الحاج توفيق: أرقام التبادل العربي «خجولة»
لا يمكنك مقابلة أو الالتقاء بشخصية أردنية وعربية من وزن خليل الحاج توفيق بالصدفة أو بترتيب مسبق وفي عمان أو غيرها من العواصم العربية، إلا وتشتبك معه في التبشير بضرورة الاستثمار بالفرص العربية الاقتصادية عموما والتجارية بشكل خاص ضمن رؤية منهجية متكاملة تستند إلى الرقم والوقائع ثم الحقائق ويمكن طرحها بدون تكلفة أو مراوغة أو لف ودوران.
صعب جدا على أي متحدث مع رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق تجنب مصادفته وهو يعلن بأن التكامل الاقتصادي العربي ضرورة قومية ووطنية ومحلية ملحة الآن وليس مجرد فكرة يمكن الاسترخاء بطرحها بعيدا عن نطاق النقاش لأسباب سياسية أو غير سياسية.
صعب جدا بالمقابل الإصغاء لكبير مؤسسات التمثيل التجاري الأردنية بدون مصافحة مقترحاته المتفائلة والتي ترفع المعنويات وتبث الإيجابية الاقتصادية حصرا وتدخل في حيز الامكانية كما يصفها ليس فقط على صعيد التبادل التجاري العربي فهو ضرورة ومن الأولويات الآن، ولكن على صعيد مغادرة منطقة لعن الظلام والشكوى والتضجر باتجاه إشعال شموع العمل والانصراف لبذل الجهد والقيام بواجب المبادرة على أساس الحصافة في توظيف الامكانات الموجودة لا بل الالتزام أخلاقيا ووطنيا بسلسلة الاحتياجات على المستوى العربي.
التعافي وتحول الأزمة إلى فرصة
يتحدث الحاج توفيق دوما وبانسياب واثق عبر عبارات منضبطة يحسدها عليه كثيرون، عن الارتقاء إلى مستوى الفعل في التأطير بدلا من التنظير عندما يتعلق الأمر بملف الأمن الغذائي العربي.
ويسهب في الشرح والتفصيل لرؤيته التي يناقش ويخابر بها كل الزملاء في الغرف التجارية العربية والقطاعات الخاصة تحت عناوين الاستثمار في الأزمة خصوصا مرحلة ما بعد فيروس كورونا وتحويلها إلى فرصة.
وهو الخطاب الذي تبناه طوال الوقت عندما انشغلت الكرة الأرضية بفيروس كورونا والإشكالات التي نتجت عنه، فيما انشغلت القطاعات العامة والخاصة بالتداعي والنتيجة بما يسميه خطاب الاقتصاديين بالتعافي.
خريطة التعافي التي يقترحها وينصح بها الحاج توفيق مسؤولي حكومة بلاده وأيضا من يلتقيهم في عواصم العرب من المسؤولين ووزراء التجارة والصناعة العرب والأجانب والإقليميين ورجال الأعمال وممثلي قطاع التجارة والقطاع الخاص لها دروب مضاءة الآن.
ومنسوب الاجتهاد في طرح الرجل الذي التقته «القدس العربي» في نقاش طال تحديات التجارة العربية من منظور عملي وملفات أخرى يسير وفقا لحزمة «عملياتية» ناظمة ورؤية ناضجة وواقعية ولا خلاف عليها.
بالتالي يختصر الحاج توفيق النقاش والجدل والتجاذب بعبارته التي يرددها دوما بعنوان «المطلوب وفورا منا جميعا الانصراف إلى العمل والقيام بالواجب وترك التردد والتمسك بالكلاسيكيات التي افترض كثيرون انها إعاقات».
