منتدى الرواد الكبار يحتفي بتجربة الأزرعي في الإبداع والنقد

ضمن برنامجه الثقافي “مبدع وتجربة”، استضاف منتدى الرواد الكبار الكاتب والناقد الدكتور سليمان الأزرعي، شارك في الشاعر مهدي نصير والروائي مجدي دعيبس، وأدارته الناقدة الدكتورة دلال عنبتاوي. وذلك يوم السبت، في مقر منتدى الرواد الكبار.
في مستهل اللقاء رحبت مديرة المنتدى هيفاء البشير بالحضور والمشاركين، مؤكدة أن هذا اللقاء يأتي ضمن البرنامج الثقافي الخاص بالمنتدى تحت عنوان “مبدع وتجربة”، ويهدف إلى تسليط الضوء على تجربة الدكتور سليمان الأزرعي، المعروف في الوسط الثقافي بإبداعه المتميز في مجال الدراسات النقدية وكتابة القصة القصيرة.
وأضافت أن مشاركة كل من الشاعر مهدي نصير، والروائي مجدي دعيبس، والدكتورة دلال عنبتاوي، تأتي للوقوف عند أبرز المحطات المضيئة في حياة الأزرعي وتجربته الإبداعية الثرية، والاحتفاء بها بفخر واعتزاز.
وأشارت البشير إلى أن منتدى الرواد الكبار دأب على الاحتفاء بتجارب المبدعين، تقديرًا لعطائهم، وسعيًا لتكريمهم بما يليق بمنجزهم الثقافي والفكري، مؤكدة أن المنتدى سيواصل أداء هذا الدور إيمانًا منه بقيمة الإبداع وأهمية الاحتفاء بروّاده.
من جهته قدّم الروائي مجدي دعيبس مداخلة بعنوان “الأديب سليمان الأزرعي.. ما بين الإبداع ونقده”، تحدث فيها عن تجربة الأزرعي القصصية التي تمتد على مدار ثلاثة عقود من خلال ست مجموعات قصصية، هي بحسب تاريخ صدورها: “البابور، الذي قال أخ أولاً، القبيلة، فالانتاين، حارس الحقبة، أممية، وبين السماوات والأرض”. موضحا أن القارئ لقصص الأزرعي يلمس حضور القرية والريف وحكايات الفلاحين وتقاليدهم، وهي لا تزال تتصدر وجدان الكاتب، وتحرّك خياله لإنتاج قصص تعبّر عن صوت الأرض والإنسان.
ورأى دعيبس أن معظم قصص الأزرعي واقعية، مكتوبة بلغة رصينة كافية للتعبير عن رؤى الكاتب دون أن تبتعد كثيرًا عن حدود الفعل القصصي. وهي لغة محكمة، مشرقة، وإن بدت أحيانًا مسطّحة. ومع ذلك، لم تخلُ بعض القصص من الرمزية كما في “الذي قال أخ أولاً”، أو من الغرائبية والفنتازيا كما في قصتي “قبر جماعي” وقصة “الدرن”. مشيرا إلى عناية الكاتب بالتفاصيل، وسرده المتأنّي الذي يمنح القارئ شعورًا بمصداقية الحدث، ويقدّم بيئة غنية ناضجة، مكتملة العناصر. ويتجلى هذا في استخدامه للحوار والوصف وتطور الحبكة، ما يخلق لوحات أدبية متكاملة وواضحة المعالم.
وخلص دعيبس بالقول إن الأزرعي يُصرّ على استخدام اللهجة المحلّية في حواراته، لإضفاء مصداقية على الشخصيات، خاصة تلك التي تمثل الفئات الشعبية التي لم تنل حظًا كافيًا من التعليم، وهو ما يعكس ثقافة المجتمع وفكر الناس آنذاك. كما ظهرت في قصصه مفردات من الحياة الريفية مثل: الميجنا، الكواير، غرارات القمح، نقرة النار، وغيرها، إلى جانب البعد الإنساني واللحظات المؤثرة التي تُعد من سمات قصصه.
من جانبه، قدّم الشاعر مهدي نصير قراءة في رواية “عودة الذيب”، التي قدّم من خلالها الأزرعي صفحات من تاريخ الكفاح القومي لأبناء سوريا الكبرى. وأوضح نصير أن الرواية ذات طابع وتوثيقي غير رسمي، حاول فيها الكاتب تسليط الضوء على الشخصيات المنسية في تاريخ بلاد الشام منذ عام 1910 وحتى أربعينات القرن العشرين.
وسرد نصير أسماء عدد من الشخصيات التي تناولتها الرواية، من شرق الأردن: علي خلقي الشرايري، نجيب السعد البطاينة، كايد المفلح العبيدات، عبد الرحمن ارشيدات، محمود أبو غنيمة، سالم الهنداوي، مصطفى وهبي التل، الشيخ قدر المجالي، الشيخ مثقال الفايز، عودة أبو تايه، سليمان السودي. ومن سوريا: إبراهيم هنانو، سلطان باشا الأطرش، أدهم أبو خنجر. ومن فلسطين: عبدالله الفاهوم، يوسف الحايك، أبو جلدة، العرميط، هبوب الريح. ومن العراق: رشيد عالي الكيلاني وغيرهم.
وخلص نصير إلى أن الشخصيات التي أوردها كانت رموزًا تنويرية في مرحلة مبكرة من تاريخ سوريا الكبرى، ويجب توثيق دورها، مؤكدًا أن مقاومة المشروع الاسرائيل بدأت مبكرًا جدًا في شرق الأردن، وأن هذه الحقائق يجب أن تُروى وتُوثق في السرد الروائي المعاصر.
ثم قدّم الدكتور سليمان الأزرعي شهادة إبداعية، استهلّها بشكر المتحدثين: مجدي دعيبس، والشاعر مهدي نصير، ومديرة المنتدى هيفاء البشير، ودلال عنبتاوي. وقال: إن من الأمور الشاقة على من يحترم نفسه أن يتحدث عن ذاته، لكنني أجدني مضطرًا للحديث عن تجربتي، بناءً على رغبتكم. سأحاول الابتعاد عن نفسي قليلًا، لأتيح المجال للحديث عن تجربة سليمان الأزرعي وحياته الأدبية والفكرية والإنسانية، بإيجاز لا يثقل عليكم.
وأضاف الازرعي رغم أن تجربة الكاتب لا يمكن تجزئتها، إذ هي قصة متصلة، فإنني مضطر للعودة إلى بداياتي مع المعرفة والكتابة. فأنا أنتمي إلى جيل تجرّع مرارة أكبر الهزائم، من نكبة 1948 إلى نكسة 1967، وذاق في المقابل انتصاراتٍ خادعة. كنا نشعر بأن علينا أن نفعل شيئًا، فانخرطنا في العمل السياسي والفكري، وتخاطفتنا الأحزاب والتيارات والتنظيمات، في غياب برنامج وطني جامع للشباب.