من ضحايا العبودية: حلم “وافد” ينتهي بالأشغال الشاقة في مزرعة

يروي عامل مهاجر قصة حصوله على عمل في الأردن، تنتهي خاتمتها بأن يدرج هذا العامل ضمن “ضحايا العبودية الحديثة”، وفق تقرير عالمي، نظرا لتعرضه لمجموعة من “الانتهاكات تراوحت بين تشغيله لفترات طويلة وحرمانه من أجوره فضلا عن عدم إعطائه حقوقا عمالية أخرى”.
يقول العامل، في شهادته ضمن التقرير الذي أعلنت نتائجه أمس ضمن مؤتمر صحفي عقده مركز عدالة بالتعاون مع المنظمة التي أصدرت التقرير “walk free”، “ذهبت إلى مكتب توظيف في بلدي باحثا عن عمل في أي مكان خارج بلادي، وكنت أعرف أن هذا المكتب وفر الكثير من الوظائف”.
ويضيف “عرضوا فرصة جيدة للعمل 8 ساعات يوميا في مزرعة بالأردن مقابل 190 دينارا شهريا، فقبلت وطلبوا مني التوقيع على ورقة تقول إنني سأضطر للدفع لهم إذا تركت العمل. لم يكن هناك مبلغ موضح على الورق، فوقعت على ورقة مثل الجميع هنا”.
ووفق العامل كان أول إجراء اتخذه صاحب المزرعة عقب وصوله إلى الأردن “حجز جواز سفره، الذي يعتبر انتهاكا بحق العمل وإجراء تعاقب عليه القوانين الأردنية”، لكن بعد الانخراط في العمل “عانى العامل وزملاؤه من إجبارهم على العمل لأكثر من 8 ساعات يوميا، فضلا عن تعرضهم لإهانات وصلت حد الاعتداء عليهم بالضرب”. غير أن “الانتهاك” الأكبر بحقهم، بحسب العامل، تمثل “بعدم إعطائهم أجورهم، وبنفس الوقت حبسهم داخل المزرعة، ما جعلهم في وضع لا يحسدون عليه”.
وفي هذا السياق، أطلق مركز عدالة أمس حملة إلكترونية بعنوان”هي إنسانة”، تركز على “الانتهاكات التي تتعرض لها عاملات المنازل، كونهن الفئة الاكثر تعرضا للعبودية الحديثة، وفق التقرير، بهدف التوعية بحقوقهن، ومنع الانتهاكات بحقهن مثل حجز جوازات سفرهن، ومعاملتهن وفق القانون في ما يتعلق بالأجر والإجازات المستحقة لهن”.
وكشف التقرير عن “وجود واحد وثلاثين ألف شخص في المملكة يرزحون تحت ما يسمى بـ”العبودية الحديثة”، بنسبة تعرض بلغت 60.7 %، محتلا المرتبة 57 من أصل 167 دولة على مؤشر العبودية العالمي”.
وقال مدير “عدالة” عاصم ربابعة، إن التقرير يطلق للمرة الأولى، ويرصد استجابة الدول للسياسات والإجراءات في مواجهة العبودية، مبينا تأكيد التقرير على “انخفاض معدل التحقيق والمقاضاة والإدانة بالأردن في قضايا العبودية، مقارنة مع حالات العبودية الحديثة الموجودة فيه، رغم تفوق البلاد على الدول الأخرى في مجال الاستجابة الحكومية”.
وبحسب التقرير، تعزو بعض المنظمات غير الحكومية الأمر إلى “ميل القضاء لتجريم العمال لخرقهم قوانين العمل بدلا من اعتبارهم ضحايا للاتجار بالبشر”.
ويورد التقرير أن الأردن “يعتبر وجهة للعديد من الرجال والنساء القادمين من مناطق مجاورة والذين يتم استغلالهم، خاصة من مصر وسورية وفلسطين والعراق، ومناطق بعيدة مثل إندونيسيا وسريلانكا، والفلبين”، لافتا إلى أنهم “وصلوا البلاد بسبب الحاجة؛ إما كلاجئين فارين من الصراعات والحروب السابقة والحالية، أو كمهاجرين ذوي مهارات متواضعة للهروب من البطالة في بلدانهم الأصلية”.
ويتابع التقرير أن “تجربة هؤلاء الرجال والنساء تقتصر في الكثير من الأحيان على أعمال السخرة، وغالبا في قطاعات الزراعة وصناعة الألبسة والعمل المنزلي، أو كضحايا للزواج القسري والمؤقت”.
ويوضح أن العمال المصريين هم “المجموعة الأكثر استغلالا في القطاع الزراعي؛ إذ يتعرض العديد منهم للممارسات التي قد تصل إلى العمل القسري والاتجار بالأشخاص، بما فيه الاحتيال عليهم وإيهامهم بتوظيفهم وحجز وثائقهم الثبوتية، وعدم كفاية الأجور أو عدم دفع الأجور، إضافة إلى ضعف البيئة القانونية وعدم توفير الحماية الكاملة لهم”.
وبالنسبة للزواج القسري، يذكر التقرير أن “وسائل إعلامية وتقارير للمنظمات الدولية لفتت إلى تعرض اللاجئات الإناث للزواج القسري وزواج الأطفال؛ إذ إن ما نسبته 13 % من حالات الزواج المسجلة في الأردن تشمل أطفالا دون سن ثمانية عشر عاما، أي أن أكثر من 9600 من الإناث زوجن بالإكراه، دون أن يشمل ذلك العديد من الزيجات التي لم توثق”.
وأوصى التقرير الجهات الحكومية باتخاذ التدابير لمنع الأهل من الاتجار ببناتهم، بحيث “لا يسمح لهم بالإطلاق تقديم طلب الزواج تحت سن 18 عاما إلى أي جهة قضائية بعد رفضه من جهات أخرى، إضافة لإنشاء قسم للتفتيش العمالي في القطاع الزراعي وتوفير التدريب لمفتشي العمل بشأن الاتجار بالبشر”.
وشدد على ضرورة “اعتماد عقوبات جنائية ضد أرباب العمل عند توظيف الأطفال، وتعديل المادة الثالثة من قانون العمل لتوفير الحماية القانونية للعمال الزراعيين كما هي متوفرة في قطاعات أخرى، فضلا عن مقاضاة أرباب العمل والوكالات التي تحتجز جوازات السفر إلى أقصى عقوبة”

زر الذهاب إلى الأعلى