هنا تسأل «القدس العربي» الحاج توفيق عن آماله في الوحدة الاقتصادية العربية وكثرة التطرق لها في الاجتماعات والمنابر؟
ويجيب الحاج توفيق: الوحدة الاقتصادية العربية لم تعد خيارا. أعتقد أصبحت مطلبا ملحا وضروريا في هذا التوقيت الذي يشهد فيه العالم تكتلات اقتصادية وتحولات سواء في المناخ أو في أسعار الفائدة أو أسعار النفط التي تواصل الارتفاع وترفع معها نسبة البطالة.
هي أيضا ليست خيارا في ظل الحاجة للأمن الغذائي والتحول الرقمي ورواج التجارة الإلكترونية.
كل هذا التطور في العالم يجب ان تواكبه مبادرات تكتل وتجمع عربية وأخرى إقليمية عربية، لأن عكس التكامل والوحدة الاقتصادية يعني الاستمرار في نزيف الكلف وعلى الجميع مغادرة معادلات التعافي.
لذلك نعم أقولها بكل وضوح: إذا أردنا التعافي حقا فالدرب واضح ومحدد.
○ هل تتصور أن لدينا إمكانيات وميكانزمات التكامل والوحدة على المستوى العربي؟
• أرجو ان ننتبه معا إلى مصاعب وسلبيات طرح تساؤلات تشكيكية جوهرها متأثر أحيانا بالأجندات السياسية وتلك خطوة برأيي مهمة ومحورية في إعادة تمركز النقاش والبحث عن المشتركات وقراءة الواقع الاقتصادي العربي.
○ ضروري ان نقرأ معا تلك الوقائع والامكانات؟
• الوطن العربي غني اليوم بالموارد البشرية والطبيعية ونحن نتحدث عن آمالنا في التكامل العربي وزيادة التبادل علينا أن نتوقف عند رقم «خجول» لم يتجاوز 12 في المئة في التبادل التجاري البيني العربي.
عندما نتحدث عن الوحدة العربية لا مجال للاستمرار في القبول بهذا الرقم الخجول وعند المقايسة والمقارنة تظهر وقائع وحقائق، فالدول العربية من «أغنى دول العالم» بالنفط الخام وبين ظهرانينا كعرب نحو 55 في المئة من حجم البترول الخام في العالم.
ولدينا عنصر عدد السكان وتأثيره في التأثير على سوق استهلاكية كبيرة قد يقترب من 400 مليون نسمة ناهيك عن المقيمين في الوطن العربي وعددهم بالملايين أيضا.
وبالتالي السوق العربي الواحد يشكل قوة اقتصادية استهلاكية يمكن أن تشكل المدخل الأهم للوحدة الاقتصادية.
○ كيف تقترح أن يتم ذلك برأيك؟
• من خلال إحلال الاستيراد من دول عربية بداية بدلا من الاستيراد الأجنبي وعلى أساس تدعيم عملية منهجية من هذا الصنف بواسطة منصة موحدة على المستوى العربي تعرض فيها المنتجات سواء أكانت صناعية ومدخلات إنتاجية أو حتى استهلاكية.
مثلا تلك المنصة ينبغي أن يبدأ التاجر أو الصناعي الأردني بالاستيراد منها وبسهولة ويسر وبكلف معقولة وتسعير منافس، وتلك معادلة ليست صعبة ولا معقدة ولا تخترع الصاروخ أو العجلة.
وفي حال الحاجة لمواد أولية أو خام أو جاهزة أو حتى زراعية توفر المنصة المنتج لتعزيز البديل البيني العربي بصيغة يستفيد منها الجميع بالنتيجة.
فوق ذلك الوطن العربي غني بالمساحات الصالحة للزراعة.
والأمر بمعنى تلك الحقيقة يشكل واجبا في التعاطي معه أو يؤسس لحافز يخدم على الأمن الغذائي العربي من خلال استغلال أفضل الموارد المائية والأراضي والقوى البشرية.
والمال أيضا موجود بوفرة في عدد من الدول العربية.
وعليه نبدأ بالمنصة المشار إليها وننتهي بتوفير امكانية واقعية ومنتجة لـ«التبادل الاستثماري» الأمر الذي يعني رفع نسبة التبادل التجاري العربي البيني.
