يد التهويد تحرم 100 ألف طالب مقدسي من التعليم بالمنهاج الفلسطيني
تمتد يد التهويد الإسرائيلية في القدس المحتلة نحو المنظومة التعليمية بمخطط حرمان 100 ألف طالب فلسطيني من التعليم بالمنهاج الفلسطيني، بعدما أقعدت زهاء 10 آلاف منهم عن الدراسة، وأغرقت أكثر من 95 ألف طفل مقدسي في أتون الفقر والالتحاق المبكر ضمن سوق العمل، وسط ضعف الدعم العربي والإسلامي للشعب الفلسطيني.
ويجد قطب التعليم موقعاً وازناً في مساعي الاحتلال الدؤوبة للتغلغل بين مفاصل المجتمع المقدسي المقاوم، عبر خلخلة النظام التعليمي ومنع مساعي تحسينه وانتشاره، ومحاولة فرض المنهاج الإسرائيلي العنصري، بهدف “كي” الوعي الجمعي الوطني بالتجهيل على حساب المطالبة الحقوقية.
وتسببت سياسة الاحتلال لضرب العملية التعليمية الفلسطينية في إنهاء مسار التعليم الثانوي لنحو 40 % من إجمالي الطلبة الذين يتلقون تعليمهم في مدارس شرقي القدس، بسبب جدار الفصل العنصري والطرق الالتفافية والحواجز العسكرية الإسرائيلية، التي تستهدف عزل القدس عن بقية أراضي الضفة الغربية، وتشتيت نسيجها المجتمعي وتقطيع أوصالها وطمس هويتها ومعالمها العربية الإسلامية.
فيما يرمي المخطط الإسرائيلي النهائي إلى تهديد “100 ألف طالب فلسطيني في القدس المحتلة ومحيطها بعدم تلقي التعليم وفق هويتهم الفلسطينية، إزاء محاولات شطب المنهاج الفلسطيني أو تحريفه، مقابل زجهم بالمنهاج الإسرائيلي”، وفق وكيل وزارة التربية والتعليم في السلطة الفلسطينية، بصري صالح.
ويخوض الكادر التعليمي الفلسطيني في القدس المحتلة معركة شرسة ضد سلطات الاحتلال لمنع المضي قدماً في مخططها التهويدي الخطير بفرض المنهاج التعليمي الإسرائيلي، لاسيما بعدما تمكنت من تطبيقه في 6 مدارس تابعة للبلدية والمعارف الإسرائيلية، بهدف طمس الهوية الوطنية وضرب الانتماء العربي الإسلامي والتدخل في تربية النشء وتوجيهه في خدمة مصالحه وأهدافه التهويدية.
وتسعى سلطات الاحتلال من خلال تقديم المساعدات المالية للمدارس الخاصة، ومنها الكنسية والأوقاف الشرعية والجمعيات وغيرها والتي تعود للملكية الفلسطينية وتستوعب قرابة 20 % من الطلبة المقدسيين، إلى التغلغل في جوهر الفلسفة التعليمية وإدخال مفاهيمها العنصرية بين ثنايا المناهج نفسها، وسط ضغوط مستمرة من جانبها لتحريف المناهج الفلسطينية لجهة إلغاء كل ماله علاقة بقضايا “النكبة” و”النكسة” والمجازر والانتهاكات الإسرائيلية، لصالح فرض مزاعم الرواية الإسرائيلية في فلسطين المحتلة.
فيما تشمل السيطرة الإسرائيلية عناصر التدخل في مناهج التعليم بالمدارس العربية وحذف أي إشارة معادية للحركة الصهيونية، ومنع تداول الكتب التي تتحدث عن الفكر الإسلامي والمجتمع العربي في فلسطين، واستبدال اسم “إسرائيل” في الخرائط الجغرافية بفلسطين، واحلال كلمة “أورشليم” مكان القدس باعتبارها “العاصمة الموحدة والأبدية” للكيان الصهيوني.
ويستقيم ذلك مع مسعى اعتماد المسميات العبرية بدلاً من العربية، للمواقع الجغرافية والأثرية، وطمس الآثار العربية الإسلامية مقابل إبراز آثار يهودية مزعومة، واختلاق مسميات عبرية للكثير من المواقع العربية الإسلامية بادعاء أنها ذات أصول عبرية مزعومة.
