“العوام” يسمونه “أبو وجهين” …تعرف على أسباب العيش بشخصيتين متناقضتين!
الطبيب الفرنسي “جانيه” هو أول من وصف حالة إزدواجية الشخصية عام 1889، وربطها ربطاً متيناً بالصدمة النفسية في مرحلة الطفولة. منذ حوالى السنة، أعلن مركز البحوث King’s College London- في بريطانيا عن دراسة جديدة حول موضوع إزدواجية الشخصية وتعدّد الشخصيات عند الإنسان. إعتبرت هذه الدراسة أنّ «صدمة» قوية قد عاشها الإنسان منذ طفولته، قد تُسبّب بظهور شخصية ثانية عنده.
ولكن عندما نتكلّم عن “إزدواجيّة الشخصية” هل نتكلم عن مرض؟ أو عن إضطرابٍ للشخصية؟ هل إزدواجيّة الشخصية تؤدي إلى مشكلات علائقية وإجتماعية عند المريض؟ وما هو عدد الشخصيات التي يمكن أن تتعايش عند الإنسان الواحد؟ وأخيراً هل إنّ ازدواجية الشخصية هي الفصام أو المعروف بالـSchizophrenia؟ نسمع دائماً هذه الجملة: “هيدا الشخص عندو شخصيتين!” أو “ليش بتتصرّف كأنو عندك شخصيتين؟”… وغيرها من الجمل التي تصف تصرفات الإنسان المتناقضة.
هذا نتاج ما شهدناه على شاشات التلفزيون من أفلام تفسّر الكثير من الأمراض والإضطرابات النفسية بشكل غير صحيح خصوصاً إزدواجية الشخصية، التي كانت محور إهتمام مُخرجي الأفلام بشكل كبير ونشرت معلومات جدّ خاطئة عن هذا الإضطراب.
ما هي “إزدواجيةُ الشخصيّة”؟
قد تطال إضطراباتٌ عدة شخصية الإنسان. وهذه الإضطرابات تؤثّر بشكل مباشر في حياته اليومية، كما تؤثّر في سلوك الفرد وإنفعالاته وحتّى في إنتاجه الفكري.
“إضطراب إزدواجية الشخصية” هو أحد هذه الإضطرابات، التي تصيب شخصية الإنسان حيث تظهر عنده شخصيتان في جسد واحد، وهو حالة اضطرابية ومرضية نادرة جداً في العيادات النفسية. لهذا الإضطراب شعبيةٌ كبيرة ربّما لندرة وجوده أو ربّما بسبب غرابته.
وتُعتبر إزدواجيةُ الشخصية أو ما يُسمّى أيضاً باضطراب الهوية الانشقاقي (أو الإنشطاري) Dissociative Identity Disorder، من الإضطرابات الإنشقاقية Dissociative Disorders التي تضمّ مجموعةً كبيرة من إضطرابات الشخصية وتطال معدّلاً يراوح ما بين 0.1 و1 في المئة من سكان العالم.
وهناك فرع من فروع الإضطرابات الإنشقاقية، مماثلٌ لإزدواجية الشخصية ويطلق عليه إسم «إضطراب تعدّد الشخصية»:Multiple Personality Disorder حيث تعيش في جسدٍ واحد العديدُ من الشخصيات ويمكن أن تتعدّى العشر.
خصائصُ اضطراب إزدواجية الشخصيّة
• يملك المُصاب هويتين أو شخصيتين وربّما أكثر.
• كل شخصية من هذه الشخصيات تكون معروفةً من المُصاب، أي ربما تكون شخصية أحد الأقارب أو شخصية تأثّر بها نفسيّاً سلباً أو إيجاباً.
• يختلف أسلوب كلّ شخصية عن الشخصية الأخرى، لناحية السلوك والإدراك وطريقة التفكير والعلاقات الشخصية…
كيف يتم الإنتقالُ من شخصيّة إلى أخرى؟
الإنسان المصاب بازدواجية الشخصية، يمكن أن تعرف شخصيته الأولى شخصيته الثانية، ويمكن أن لا تعرفا بعضهما إطلاقاً. كما يمكن أن تكون الشخصية الأولى مناقضةً للشخصية الثانية: شخصية خارجة عن القانون والشخصية الثانية مسالمة وتحترم الأعراف الإجتماعية أو شخصية خجولة والشخصية الثانية جريئة جداً.
أما بالنسبة للإنتقال من شخصية إلى شخصية ثانية، فيتمّ عندما يشعر المريض بكبتٍ كبير أو بقلقٍ أو ضغطٍ نفسي. يستسلم لهذه الضغوط، وللتخفيف من هذا الشعور المزعج تحلّ الشخصية الثانية، في خلال ثوانٍ معدودة أو دقائق، لتخفّف من الضغوط النفسية التي يشعر بها المُصاب.
أسبابُ هذا الإضطراب؟
دراساتٌ نفسية وأبحاثٌ علمية ما زالت تُجرى في العديد من المختبرات النفسية لاكتشاف أسباب تعدّد الشخصيات وإزدواجية الشخصية، إذ لم يتمّ التوصل بعد إلى الأسباب الحقيقية لظهورها، ولكنّ هناك نقاطاً أجمع عليها العلماء:
• أولاً، معاناة المريض من طفولة كئيبة ومحزِنة، مع إيذاء جنسي وعدوانية جسدية ولفظية وصولاً إلى عدوانية نفسية.
• ثانياً، أكدت دراسة في مركز البحوث King’s College London، ما قاله “جانيه”، أي إنّ أحد أسباب ظهور هذا الإضطراب قد يكون صدمةً قوية عايشها المصاب خلال طفولته.
• ثالثاً، عدم التكيّف مع الواقع، والهروب من تجربة مؤلمة وعدم القدرة على حلّ مشكلات استعصت على المريض وعدم تكيّفه مع نفسه يمكن أن تكون أسباباً لإزدواجية الشخصية.
هل هناك علاج؟
لا علاجَ بالعقاقير لإزدواجية الشخصية بل هناك علاج نفسي طويل الأمد من أهدافه تفريغ الصدمات النفسية التي عاشها المريض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
عندما يتمكّن المرء من وصف آلامه ومشكلاته وقلقه، يمكن أن يخفّفَ من الخوف الذي يراوده. كما من المهم إكتشاف الأسباب التي جعلت هذا الشخص يستخدم “شخصية ثانية” للهروب من واقعه المُفجع.
هل هي الفصام؟
كلا، إزدواجية الشخصية ليست أبداً فصامَ الشخصية. فصامُ الشخصية بحاجة لعقاقير تخفّف الهلوسات التي يراها ويسمعها ويشعر بها المريض، وهو يحتاج لتلقّي علاج في المستشفى تحت إشراف طبيب نفسي. بينما يحتاج المصاب بازدواجية الشخصية إلى المتابعة النفسية عند معالج نفسي، ولا يعاني من الهلوسات الموجودة عند الشخص الفصامي.
ويتميّز مريض إزدواجية الشخصية، بوجود شخصيات عدّة في جسده، بينما يتمتّع المُصاب بالفصام، بشخصية واحدة ومفكّكة أي غير ملتحمة لذا يشعر دائماً بالقلق ويحتاج للمساندة وطبعاً للأدوية المضادة للذهان.
صحيفة الأنباء