للمرة الثانية .. تثبيت التصنيف الائتماني

سلامة الدرعاوي

للمرة الثانية على التوالي يتم تثبيت التصنيف الائتماني للمملكة، حيث أصدرت المؤسسة العالمية مودز تقريرها حول الاردن بتثبيت نظرتها المستقبلية المستقرة عند B1، وهذه نقطة ايجابية للاقتصاد الاردني الذي يواجه تحديات اقتصادية جسيمة بسبب تداعيات جائحة كورونا التي عصفت بأداء الموازنة العامة، وكبدت الكثير من القطاعات الاقتصادية خسائر جسيمة.
التثبيت الائتماني للأردن له مدلول ايجابي كبير على المستوى الكُلي للاقتصاد الوطني في هذا الوقت بالتحديد، حيث تم تخفيض التصنيف الائتماني للعديد من اقتصادات ومؤسسات المنطقة بسبب كورونا.
في الأردن يعني التثبيت الائتماني ان الأردن ما يزال يحظى بدعم دول كبير، وهذا كان واضحاً منذ بداية أزمة الجائحة حيث استطاع إبرام اتفاق تصحيحي جديد مع صندوق النقد الدولي، ونجحت قبل شهر المراجعة الأولى للاتفاق، وهذا لم يكن ليتم لولا الدعم الدولي للأردن واقتصاده.
رغم صعوبة الاداء الاقتصادي والتحديات الا ان الأردن أظهر التزاماً واضحاً بالإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع الصندوق رغم وجود عذر واضح في حال الإخفاق نتيجة تداعيات كورونا التي قلبت قسراً طاولة الإصلاحات رأسا على عقب، ومع ذلك كان الأردن ملتزما بالإصلاحات وسار على خطى التصحيح بأدق تفاصيله، فقد التزم تجاه كُل تعهداته والتزاماته الداخلية والخارجية على أكمل وجه، رغم انعكاسه سلباً على المديونية التي قفزت الى أكثر من 33 مليار دينار او ما نسبته 106 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، الا ان المؤسسات العالمية والدول المانحة زادت ثقتها بالسياسة الاقتصادية الرسمية ودعمتها في الاستمرار تحت مظلة اقتراض بأسعار فائدة اقل من دول الجوار، وهذا كان واضحاً في نجاح الحكومة بالحصول على سندات يورو بوند بقيمة 1.75 مليار دولار، تمكن من خلالها بدفع 1.2 مليار دولار مستحقات دولية عليه في شهر تشرين الأول الماضي بنجاح ودون أي تاخير كما كان البعض يعتقد.
أيضا الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في بداية الجائحة على الصعيد المالي كان لها في ضبط التراجع بشكل كبير، وكان لها اثر ايجابي في تحسين صورة الأردن الائتمانية، فقرارات ضبط الإنفاق وترشيده ودعم المجهود الصحي مع مواصلة عمليات الاصلاح المالي خاصة فيما يتعلق بالضريبة اثناء مراجعة لصندوق النقد الدولي للاتفاق الأخير الذي كان متفاجئاً بإيجابية عالية وهو يطلع على نتائج الاصلاح الضريبي الذي كانت نتائجه مرضية على عكس المتوقع، فالنمو في التحصيل الضريبي الذي زادت ايراداته بنسبة 10 بالمائة حتى الربع الثالث من العام الجاري كان بفضل الإدارة الضريبية الحصيفة التي تمكنت من إعادة هيكلة الضريبة على أسس صحيحية وسليمة، دعمت بسلاسة عمليات الاصلاح الضريبي ومكافحته وتوسيع قاعدة المكلفين بالشكل المخطط له، وهو عزز ثقة المؤسسات الدولية بالسياسات الاقتصادية الرسمية، فهناك إنجاز تحقق على أرض الواقع فعلاً.
التقرير الأخير لمودز وقبله تقرير لستاندرد آند بورز (S & P) وبعده المراجعة الاولى للصندوق التي تمت بنجاح، كُلها مؤشرات ايجابية للاقتصاد الوطني، وان هناك رعاية دولية ما تزال تظل الاقتصاد الوطني، وهذه لا يمكن ان يستخف بها او ان ينظر لها بسلبية في هذا الوقت تحديداً، فالدعم الدولي بات جزءاً أساسياً من استمرارية الثبات للاقتصاد الوطني.

زر الذهاب إلى الأعلى