أما المدارس التابعة للسلطة الفلسطينية، ومنها 42 مدرسة تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية وتستوعب 12 % من الطلبة تقريباً، فتواجه عدة صعوبات، كونها تتبع لسلطة تحت الاحتلال، ولا تملك أي سلطة فعلية داخل مدينة القدس، في ظل تضييق الاحتلال عليها وسعيه للسيطرة على القطاع التعليمي.
وبالنسبة للوزير صالح، فإن “القدس ما تزال تنتظر جهداً مضاعفاً من أجل الانتصار للقضية الفلسطينية”، وذلك في كلمة له خلال الاجتماع المشترك الـ29 بين مجلس الشؤون التربوية لأبناء فلسطين في دورته الـ81، والمسؤولين عن شؤون التربية والتعليم بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا” الذي عقد في مقر الجامعة العربية في القاهرة.
ودعا “جامعة الدول العربية إلى مخاطبة الصناديق والمؤسسات العربية، لتوفير الاحتياجات التعليمية العاجلة لها، وصد الهجوم الإسرائيلي المتواصل ضد القدس، خاصة على النظام التعليمي، لاسيما ما يتعلق بالمناهج الفلسطينية”.
وطالب بتقديم جهود إضافية في هذه المرحلة، للحفاظ على وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” وديمومتها التي تعني ديمومة قضية اللاجئين الفلسطينيين، مشيراً إلى أن “التنازل أو التراجع عن نصرتها يعني إسقاط قضية اللاجئين”، بحسبه.
وقال صالح إن “الاحتلال يستهدف المدارس الحكومية والخاصة والكادر التعليمي بالاعتقال والقتل، بينما يواصل عدوانه في كل مكان، وليس فقط في المناطق المسماة “ج”، وإنما في جميع أماكن الشعب الفلسطيني”.
ويقصد صالح هنا الخطوة الإسرائيلية غير المسبوقة بتوسعة منطقة “ج” في قرية قريوت، جنوب نابلس، على حساب المنطقة المصنفة “ب”، لتغيير قواعد تصنيف الأراضي، وايجاد التواصل بين المستوطنات القائمة وإقامة شبكة مواصلات تربط بينها على حساب الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويقود ذلك، وفق وزارة الخارجية الفلسطينية، إلى “طرد المزارعين الفلسطينيين من منطقة “ب”، الخاضعة إدارياً للسلطة الفلسطينية، ومنع التواصل مع أراضيهم القريبة من منازلهم، ومصادرة زهاء 700دونم في تلك المنطقة، وتحويلها إلى مناطق (ج) بحيث تصبح خاضعة أمنياً وإدارياً للاحتلال، تمهيداً لتخصيصها لصالح الاستيطان”.
وتأتي الخطوة الإسرائيلية رداً عدوانياً على قرارات الحكومة الفلسطينية بإلغاء التصنيفات القائمة للأرض واعتبار الأراضي كلها تصنيف “أ”، أي خاضعة إدارياً وأمنياً للسلطة الفلسطينية.
من جانبه، ندد وزير الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطيني، رياض المالكي، “بقصور المجتمع الدولي بهيئاته ومنظماته عن إيجاد آلية تنفيذية لقراراته المتعلقة بفلسطين، وعدم محاسبة الاحتلال والمستوطنين على جرائمهم المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني”.
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة تعرقل زيارة لأعضاء مجلس الأمن إلى فلسطين للاطلاع على الأوضاع والانتهاكات، وتفهم المطلب الفلسطيني بتوفير الحماية الدولية للشعب، كما تعرقل مندوبية الاحتلال الإسرائيلي زيارة لأعضاء من الجمعية العامة للأمم المتحدة.”
وأكدت الوزارة، في بيان لها، أن “الاحتلال يستهدف الضم الفعلي للضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، وحسم مستقبل قضايا الوضع النهائي التفاوضية بالقوة من جانب واحد، وتحويل القضية الفلسطينية العادلة من قضية سياسية إلى مشكلة إنسانية ومشاريع اقتصادية معيشية”.
ونوهت إلى أن “الاحتلال يستغل الإنحياز الأمريكي لمخططاته الاستعمارية التوسعية في تقويض حل الدولتين، وتعميق نظام الفصل العنصري البغيض في فلسطين المحتلة، وتحويل المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية إلى تجمعات معزولة بعضها عن بعض تغرق في محيط استيطاني ضخم”.
واعتبرت أن “تخلي المجتمع الدولي والأمم المتحدة عن مسؤوليتهم السياسية والقانونية، يفقد النظام العالمي ما تبقى له من مصداقية”، بحسبها.
نادية سعد الدين – الغد