فلحة بريزات .. أول امرأة تنافس على منصب نقيب الصحفيين الأردنيين
عندما قررت الصحفية فلحة بريزات خوض معركة انتخابات نقابة الصحفيين الأردنيين والمنافسة على منصب النقيب، كأول صحفية تترشح لهذا المنصب، كانت تعلم أن الطريق صعب وشاق ويتطلب صلابة وقوة.
فلحة بريزات التي ولدت في مغارة على مشارف قرية “دليلة الحمايدة” في ريف مدينة مادبا جنوب العاصمة عمان، تقول للجزيرة نت إن بيئتها وقساوة طفولتها منحتاها القدرة على الصمود والمواجهة حتى النهاية.
وتضيف “طفولتي لم تكن منعمّة إلى الحد الذي يريحني من عناء البحث عن فرص التطوير والتعلم، بل كانت تضعني أمام اختبارات بعضها طالته القسوة، وكان عليّ واجب البحث عن حلول منطقية، والتكيف مع التحديات كابنة عاشت في قرية، معتمدة على ذاتي وعلى أريحية الحياة وبساطتها في بيت الشعر”.
بدأت فلحة مشوارها الانتخابي باتخاذ قرار جريء تمثل باستقالتها من عملها في وكالة الأنباء الأردنية والإعلان عن عدم قبولها أي منصب في حال فوزها من أجل التفرغ لعملها النقابي.
أمام هذا القرار غير المسبوق في تاريخ النقابة نرى مشهدا جديدا موشحا بأسئلة كثيرة حول صعوبة المنافسة ومدى تقبل الزملاء لوجود امرأة في مقعد النقيب، رغم التأييد الواضح والمشجع لها لإكمال مشوارها.
كيف ولدت فكرة خوض الانتخابات عند فلحة؟
تقول فلحة “لا يزال صدى حديث صباحي مع إحدى الزميلات على عتبات نقابة الصحفيين قبل أزيد من خمس سنوات، يرن في أذني كلما جاء موعد انتخابات نقابة الصحفيين”.
ونوهت بأنه حديث طرق الباب على الأسئلة الكبيرة حول غياب المرأة عن مجرد فكرة الترشح لموقع نقيب الصحفيين، لعقود طويلة، اكتفت فيها المرأة بنصيبها في العضوية رغم إتاحة القوانين لها لممارسة هذا الحق.
وأضافت “الحقيقة كان عليّ الحسم بملف خوض تجربة الترشح لموقع النقيب، لكسر “التابوهات” عند الزميلات من جهة، ولإيماني الراسخ بقدرتي على تقديم نموذج مختلف في استناده إلى التشاركية والقيمية، بعيدا عن الذاتية والإقصائية التي طغت على مجمل مشهدنا النقابي”، بحسبها.
غد نقابي أفضل
ولكن لماذا الآن، وهي تعلم أنها تواجه النقيبين الحالي راكان السعايدة والسابق طارق المومني؟ تقول فلحة إنها تخوض الانتخابات متسلحة بكتلة نقابية معلنة، وبرنامج إصلاحي مهني يؤهلها لخوض المعركة حتى النهاية.
وتوضح “أحمل برنامجا نقابيا نلتزم به أمام الهيئة العامة، بعيدا عن الأطر التقليدية التي ظلت تسيطر على خيارات الأعضاء وأوراقهم الانتخابية، فكلما (سخنت) الأجواء الانتخابية، يجري حديث في أوساط الهيئة العامة عن أسباب ضعف “العلاقة التعاقدية” بين النقابة وأعضائها، عقب غياب شبه مطلق عن قضايا الزملاء وتطلعاتهم لغد نقابي أفضل”.
تجسيد مسؤولية السلطة الرابعة
والحقيقة أن خوض أول صحفية لمنصب نقيب الصحفيين الأردنيين حرك المياه الراكدة وسخن المعركة أكثر، خصوصا عبر وسائل الاتصال الاجتماعي وفي الصحف والمواقع الإلكترونية. ووجدت أن هناك من يؤيدها من الصحفيين الرواد الأوائل وكذلك من جيل الشباب، كما لمست أن هناك من هو عالق في الماضي ويعتقد أنها لا تملك الفرصة لأنها “امرأة”.
وهناك زملاء وزميلات ومن كل الفئات العمرية اختاروا أن يشهدوا ولادة المشروع النقابي الأول، من حيث ترشح امرأة لموقع النقيب ومن حيث بناء كتلة برامجية معلنة، تشخص الهموم التنظيمية والمعيشية والتطويرية، وتضع خطة لمعالجتها، بأدوات تطلق صورة المهنة من التبعية للقطاعات الاقتصادية والإدارية وغيرها، والدفع بها نحو العمل باستقلال ومهنية.
فضلا عن تطوير وبلورة معايير مهنية ترقى بالأداء المهني للأعضاء وتجسد مسؤولية الصحافة كسلطة رابعة.
حملة انتخابية عمادها نهج تكاملي
وهي الآن تواصل حملتها الانتخابية، إذ قامت فلحة بريزات، التي تخرجت في كلية الإعلام بجامعة اليرموك بجولات شملت مواقع الصحفيين في المحافظات القريبة والبعيدة، وحاورت الجميع.
وحول هذه الجولات تقول فلحة، “بالنسبة لي فإن المفاضلة لا تخضع لمعادلة “الجغرافيا النقابية” بقدر التصاقها بكل العقول المتحركة، والأيادي المعطاءة والقلوب المحبة، بيد أنني رغبت ببدء الترويج لفكرة الكتلة الجديدة بطرحها ورؤيتها بمشاركة الزملاء والزميلات في المحافظات، للتأكيد على أن المسطرة النقابية التي أؤمن بها تصر على ترسيخ نهج تكاملي تكون به المحافظات إلى جانب المركز دون إقصاء أو تهميش لأي منهما”.
واختتمت بقولها “أما فيما يخص تأثير كوني امرأة على فرص نجاحي، فمن المبكر جدا الجواب عنه، فالصناديق وحدها هي من تقول، وعلينا أن نحسن الاستماع لقولها”.(الجزيرة)