قرار الجنائية انتصار فلسطيني بيد إفريقية

صالح الراشد

انتصار سياسي كبير حققته القضية الفلسطينية في مواجهة عدوان صهيوني غير مسبوق على غزة، وتمثل الانتصار بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة بإلقاء القبض على رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو ووزير الدفاع غالانت، بتهمة ارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية بقتل أكثر من خمسين الف مواطن فلسطيني منهم أكثر من خمس وثلاثين ألف طفل وإمرأة، إضافة لتهجير مليوني فلسطيني وفرض الحصار لقتل المواطنين جوعاً تحت ذرائع لم تتقبلها المحكمة الجنائية الدولية، ليصبح هذا القرار ملزماً للدول ال”124” التي وقعت على اتفاق روما لتسليمهما للمحكمة حال وصول أي منهما لأراضيها.

ولم تلتزم غالبية الدول العالمية الصمت حول قرار المحكمة لتعلن دول تأييدها للقرار تتقدمها إيطاليا، الأرجنتين، الصين، بريطانيا، هولندا، بلجيكا، أيرلندا، النرويج، قبرص، إيران، السويد، كندا، كولومبيا وتركيا، فيما أعلنت المانيا أنها لن توجه دعوة للمطلوبين لدخول أراضيها حتى لا تجد نفسها مجبرة على تسليمهم، فيما أعلنت فرنسا ان موقفها سيكون متوافق مع قرار المحكمة، بدورها قررت المجر أنها ترفض القرار وستوجه دعوة لنتنياهو لزيارتها، ولكن الغريب في هذه القضية أن دولتين عربيتين فقط وقعتا على نظام روما وهما الأردن وتونس ثم انضمت فلسطين، فيما البقية لم توقع ولم تعلن أيٍ منها موقفها من زيارة نتنياهو أو غالانت لأراضيها وبالذات تلك الدول التي ترتبط باتفاقات مع الكيان الصهيوني.

وكعادتها خرجت الولايات المتحدة عن الغالبية العالمية كونها لا تستطيع اتخاذ أي قرار يتعارض مع رغبات قوة لجنة “إيباك” الضاغطة لدعم الكيان الصهيوني بكل قوة في جميع المواقف سياسياً وعسكرياً، ليصف الرئيس الأمريكي منتهي الصلاحية بايدن بأن القرار “بأنه أمر شائن”، ليكون موقفها الحالي متعارض تماماً مع مواقفها من تحويل عمر البشير لمحكمة الجنايات كما رحبت بتحويل الرئيس الروسي بوتين للمحكمة، ووافقت على محاكمة الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش ورئيس ساحل العاج لوران غباغبو ورئيس ليبيريا تشارلز تايلور والرئيس الكيني أوهورو كينياتا والليبي سيف الإسلام القذافي وتم الإفراج عنه، وتم توقيف رئيس أفريقيا الوسطى فرانسوا بوزيزيه، والرابط بين جميع هؤلاء أنهم كانوا ينبذون السياسة الأمريكية عكس نتنياهو الابن المدلل للإجرام الصهيوأمريكي، لتكون رسالة واشنطن واضحة بأنها ستوفر الحماية لمن يكون تحت جناحها.

لقد نجحت جنوب أفريقيا ومن وقف معها في مقاضاة الكيان الصهيوني بتحويله إلى كيان منبوذ شعبياً محاصر سياسياً واقتصادياً، ونجحت في وضع النقاط على الحروف ورسم خريطة جديدة للعالم ترهب الإرهابيين ومزودي الإرهاب وجعلتهم يدركون أن مسألة وقوفهم كمتهمين مجرد وقت، لنجد ان الدول المعتادة على الإرهاب أو الخاضعة للسيطرة الصهيونية تقف ضد القرار، وهذا مؤشر على وجوب أن تقوم الدول الراغبة بتطبيق العدالة الدولية إلى نبذ قيادات تلك الدول الرافضة لقرار المحكمة بحق المجرمين الصهيونيين وتثبت فشل نظام الفصل العنصري الذي تتبناه الولايات المتحدة في المقام الأول ثم إبنها المدلل في الكيان، لنجد في نهاية الأمر أن جنوب أفريقيا لم تنتصر للقضية الفلسطينية فقط بل انتصرت لجميع أحرار العالم.

آخر الكلام:

قال الفيلسوف المبدع أسامة جبارة: “ان المجاز البشعة والابادة الجماعية قد حركت الأجيال الشابة في العالم ومن هنا سيبدأ التغيير الذي سيؤدي بالضرورة إلى صراع داخل المجتمعات الغربية ولكنه سياخذ وقته، وقد ساهمت التكنولوجيا بفضح المستور والحديث يطول..”.

زر الذهاب إلى الأعلى