بهذه الآلية وبشكل عمومي يتحول العالم العربي إلى «قوة اقتصادية» بحيث نبدأ عمليا بمعالجة «القنبلة الأهم» وهي البطالة التي تعاني منها بعض الدول العربية بنسب متفاوتة عبر إنتاج فرص عمل وتشغيل الشباب.
○ ألا يمس هذا النمط من المبادرات مصالح وخصوصيات بعض الدول؟
• من حق أي دولة عربية ان تضع رؤية اقتصادية تناسب وضعها وامكاناتها ورؤيتها وتطلعاتها وآمالها.
لكن هذه الآمال يمكن أن تتحقق بسرعة أو بصورة أفضل إذا ما توفرت أرضية تكامل عربي وتصبح أولوية في إعادة البناء والاستثمار في التشغيل للوطن العربي فيما بينه.
على الصعيد الاستثماري يمكن إنشاء منصة استثمار عربية موحدة توضع فيها جميع المشاريع والرؤى الاقتصادية ويتم تشكيل الهيئة العربية للاستثمار التي تستطيع الربط بين هذه المشاريع لتتضح نقاط القوة وسلم الاحتياجات لكل دولة عربية ثم التشبيك منهجيا وعلميا وتبادل المنافع بصيغة تطبق مقولة «الاستثمار بالأيدي والعقول والأموال العربية».
○ هل تتوفر الخبرات الأساسية بالسياق؟
• لا مانع من الاستعانة بخبرات أجنبية في مجالات محددة لفترة معينة.
لاحقا يمكن أن ننقل خبرات أجنبية لتعليم شبابنا وبناء جيل قادر على مواكبة التطور رغم أن شبابنا مؤهل لكن بعض القطاعات يمكن فيما يخص التكنولوجيا وصناعة السيارات وغيره يمكن أن تبرز حاجة في البداية للاستعانة بخبرات أجنبية، لا ضير في ذلك وهو جزء من خطة الاستثمار.
الأمن الغذائي
عمليا يتكئ خليل الحاج توفيق على تجربة ممتدة منذ سنوات طويلة وخبرة مباشرة بمضمون ومنطوق القطاع التجاري بدأت مع تمثيله الاختصاصي باعتباره نقيبا لتجار المواد الغذائية قبل انتخابه لدورتين رئيسا لغرفة العاصمة عمان التجارية ثم فوزه بانتخابات رئاسة غرفة الأردن التجارية.
لذلك يبدو مهتما إلى أبعد الحدود بالقيام بواجباته في نطاق هذا الإطار التمثيلي بما يخدم ما يعتبره شفافية ومصارحة وكلمات طيبة إيجابية تنبني على المنجزات ولا تقف عند حدود الخطاب السلبي أو الانتقائية في التعبير عن المشكلات والتحديات.
وطالما شاهد الأردنيون لسنوات طويلة على شاشات الفضائيات ممثل التجار أو كبيرهم كما يوصف وسط الإعلاميين وأعضاء البرلمان، مشتبكا بتفاصيل العملية الواقعية تجاريا، فهو يتحدث باسم زملائه التجار ويبشر طوال الوقت بضرورة الاهتمام بالأمن الغذائي وإظهار جاهزية كبيرة ليس على المستوى الوطني الأردني فقط.
نقل الحاج توفيق أفكاره بخصوص الأمن الغذائي إلى اجتماعات ولقاءات القمم والمشاورات المرتبطة بالغرف التجارية العربية وحتى بالغرف المشتركة بين الجانب العربي وبعض الدول الأوروبية الهامة.
طوال الوقت يظهر الحاج توفيق قريبا من قلوب الأردنيين ويعرف بمصارحته في القضايا الفنية التي تدخل في نطاق ولايته واختصاصه وجرأته في التحدث عن المعطيات والوقائع كما هي.
