مرشحون مستقلون في قوائم انتخابية

د. ليث نصراوين

أنهت الهيئة المستقلة للانتخاب المرحلة الأساسية الثانية من مراحل إجراء الانتخابات النيابية القادمة بأن فصلت في طلبات الترشح المقدمة إليها من القوائم الانتخابية، حيث قررت قبول معظمها ورفض البعض منها. بالتالي، يثبت الحق لكل قائمة أو مرشح تقرر رفض طلبه أن يطعن بهذا القرار إلى محكمة الاستئناف التي تقع ضمن اختصاصها الدائرة الانتخابية المراد الترشح فيها.
وبمجرد تقديم طلب الترشح، يحق للقوائم الانتخابية البدء في مرحلة الدعاية الانتخابية، والتي أفرد لها كل من قانون الانتخاب والتعليمات التنفيذية الصادرة عن مجلس مفوض الهيئة نصوصا وأحكاما تنظيمية، تفرض عقوبات جزائية ومالية على كل من يخالفها.
إن العديد من الشكاوى والاعتراضات على قرار إجراء الانتخابات النيابية في خضم جائحة كورونا قد انصبت على مرحلة الدعاية الانتخابية، بحجة أن القوائم الانتخابية لن يكون بمقدورها ممارسة حقها في الإعلان عن نفسها والوصول إلى جمهور الناخبين لاقناعهم ببرامجهم وأفكارهم الانتخابية.
إن هذه الأقاويل والحجج المقدمة ضد قرار إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري قد أثبتت الأيام القليلة الماضية عدم جدواها. فالدعاية الانتخابية في الأردن قد بدأت، إلا أنها أخذت منحنى مغاير لأحكام القانون والنظام الانتخابي الذي ستجرى بموجبه الانتخابات القادمة. فشوارع المملكة وأحيائها قد امتلأت بصور المترشحين فرادى، إذ عمدت الأغلبية العظمى منهم إلى التفرد في نشر صورهم بأبهى الأشكال والابتسامات، دون الإشارة لباقي الأعضاء في القائمة الانتخابية.
إن الدعاية الانتخابية يفترض أن تكون للقائمة المترشحة كوحدة واحدة، بمعنى أن يكون التواصل مع جمهور الناخبين بشكل جماعي من قبل جميع المترشحين في القائمة، وليس كل مرشح على حده. فلم نر يافطات لقوائم انتخابية إلا ما ندر، ولم نسمع حتى اللحظة عن برامج انتخابية مشتركة إلا القليل، وكأن المترشحين يعتقدون أن تصويت جمهور الناخبين لهم سيكون على أساس المظهر العام والهندام. وهذا ما يعطي مؤشر على تركيبة مجلس النواب القادم، وبأن القوائم الانتخابية هي مجرد مطيّة يتحايل من خلالها المترشحون على القانون لغايات الوصول إلى المجلس النيابي.
إن سوء فهم المترشحين لقواعد الدعاية الانتخابية هو دليل قاطع على أن مخرجات قانون الانتخاب من مجالس نيابية غير شعبية سببه الأساسي عدم الوعي الكافي من المترشحين بطبيعة القانون ومضمونه، فلا يجب بعد اليوم الاستمرار في الهجمة الشرسة التي يقودها السياسيون على قانون الانتخاب بحجة أنه غير “عصري” رغم عدم قدرة أي منهم على توضيح المقصود بـ “العصرية” لغايات وضع قانون انتخاب جديد أو تعديل التشريع القائم.
لقد آن الأوان أن نعترف بأن مشكلة الديمقراطية النيابية التمثيلية في الأردن ليست مرتبطة بالأساس بالنظام الانتخابي المطبق، وإنما في عناصر أخرى أهمها ضعف الوعي السياسي لدى الفئة الراغبة في الترشح، وغياب الأحزاب السياسية الأردنية عن المشهد العام. فهذه الأحزاب الوطنية يفترض بها أن تستغل هذا الضياع في فهم القانون لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الانتخابية، وذلك نظرا لطبيعة الأعضاء فيها، والذين يملكون رصيدا وافرا من العمل العام والخبرة في المجال السياسي.

الرأي

زر الذهاب إلى الأعلى