشباب هذه الدرجة من الثقة من قبل مالك الشركة ،، فالمستثمرون قلما يغامرون بتنصيب الشباب في مواقع قيادية بحجة نقص الخبرات،، ويفسر حسين الأمر” صحيحٌ أننا كحديثي تخرّج قد نفتقر للخبرة،، لكننا نتسلح بحماس الشباب، وهذا وحده كان كافياً لإنجاحي في تقديم أداء متميز في العمل كموظف عادي في الشركة، ما حفّز صاحبها لاحقاً على تمكيني من قيادة دفة العمل فيها برمته”.

ويرى حسين أنّ كافة المقوّمات الشخصية التي يتمتع بها من الذكاء الحادّ والعصاميّة والجَلد على العمل والإجتهاد به لم تكن مؤثرة في شيء لجهة إنجاحه لولا كونه شخصاً مثقفاً،، ويزيد” للأسف قد نكون من أكثر دول العالم العربي تصديراً لحملة الشهادات الجامعية،، ولكننا قد نكون من أفقر دول العالم في نهل الثقافة بمعناها الحقيقي،، وكثيراً ما أُتفاجأ لدى تحدّثي لخريجيّ جامعات بدرجة تفوّق لكونهم على درجة عالية من السطحية واضمحلال الثقافة،، وهذه واحدة من أخطر الظواهر السلبية في مجتمعنا”.

وخلال عشرة أعوام من إدارته لشركة السياحة نجح حسين بتطوير عمل الشركة والإرتقاء بها من شركة مغمورة إلى شركة معروفة ولها إسم ينافس مثيلاتها في السوق،، ومع كل هذا النجاح إلا أنّه فضّل تخليه عن إدارته لها بمحض إرادته، وذلك على الرغم من أنّه كان يتقاضى راتباً خيالياً لشاب في سنّه، وآثر العمل مديراً لشركة أخرى وبراتب يُقدّر بنحو نصف راتبه في الشركة التي كان قد إستقال منها في سبيل العمل في مجال الشحن، وما كان دافعهُ لذلك سوى شغفه بحبّ المغامرة وتطوير الذات وتنويع الخبرات العملية.

وحول كيفية إنتقاله للعمل في إدارة شركة الشحن، يخبرنا حسين عن أنّ مهاراته في التواصل وبناء العلاقات كانت وراء نجاحه في الحصول على هذه الوظيفة ،، مشدداً ” لم أقدّم في حياتي طلباً للتوظيف،، ولو أردتّ الجلوس في المنزل لأنهالت عليّ عروض العمل،، وبرأيي المتواضع أنه لا يوجد شيء في الدنيا إسمه إنعدام فرص العمل، بل يوجد إنسان لديه مهارة في جذب فرص عديدة منه، وإنسان آخر لا تسمح له مؤهلاته المتواضعة حتى بالحصول على وظيفة عادية، هذا رأيي بتجرد الذي أطرحه كلما أتى ذكر أنّ بلدنا يضمّ مئات الشباب العاطلين عن العمل ويعانون البطالة، في حين أعتقد أنّ كثيرين منهم كانوا سيخلقون فرصة عمل ممتازة لو تسلحوا بالإرادة والمهارة الكافيتين”.

وتقلد حسين لمناصب قيادية لم يخلو من المصاعب والتي كانت تتصدرها المكائد والتحريض ضده لدى صاحب العمل،، ويبين” حاربوني بشراسة،، ذلك أنّه مَنْ كان يكبُرني سناً كان يعتقد بأنه الأحقّ مني بتقلد منصبي متذرّعاً بالأقدميّة، علماً بأنه قد تجد شخصاً ما يظل بلا ترقية تُذكر منذ بداية عمله حتى نهاية خدمته فيه، في المقابل قد يقفز آخر وفي زمن قياسي لدرجات وترقيات وظيفيّة عطفاً على قاعدة أؤمن بها شخصاً؛ ألا وهي أنّ كل شخص يحصد ما يزرع، وهذه حال الدنيا إجمالاً ولا تنطبق على مجالات العمل فقط،، ولأنني كنت ناجحاً في زراعة الثقة بي في نفس أصحاب العمل لم تفلح المكائد في النيل مني يوماً، وعلى النقيض من ذلك قام أحدهم بفصل شقيقه من العمل بسبب مواصلته تحريضه ضدي دون وجه حق، وفي النهاية الحسابات العملية لا تحتمل في شكلها الناجح سوى الأخذ بالناتج والأرباح، وليس العواطف والأقاويل وما إليها”.