وليس سرا أن الحاج توفيق معني بحماس في التخطيط الإستراتيجي لملف الأمن الغذائي وفي الحديث عن الوحدة التجارية العربية وفي الإكثار من التقدم باقتراحات شفوية وخطابية وأخرى مكتوبة في كل الاجتماعات الإقليمية والعربية وتلك ذات الصبغة الدولية تحت عنوان السعي لتحقيق الوحدة التجارية العربية على الأقل، والتي يعتبرها ليست حلما ولا شعارا رومانسيا بل مشروعا قابلا للتحقق ويمكن بعد إظهار حسن النوايا والتفكير في المعطيات وتذليل العقبات وتسهيل الإجراءات، الانتقال بهذه الوحدة إلى خريطة الطريق على أرض الواقع بدلا من الوقوف عند انشائيات المعيقات.
يميل ضيف «القدس العربي» للتحدث بدون مجاملات وعدم تعليق التقصير والإخفاق على شماعة «المسار السياسي» وبالأرقام والوقائع ملمحا إلى أن الاختلاف في السياسة والتموقع السياسي يمكنه إظهار وجود تباين في شكل وهوية وملامح الخطط الاقتصادية لكن ليس من الصنف الذي ينبغي السماح له بإعاقة مسيرة المشاريع الاقتصادية الكبرى على أساس مفصل المصالح وتأثيرها.
○ هل يمكن اتهامك بالإفراط في التفاؤل وأنت تركز في كل خطاباتك على تحقيق الوحدة التجارية العربية؟
• في عمق تجربة التبادل التجاري لا أرى إطلاقا ما يمنع من تحقيق الوحدة التجارية العربية على الأقل، وقناعتي هنا بضمير مرتاح أن إنجاز تلك الوحدة لم يعد ترفا.
ودوما طبعا يمكن وضع خطط إجرائية ممكنة ومستندة إلى فكرة ومنطق تبادل المنافع والخدمات لا بل البحث عن صيغة معادلة مرتبطة بتحقيق التكامل على أساس تبادل المنافع والاستثمار في الجوار وخفض كلفة الإنتاج والاستيراد في نفس الوقت.
○ قد يكون مثل هذا الكلام أقرب إلى «شعار أو أغنية»؟
• عذرا المسألة لا تتعلق بهتافات ولا بشعارات نكتفي بترديدها ولا يمكن تطبيقها، فالتجربة القائمة على تبادل المصالح والأدوار تحديدا في ظل إقليم عربي واحد هي أساس أي صيغة يمكن ان تقود إلى عمل عربي موحد على الأقل في القطاع التجاري.
تعريب «إعادة الإعمار»
○ نعود لمسألة هيئة الاستثمار العربية: سمعناك في مؤتمر استثماري في أبو ظبي تتحدث عن بناء منصة استثمارية عربية موحدة، هل تعتقد ذلك ممكن حقا وكيف تخدم مثل هذه المنصة التطلعات؟
• طبعا إقامة منصة عربية استثمارية موحدة ليس ممكنا فقط، بل قلناها ونعيدها هو واجب قومي وخطوة أساسية في طريق التكامل الاقتصادي بما لا يلحق ضررا في الأثناء بمصالح وفرص كل دولة بالتنافس الاستثماري.
ويزداد مثل هذا الواجب حدة وأهمية ليس لأنه يعرض الفرص الاستثمارية في كل دولة بشكل مستقل، بل لأن الظروف السياسية والاقتصادية التي يعيشها العالم حاليا تتطلب تنظيم وتعظيم الاستثمار في المنطقة العربية.
على سبيل المثال لا الحصر تنفيذ مشروعات الإعمار في بعض الدول العربية يفترض ان تكون هوية التنفيذ بعد الآن عربية وليست أجنبية.
