من جسر الملك الحسين الى رابية عمان
من جديد، يمارس الكيان الصهيوني هوايته في قتل الأردنيين بدم بارد، فبعد سنوات من قتله القاضي الاردني رائد زعيتر عند جسر الملك حسين، دون ان يخرج علينا حتى اليوم من يخبرنا بنتائج التحقيقات التي قام بها الاحتلال وسبب القتل، ومصير الجاني، ها هو يكرر فعلته من جديد فيقوم رجل امن صهيوني بقتل اثنين من الأردنيين دون ان ترف له جفن، وبدم بارد وباكثر من رصاصة!!.
بعيدا عن التحليلات المعمقة، وبعيدا عن نقد غياب الرواية الرسمية التي اكتفت بما نشره الامن العام حولها، وبعيدا عن كل الاستنتاجات والتحليلات التي قد يخرج بها البعض، فان ما حصل بات واضحا وليس بحاجة لتفسيرات مختلفة؛ ملخصه أن حارس أمن صهيوني كان في رابية عمان استل سلاحه الناري، وصوب باتجاه اثنين من الاردنيين فقتلهما، فيما لم يكن مع أي من الاردنيين الاثنين أية وسيلة دفاع توازي قوة او نصف قوة او ربع ما كان يحمله الصهيوني من أسلحة، وهذا يعني في المفهوم العدلي توافر نية القتل العمد لدى الجاني. إن الصهيوني الذي قتل حدثا في السادسة عشرة او السابعة عشرة، وطبيبا اردنيا، تعمد قتلهما، وقام باطلاق النار عليهما بنية القتل والتخلص منهما، وبذا تسقط فرضية الدفاع عن النفس التي حاول اعلام الكيان الصهيوني تصويرها في بدايات الحادث، وتسقط معها نظريات اخرى خرجت علينا طوال الساعات الماضية من الحادث، في ظل غياب شبه كامل لرواية رسمية واضحة.
ماذا يعني ذلك؟ ببساطة فان ذاك يعني ان الصهاينة سواء كانوا في فلسطين المحتلة، او كانوا في منافذ حدودية آمنة، او من خلال تواجدهم في دول اخرى، يتّبعون سياسة القتل والتصفية ذاتها، فهم يطلقون الرصاص بشكل صائب، وبنية القتل، وليس دفاعا عن النفس او غيره من مبررات، وتعني ايضا ان الصهيوني بات يستسهل قتل العربي والأردني دون تفكير.
ان قيام جنود الكيان الصهيوني باطلاق النار على قاضٍ اردني أعزل وقتله في معبر حدودي، ومن ثم اطلاق النار على صبي وطبيب في قلب عمان وقتلهما يؤكد من جديد ان طريقة التعامل مع هذا الكيان يجب ان تكون مختلفة، وان ردود الفعل الرسمية على الحدث يجب ان ترتقي لمستوى الدم الذي أُزهق، وان القضاء الاردني وحده يتوجب ان يكون صاحب الحق في النظر بالقضية باعتبار ان مرتكب الفعل الاجرامي توفرت لديه نية القتل، والدالة على ذاك ان المجرم لم يكتفِ باطلاق النار على الصبي، وانما أتبع ذلك باطلاق النار على الطبيب، وهذا في مقياس القانون والعدالة يعني توفر نية القتل، وتوفر عناصر الفعل الجرمي الكامل وهو امر يخرج عن نطاق اتفاقيات فينّا الدولية المتعلقة بالدبلوماسيين، فالحدث يتوفر فيه كل اركان الجريمة، والحصانة سواء أكانت دبلوماسية او غيرها تسقط في ظل جرم مشهود.
امر مؤسف ان يعود مرتكب جريمة الرابية الى فلسطين المحتلة دون ان يتم توقيفه على ذمة التحقيق، والمؤسف ان يواصل الكيان الصهيوني جرائمه وازهاقه لارواح الاردنيين دون ان يكون لدينا ردة فعل تضاهي ردة الفعل الشعبية الغاضبة التي عبر عنها الشعب الاردني بكل اطيافه، والتي عبر عنها اهالي الضحايا سواء من عشائر الدوايمة او عشائر الحمارنة واللتين اعتبرتا ان ما جرى اعتداء على السيادة الاردنية لا يجب ان تمر بدون عقاب.
الواضح ان الكيان الصهيوني المنتشي بعلاقات سرية مع دول عربية وعلنية مع اخرى، بات يعي تماما ان الطريق الى العرب بات لا يمر عبر عاصمة عربية واحدة او عاصمتين وان الطرق باتت معبدة له للمرور الى العرب عبر عواصم مختلفة، ولذلك اصبح يتعامل بشكل مختلف وبطرق اكثر وحشية، وما اعتداءاته اليومية على الاقصى ومدينة القدس إلا خير دليل واكبر دليل على كل ذلك.
الحراك الشعبي كان واضحا في رفض سياسات الصهاينة في القدس، ورفض اعتدائهم على حياة الأردنيين في الرابية وجسر الملك الحسين، ورفض وجود سفارة لهم وسفيرة في عاصمتنا عمان التي تعتبر الأقرب للقدس وأوجاعها.