بلاغ 46: تشدد في زمن الانفتاح

في الوقت الذي أصدرت فيه الحكومة بلاغا جديدا يحدد عدد الأشخاص المسموح لهم بالجلوس على طاولات المطاعم الداخلية والساحات الخارجية، يؤشر خبراء إلى وجود “انتقائية” في تطبيق الإجراءات الوقائية، في ظل الانفتاح على المهرجانات، ما أثر على منسوب الثقة بهذه الإجراءات.
وأصدر رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة أمس البلاغ رقم (46) لسنة 2021 الصادر بالاستناد لأحكام البند (ثامناً) من أمر الدفاع رقم (19) لسنة 2020، والبند (تاسعاً) من البلاغ رقم (39) لسنة 2021، والبند (سادساً) من البلاغ رقم (44) لسنة 2021.
وبموجب البلاغ يمنع تواجد أكثر من 10 أشخاص على طاولة واحدة داخل المطاعم و15 شخصا على الطاولة في الساحات الخارجية، فيما حدد البلاغ الالتزام بالتفتيش لدى الدخول إلى الأماكن والمنشآت في القطاع الخاص تحت طائلة الغرامات المالية الكبيرة والإغلاق.
وبينما كشف عضو في اللجنة الوطنية للأوبئة لـ “الغد” أن هذا البلاغ لم يجئ بتوصية من اللجنة، وأن اللجنة على اطلاع على سائر المستجدات الوبائية ومتابعتها، لكنها “لم تدرس تعديل إجراءات التجمعات ومن بينها المصلون في المساجد”، يشير خبراء إلى أن البلاغ، رغم أهميته في هذا الوضع الحساس، إلا أن على الحكومة أن تلتزم قبل كل شيء بعدم الموافقة على أي فعالية مهما كانت من شأنها أن تؤدي إلى التجمهر وازدحام المواطنين”.
وفي هذا الصدد، أشار عضو اللجنة- الذي رفض الكشف عن اسمه- إلى أن اللجنة ناقشت موضوع التجمعات والمهرجانات ومدى ضررها على تفشي الفيروس، ولم تخرج بأي توصيات حيال الموضوع.
من جانبه، قال استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية الدكتور محمد حسن الطراونة، تعليقا على بلاغ رئيس الوزراء: “أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا”، مشيرا إلى أن حالة “الانفلات في التجمعات والمناسبات التي تغض الحكومة النظر عنها يجب أن تتوقف تحت مخاوف من نكسة وبائية”.
وأشار الطراونة إلى أن الحكومة سمحت بإقامة المهرجانات، وبالتالي أفقدت الثقة لدى الشارع بإجراءاتها ورقابتها، وهو ما انتقل الى اللقاح أيضا، مشددا على ضرورة التعايش مع كورونا، فذلك “أسهل من محاربته” بحسبه، معتبرا انه يجب على الحكومة إعادة ضبط الإيقاع من خلال نشر الوعي والتثقيف الصحي بين المواطنين، وبحيث يصبح التعامل مع الاجراءات الوقائية والاحترازية أسلوب حياة.
وتابع: “لا بد من أن تعلم الحكومة أن 85 % من المصابين بكورونا لا يعرفون عن إصابتهم وينقلون العدوى وليس لديهم أعراض، ولا بد من التعامل مع القاعدة العالمية التي تقول إن الجميع مصابون”.
ولفت إلى أن أهمية الكمامة لا تقل عن اللقاح، موجها تساؤلات للحكومة: “لماذا الانتقائية في تطبيق الإجراءات الوقائية، ولماذا لا يتم تفعيل المركز الوطني للأوبئة ليكون نواة الآراء العلمية وينير درب الحكومة الى قرارات مدروسة حول الوباء”.
من جهته، قال الخبير الوبائي الدكتور عبد الرحمن المعاني إن البلاغ يلائم الوضع الحساس من ناحية وبائية، وكذا الوضع غير المستقر من ناحية صحية، نظرا لإقامة مهرجانات وحفلات غنائية، ما أدى إلى تجمع أعداد كبيرة من المواطنين وأدخل البلد في مرحلة حساسة وخطرة، وأفضى إلى ارتفاع المؤشرات الوبائية، سواء من حيث أعداد الاصابات بالفيروس أو من حيث نسبة الفحوصات الإيجابية اليومية أو أعداد دخول المستشفيات وأقسام العناية المركزة والتنفسية.
واعتبر المعاني أن هذه القرارات الجديدة في غاية الأهمية من ناحية وبائية، مشددا على ضرورة الالتزام بها من قبل جميع الأطراف، سواء من المواطنين أو المؤسسات أو القطاعات المختلفة المنتشرة في محافظات المملكة.
وشدد على ضرورة التزام الحكومة قبل كل شيء بعدم الموافقة على أي فعالية مهما كانت إذا قادت إلى التجمهر وازدحام المواطنين؛ ووقف أي أنشطة حاشدة، اجتماعية؛ أو رسمية؛ وعدم التبرير لإقامة أي نشاط وعدم التنصل من المسؤولية؛ وتجنب اتخاذ اي قرار يتعارض مع الوضع الوبائي، وإعطاء الملف الصحي الأولوية المطلقة في هذه الأوقات.
وشدد على ضرورة التعايش مع الوباء، وإقامة هذه الفعاليات شريطة الالتزام بالاجراءات الوقائية والاحترازية وتطبيق الاشتراطات الصحية.
وقال إن المواطن “لا يثق بالقرارات الحكومية في هذه الأوقات، والسبب تعاملها بازدواجية من حيث التشدد ببعض القرارات وعلى قطاعات معينة، والتراخي بقرارات وقطاعات أخرى، ومن هنا ندعو رئيس الوزراء إلى ضرورة الإيعاز للجميع بضبط الأمور والتشدد من ناحية وبائية، وعلى كل المستويات والقطاعات بلا استثناء إذا أردنا الحفاظ على بلدنا آمنا من ناحية وبائية”.الغد

زر الذهاب إلى الأعلى