وعندما نتحدث عن منصة استثمارية موحدة نحيل أنفسنا إلى الوقائع العلمية والرقمية، فالوطن العربي سوق استهلاكية ضخمة تستورد ما قيمته تريليون دولار سنويا وحجم التبادل منها لا يزيد عن 14 في المئة ويميل إلى 12 في المئة وهذا رقم ينخز ضميرنا ولا ينبغي لنا التسليم به أو الوقوف عنده.
○ كيف يمكن بصورة أكثر تفصيلا خدمة مثل هذا الحراك؟
• بالتأكيد إزالة المعوقات الجمركية التي تعرقل سلاسل العبور بالسلع والمنتجات بين الأقطار العربية خطوة ضرورية ومغادرة حصة التبادل التجاري بوضعها الحالي خطوة ضرورية أخرى.
وعلينا أن ننتبه إلى أن التوسع بالمشروعات الاستثمارية العربية ذات القيمة المضافة ونظرا لحالة عدم الاستقرار في العالم فذلك يمكنه أن يساعد باتجاهين وهما توليد فرص عمل أكثر للشباب العربي واستقطاب ما يمكن أو يتيسر من تلك الاستثمارات التي تبحث عن فرص استثمار جديدة بعد حالة عدم الاستقرار في العالم وإثر تبعات جائحة فيروس كورونا.
وللتذكير فقط ينبغي أن يتحول تدفق الاستثمارات المباشرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الدول العربية ما يعكس الحاجة الملحة لبيئة أعمال حديثة وبنية تشريعية متطورة لتحفيز استقطاب المستثمرين الباحثين عن مناطق. وبعض الدول مثل وطني الأردن أسست بعض الخطوات في هذا الاتجاه واتخذت خطوات متقدمة قد يكون أبرزها قانون البيئة الاستثمارية الجديد والرؤية الملكية الحكيمة للقيادة التي يتكئ الاستثمار فيها على قواعد الدعم السياسي المتين ومعادلات الاقتصاد الحر وسهولة الوصول إلى الأسواق عبر اتفاقيات تجارية متعددة خلافا لعناصر أخرى ضرورية لجميع العرب إذا ما قرروا السير على هذا الدرب.
ومن بينها تعزيز القوة البشرية المؤهلة وشبكة اتصالات متطورة واستقرار مالي ونقدي وخدمات لوجستية مساندة وتوفير طاقة متجددة بكلفة أقل.
○ هل ما زلت تتصور بان اقتصاديات دول المنطقة العربية قادرة على المنافسة؟
• الوقائع هي التي تقول وليس أنا. العديد من الدول العربية تعد من الاقتصادات الناشئة والنامية وهذا مؤشر يعني توفر فرص استثمارية متعددة في مختلف القطاعات ولعلي أذكر كأمثلة فقط الطاقة والتعدين والتكنولوجيا والسياحة.
ولا يفوتكم أن العديد من دول المنطقة فيها نفط وغاز وفحم وفوسفات وذهب وفضة وحديد وفيها ثروة سمكية وزراعة فواكه وخضروات ما يجعلها ملائمة للاستثمار في هذه القطاعات.
○ ما الذي تقصده بصورة محددة في ذلك؟
• ما أقصده توفر فرص استثمارية كبيرة بمجالات الإنتاج والتصنيع والتجزئة والخدمات الصحية والتعليمية والمالية وبالتالي ثمة مناخ استثمار أفضل لأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعد من بين أكبر الأسواق في العالم وجاذبة للمستثمرين الأجانب والمحليين.
ولذلك أجدد الدعوة من منبركم إلى رجال الأعمال والمستثمرين والغرف التجارية لحضور مؤتمر رجال الأعمال والاستثمار الذي سيقام قريبا وفي الربع الأخير من العام الحالي في الأردن وتنظمه غرفة تجارة الأردن بالتعاون مع الجامعة العربية واتحاد غرف التجارة العربية.
وهذا المؤتمر هو ملتقى للتشاور وتبادل النصائح.
