مثقفون عرب يناقشون إشكاليات النهضة وتجديد الفكر

ناقش مثقفون وأكاديميون من لبنان والأردن وليبيا، في لقاء نظّمه منتدى الفكر العربي أخيرا، عبر تقنية الاتصال المرئي، إشكاليات النهضة وتجديد الفكر في العالم العربي.

وتضمن اللقاء، محاضرة للمفكر والناقد الدكتور أمين ألبرت الريحاني الرئيس السابق لمؤسسة الفكر اللبناني بعنوان: “النهضة العربية الثانية من المدينة العُظمى إلى تاريخية الفكر”.

وتناول المحاضر، ما شهده القرن الماضي من إسهامات مفكري النهضة الروّاد ومحاولاتهم الجادة لتأسيس الرؤية العربية المعاصرة والمستقبلية، مشيراً إلى أهم ما تبلور من فلسفة وأفكار اللبناني المهجري أمين فارس الريحاني، وعدد من المفكرين العرب حتى نهاية القرن العشرين حول شروط النهضة وإشكالياتها ومناهج تجديد الفكر وتطويره.

كما تناول المحاضر، تمثُّل فكرة التساهل الديني بوصفها شعلة للروح الوطنية في الدولة المدنية كما تمثلت في عدد من آثار الريحاني الكبير الأدبية والفكرية باللغتين العربية والإنجليزية.

وأشار أيضاً إلى نتاج المفكر محمد أركون كامتداد حديث في نهاية القرن العشرين لما فعله الريحاني في مطلع القرن نفسه، إذ أدرك الاثنان أهمية نقد الفكر والدعوة إلى إعادة فهم الدين فهماً معاصراً متفتحاً للتمكن من بناء فكر سياسيّ معاصر.

وقال الأمين العام للمنتدى الدكتور محمد أبو حمور، في اللقاء الذي أداره وشارك به، إن الاختلالات التي عانتها المجتمعات العربية كانت اختلالات أساسية في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، عدا التشوهات الثقافية نتيجة التسييس أو الاستقطاب الإيديولوجي؛ ما أدى إلى القصور التنموي، وأوجد ثغرات ضعف تسللت منها أجندات الأطماع الخارجية لتحقيق أهدافها، كما جاء انهيار التماسك الاجتماعي نتيجة ضعف المشاركة في القرار التنموي.

وشارك في اللقاء، كل من رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران، والوزير الأسبق الدكتور فايز الخصاونة، والوزير الأسبق الدكتور منذر حدادين، والمفكر اللبناني الدكتور أديب صعب، والأستاذة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة اللبنانية الدكتورة سوسن الأبطح، والكاتبة الليبية المقيمة في هولندا رزان المغربي، والباحثة في العلوم السياسية من الأردن الدكتور نادية سعد الدين.

وقال الدكتور عدنان بدران، في مداخلته، إن أمين الريحاني الأول الذي أقام في نيويورك بعد هجرته إلى أميركا في مطلع القرن العشرين، وجد تلك البلاد قد اعتمدت في انطلاقتها على الحرية والإبداع والبحث والابتكار، واستقت نهضتها من حرية التعبير في أوروبا التي انطلقت منها الحركة التنويرية والثورة الفرنسية بعد نهاية الصراع بين الكنيسة والدولة.

وأشار بدران إلى أن مفهوم الدولة المدنية لا يُلغي المحافظة على قدسية الدين واحترام العبادات والقيم الإيمانية والأخلاقية والجوانب الاجتماعية المتعلقة به، بل يحافظ عليها بعيداً عن السياسة.

فيما تناول بقية المشاركين في مداخلاتهم، ضرورة إدامة الحوار الفكري لتجنّب المزيد من صراعات الفُرقة والتشرذم وتحقيق الاستقرار والتطوّر للمجتمعات العربية، وتحليل العوامل المؤدية إلى النهضة من حيث الاعتماد على الحرية والإبداع والبحث والابتكار واحترام القيم.
وأكد بعضهم، أن نهضة الأجزاء دون نهضة الكل لا تؤدي إلى المستقبل المنشود، وأن التحـوّل يجـب أن يكـون تدريجياً بتطوير الفكـر ومفاهيـم المجتمـع، مع فهم رسالة الدين الجوهرية في سياق تطور المجتمع والتفاعل مع مفاهيمه.

ولفتوا إلى ضرورة الاهتمام بالجانب التنويري والموضوعي والروحي لفكر النهضويين، ودور مؤسسات الثقافة والفكر في تبنّي الفكر التنويري لحل مشكلة عدم تطبيق مفاهيم النهضة وافتقاد الآليات لذلك، وكذلك متابعة النهضة العربية عبر تجليات الدولة الحديثة والرؤى الإصلاحية التي تعالج إشكاليات الهوية والعولمة.

زر الذهاب إلى الأعلى