لعبة الحبار 3: حين تتحول الحرية إلى وهم في عالم تحكمه الخوارزميات

من تسليع الفقر إلى برمجة المشاعر: تطوّر الفكرة المركزية

بعد أن تناول الموسم الأول من لعبة الحبار (Squid Game) قضايا الديون واليأس وتسليع الفقر، وركّز الموسم الثاني على تحوّل الضحية إلى أداة داخل المنظومة التي كان يعارضها، يأتي الموسم الثالث ليطرح سؤالاً أكثر قسوة:
هل لا تزال الإرادة الحرة ممكنة في عالم تحكمه الخوارزميات؟

ألعاب قاتلة داخل واقع افتراضي يشبه Call of Duty وBlack Mirror

في هذا الموسم، يدخل اللاعبون تجربة قاتلة تُدار داخل عالم افتراضي صُمّم بمحرك ألعاب، فتتشابه أجواؤه مع ألعاب Call of Duty وسلسلة Black Mirror، حيث لا تُراقب تصرفات المتسابقين فحسب، بل يتم التنبؤ بها سلفًا باستخدام بيانات سلوكية وخوارزميات تنبؤية، لتتحول كل لعبة إلى اختبار أخلاقي فائق القسوة.

صعود الرعب والدموية: نسخة أكثر وحشية من “الضوء الأحمر، الضوء الأخضر”

أعاد المخرج تقديم ألعاب الطفولة الشهيرة بصيغ مشوهة ودموية، في نسخة قاتلة من لعبة “الضوء الأحمر، الضوء الأخضر” تقودها دميتان قاتلتان، ونسخة متطرفة من لعبة الحبار تُحسم نتائجها بالخيانة الجماعية.

كل مستوى… اختبار لهويتك وليس فقط لبقائك

في كل مرحلة، يُطلب من اللاعبين اتخاذ قرارات لا تعكس فقط مهاراتهم البدنية أو حوافزهم للنجاة، بل تُجبرهم على المقايضة بهويتهم وإنسانيتهم:

  • هل ستخون أم تتعاون؟

  • هل تنقذ طفلاً أم تنجو بنفسك؟

  • هل تحتفظ بضميرك أم تتركه على عتبة القتل العشوائي؟

بداية الموسم: المتاهة، السكاكين، والخيانة

يبدأ الموسم بعودة جي‑هون إلى اللعبة بعد فشل ثورته. تتوزع الفرق بين حاملي المفاتيح والسكاكين، في لعبة متاهة قاتلة، تمثل البدايات الأولى لظهور الخيانة، بينما يبدأ المحقق جون‑هو بمحاولة اختراق الجزيرة باستخدام منظار بحري، قبل أن يُكتشف عميل مزدوج بين رجاله.

“برج الصمت”: استعارة قاتمة للطموح البشري

أحد أبرز مشاهد الموسم دارت في لعبة “برج الصمت”، وهي متاهة موت عمودية على شكل حلزوني، ترتفع فيها احتمالات القتل مع كل صعود. يجسد البرج البصري طموح البشر الذي يقودهم إلى الهاوية بدل النجاة، في ديكور يستحضر سجون العصور الوسطى ونُظم المراقبة الحديثة.

“غيوم جا” و”جي‑هون”: التضحية مقابل الفناء

من أكثر المشاهد قسوة كانت تضحية “غيوم جا” بابنها لإنقاذ طفل “جون هي”، قبل أن تنتحر من شدة الذنب، ثم تضحية “جي‑هون” بنفسه لإنقاذ الطفل ذاته.
هذه اللحظات العاطفية القاتلة تُجسّد أن العنف في هذا الموسم لم يكن جسدياً فقط، بل عاطفيًا يدمّر الذات من الداخل.

نهاية مفتوحة: كيت بلانشيت ونُذر التوسّع العالمي

تُفاجئ النهاية المشاهد بظهور شخصية جديدة تُجسدها كيت بلانشيت كمجنّدة أميركية، ما يشير إلى توجّه اللعبة نحو عالمية قاتلة في موسم رابع محتمل، يرمز إلى أن التوحش الرأسمالي لا يستثني أحدًا.

البعد السينمائي: كاميرات طائرة وألوان تثير المرض

اعتمد الموسم الثالث على لقطات درون وتصوير تتبعي دوار، لتأكيد انعدام الحرية. كما تم استخدام الألوان بشكل نفسي:

  • الأخضر: يوحي بالمرض والقلق

  • الأحمر المشبع: يدل على الخطر

  • الأزرق الجليدي: يرمز إلى الانفصال العاطفي

أداء تمثيلي يدمّر الجدران بين الشاشة والمشاهد

عاد لي غونغ جاي بدور جي‑هون، لكن ليس كرجل يسعى للمال، بل للحقيقة والمعنى، وانتهى بقفزة ملائكية تم تصويرها كما لو أنه “يطير نحو النور”.
أما كيم سي يون في دور “غيوم جا”، فأدّت واحدًا من أقسى الأدوار النسائية، امرأة تُجبر على قتل ابنها وتنهار كليًا.

خلفية “رجل المقدمة”: الضحية التي أصبحت سيد اللعبة

في تحول درامي عميق، يُظهر الموسم كيف أن حتى الفائزين يمكن أن يصبحوا عبيدًا للنظام. “إن‑هو”، أو “رجل المقدمة”، لا يزال أسير اللعبة رغم تحكمه بها، ويقوم في النهاية بتكريم تضحية “جي‑هون”، في لحظة نادرة من الإنسانية.

زر الذهاب إلى الأعلى