والأهم بضيافة بلادنا أن نقترب كممثلين للقطاعات الخاصة في المنطقة والدول العربية من بعضنا أكثر لنفهم التحديات بصورة واقعية ونستعرض الفرص والامكانات.
وهو لقاء نرى انه مهم لأن العديد من الدول العربية تجتهد الآن بإجراء إصلاحات اقتصادية وبتحسين البيئة التنظيمية للاستثمار ومناخه ويمكن للجميع عرض الفرص الاستثمارية المتاحة.
فرصة و«منحة»
ختاما يقدر الحاج توفيق أن الأنظمة والحكومات تظهر قدرا من المرونة تجاه أي صيغة لتوحيد الجهود في مواجهة التحديات الناتجة عن دور القطاع التجاري في التنمية الاقتصادية.
ويشير بكل صراحة إلى أن الحديث هنا عن مسائل عملية ومنطقية لا خلاف سياسيا عليها لا بل يمكن إنجازها وتغطية تبادل الاحتياجات على أساسها وبدون كلف سياسية أو أمنية.
ولا يرى بان الحكومات العربية تشكل عائقا كبيرا أمام إنجاز تعبيرات عبر سلسلة من المشاريع والأفكار الطموحة عن وحدة الصف التجاري العربي وثمة مرونة سياسية في العديد من الدول العربية ويمكن تعزيزها.
ومن هنا يسوق ويروج لبعض المقترحات والمبادرات وأهمها دعوته المتكررة لتوفير ملاذ آمن لمنصة تجارية وعربية عامة تمثل مساحة مشتركة في استقطاب الاستثمارات والامكانات والقدرات.
لا بل تبادلها ضمن معادلة رقمية فيها تبادل المنافع ومحسوبة بدقة وتقرأ الواقع سواء السياسي أو الإقليمي أو الدولي بكل كفاءة ومهنية وبالعمق المطلوب.
ويعتبر ضيف حوار «القدس العربي» من أبرز الرموز المختصة في عمان وبعض العواصم العربية على طريق الدعوة للبحث عن تبادل أدوار وتكاملات في إطار الجوار والإقليم. ويرى على سبيل المثال بأن الجغرافيا يمكن ان تتحول إلى فرصة وورقة رابحة في يد الأشقاء في السودان ومصر بسبب الامكانات المائية والزراعية.
كما يرى بان التلاصق والتلامس الحدودي والجغرافي بين الأردن والسعودية مثلا يعبر من تلقاء نفسه عن دعوات للتكامل وتبادل المصالح والمنافع.
الأردن مثلا على صعيد بلاد الشام لا بد ان يدعم ويشجع ويحفز صيغة تكامل وتبادل منافع وتبادل تجارية مع العراق وسوريا من دون أن يسقط لبنان من الحساب فيما صف دول الخليج مثلا فيها فائض مالي وفيها قدرات استثمارية وإمكانات إدارية تتطور.
وعبر التعاون العربي المشترك يمكن ترجمة الأزمات وتحويلها إلى فرص ان كانت موجودة وفقط عبر وحدة الصف ومنطق تبادل المنفعة يمكن أن تتحول أي محنة محلية في أي بلد عربي إلى منحة على مستوى التعاون والعمل الجماعي خلافا إلى أن التحديات بواسطة العمل المشترك يمكنها التحول ببساطة إلى فرص وأوراق رابحة.
لكن السؤال كيف نستثمر ونستغل تلك الأوراق الرابحة وهو سؤال يجيب عليه الحاج توفيق بالإشارة إلى أن ذلك واجب المفكرين والمختصين وأصحاب رؤوس الأموال والمنتخبين باسم المجتمع المدني العربي وهو أيضا واجب لسؤال رموز القطاع الخلص خلافا لأن الحكومات ينبغي أن تدعم توحيد الخطط وإقامة غرف عمليات وعصف ذهني مشتركة للإجابة على سؤال الكيفية.