ونظير تعرّضه للمكائد من بعض موظفيه في أعماله السابقة، كان لحسين حصّة كبيرة من محبّة موظفين آخرين لديه وهم بالمناسبة كُثر،، ويباهي باسماً ” شخصياً لا أجد صعوبة في إنتقاء موظفين يُدركون آليّتي في العمل ووسيلتي لإنجاحه، لأنني ببساطة صرتُ كلما تنقّلت من عملٍ لآخر أصطحب معي الكادر البشري الموجود في العمل السابق، وهذا ما حصل معي حين قررت أخيراً إنشاء مشروعي الشخصي مع شريك لي وهي شركة (نور عمان للتطوير العقاري)، وقد بدأنا مشروعنا هذا من (الجيبة الفاضية)، ولم نكن مسلحين بالمال بقدر ما تسلحنا بقوة الإرادة و بالمعرفة والخبرة والقدرة على المنافسة في سوق يمتاز بأنه لا يمكن لأي شخص خوض غمار العمل فيه دون خبرة سابقة ومعرفة وثيقة بآلياته، وكان إختيارنا لهذا القطاع تحديداً لأسباب تتعلق بأنّه الأكثر رواجاً ونجاحاً بين القطاعات الأخرى في البلد حالياً”.

ويكشف حسين سرّ نجاحه وشريكه في إدارة شركتهما ،، ” نحن لا نتّكل على الموظفين، ونؤمن بالمركزيّة في العمل والإشراف عليه مباشرة وبشكل شخصي. وهذا على صعيد الإدارة الداخلية للعمل. ومن جانب آخر نجعل من العمل دون الإلتفات للمنافسة من الشركات المماثلة، ودون إعارة الخصوم أي إهتمام وسيلة أخرى للسير بخطى ثابتة نحو التطوير، ذلك أنّ الإلتفات للأمور الثانوية يعتبر أكثر الأمور إفشالاً لأي مشروع يُرتجى منه النجاح والمنفعة”.

وبعيداً عن عالم الأعمال والمال، وفي تناوله لأكثر ما يؤرقه على صعيد وطني يُظهر حسين ألماً ممّا أسماه ” بالفساد الأخلاقي الذي هو أخطر من الفساد السياسي، ممّن نسلط الضوء عليه وحده في حين نتجاهل أنّ أبشع أوجه الفساد لدينا هو تنامي ظاهرة الجهل بحقوق الآخرين والإغراق في الذاتية وتفسخ العلاقات لدرجة أن غياب الحوار الأسري بات سيد الموقف في بلد تتنامى فيه أيضاً ظاهرة العنف الأسري وبما يفرز جرائم طارئة وشاذة عن قيم آباءنا وأجدادنا، وهي الجرائم العائلية،، وعموماً أقول أننا لن نتخلص من الفساد السياسي قبل أن نتعلم كيفية احترام بعضنا في الطرقات والأماكن العامة،، ولهذا أظلّ في حالة خوف وقلق دائمين على شعبي من الجهل الذي يستشري فينا،، هي حالة جهل بما نريد يشوبها جهل آخر بآليات تحقيق هذه الإرادة،، وبإختصار أقول أن عدوّنا يكمنُ في دواخلنا وذواتنا”.

وعلى الصعيد الشخصي، لا تقتصر أحلام حسين على العمل في سبيل جني المال طلباً للمال بحدّ ذاته بدليل ما يذكره “في فترة ما ضيّعت تحويشة عملي لثماني سنوات وقيمتها مبلغاً مالياً ضخماً خسرته في عملية نصب وإحتيال، إلا أنني لم ( أنجلط) كما حصل مع كثيرين خسروا ثرواتهم، وذلك لأنني ببساطة لستُ (عبّيداً) للمال”.

بينما يسعى حسين في حقيقة الأمر للعمل من أجل تطوير ذاته وتحقيق وجوده كعنصر فعال وبنّاء في مجتمعه ووطنه الذي ينتمي إليه أشدّ إنتماء،، وها هو يسعى من خلال كل ذلك العمل أيضاً لتحقيق حلم لم يكتمل لوالده الراحل،، حيث يقول:” أحلم ببناء منزل كبير لعائلتي الممتدّة ،، منزلٌ يتسع لوالدتي وأشقائي وعوائلهم، ويتسع لي بعدها مع أسرتي التي لا أفكر بتكوينها قبيل تحقيق آخر أمنيات والدي الحبيب”.

ولا يغفل الشاب حسين حجازين عن التذكير بأنّ سرّ سكينته وإستقراره النفسي ينبُعان من قناعته التي يلخّصها بالإشارة إلى أنّ  “الحياة نبدأها بالشقاء ونُنهيها بالشقاء”، فهذا ما كتبه الله علينا ورضينا بقدره عباداً مؤمنين قانعين بما أوتينا من عنده، وكما جاء في القرآن الكريم (خلقنا الإنسان في كبد)، وفي الإنجيل المقدس (تعالوا إليّ يا جميع المُتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحُكم)، ولهذا فإنّ الرضى ينبُع من إدراكنا بأنّ الحياة لم تكن يوماً سوى رحلة من العذابات تقصُر أو تطول وفق مشيئة الله”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى