فضيحة ChatGPT ليست مجرد خبر، بل تهديد مباشر لخصوصيتك

في تطور صادم، أظهرت تقارير وأخبار حديثة أن آلاف المحادثات الخاصة التي أجراها المستخدمون مع منصة الذكاء الاصطناعي “ChatGPT” أصبحت متاحة للعامة، بعد أن تمت فهرستها بواسطة محركات البحث كمحرك البحث العالمي “جوجل”، فهذا التسرب، الذي لم يكن ناتجاً عن اختراق، بل عن عيب في تصميم خاصية “المشاركة”، أثار موجة من القلق والخوف الشديدين بين المستخدمين وفتح نقاشاً واسعاً حول أمان وخصوصية البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي.
الجانب النفسي للمستخدمين: صدمة نفسية وانعدام الثقة
تجاوزت آثار هذه الأزمة الجانب التقني لتصل إلى الجانب النفسي للمستخدمين، فقد انتاب الكثيرين شعور عميق بالصدمة وانعدام الثقة، ليس فقط لأن خصوصيتهم قد انتهكت، بل لأنهم باتوا يخشون من أن تكون أعمق أسرارهم التي وثقوا بها في المنصة قد أصبحت في العلن وبمتناول العامة.
وفي هذا الصدد، يُعلق على ذلك الخبيرة والأخصائيّة النفسية الدكتورة لمياء فؤاد قائلة: “هذه الحادثة أثارت شعوراً بالخيانة لدى المستخدمين، فقد كان ChatGPT بمثابة مساحة آمنة وسرية للكثيرين، وعندما تتسرب هذه الأسرار، فإنهم لا يشعرون فقط بالخوف من انكشاف معلوماتهم، بل يفقدون ثقتهم في التكنولوجيا ككل، مما قد يؤدي إلى صدمة نفسية حقيقية”.
وقد عبر العديد من المستخدمين عن مخاوفهم بكلمات مؤثرة؛ وفي ذلك يقول أحمد: “أنا مهندس أعمل في مجال حساس، استخدمت المنصة لمناقشة أسرار عملي، والآن أعيش في قلق دائم من أن تتسرب أفكاري وأخسر وظيفتي وبعض الأفكار التي يمكنني تحويلها إلى مشاريع استثماريّة كبيرة.”
ومن جهتها قالت هناء “كفتاة، أعيش في خوف شديد من أن تتسرب أسراري الشخصية التي شاركتها بثقة مع “شات جي بي تي”، لو تسربت محادثاتي فعلاً فقد يؤدي ذلك إلى تعرضي للنقد والهجوم القاسي من المجتمع أو الأذى من عائلتي الذي قد يصل للقتل، وهذا ما يجعلني أعيش في حالة رعب.”
هذا الشعور بالانتهاك وانعدام الأمان الرقمي أدى إلى فقدان الثقة في المنصة بشكل خاص، وفي أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل عام.
ردود فعل واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي:
على منصات التواصل الاجتماعي، مثل X (تويتر سابقًا) وفيسبوك، سادت حالة من الغضب والاستياء، حيث استخدم المغردون على X هاشتاجات مثل “#ChatGPTLeaks” للتعبير عن خيبة أملهم، بينما على فيسبوك، انتشرت المنشورات التي تعبر عن الصدمة والخوف.
وقد تراوحت ردود الأفعال بشكل واسع؛ فبجانب التعليقات الغاضبة التي عبر فيها الناس عن قلقهم بأن محادثاتهم الشخصية قد تكون تسربت، ظهرت ردود فعل ساخرة من آخرين؛ حيث سأل البعض ChatGPT نفسه بسخرية ما إذا كانت محادثاتهم قد تسربت، بينما عبر آخرون عن شعورهم بالارتياح لأنهم لم يثقوا بهذه التجربة من البداية؛ هذا التنوع في ردود الأفعال يُظهر كيف أن الأزمة لم تكن مجرد قضية تقنية، بل أثارت نقاشاً أعمق حول الثقة في الذكاء الاصطناعي.
التبعات الاقتصادية والقانونية: تداعيات على سمعة OpenAI وأرباحها:
يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الأزمة قد يكون لها تبعات اقتصادية خطيرة على شركة OpenAI، ففقدان الثقة لدى المستخدمين يُعد أخطر تبعة، حيث يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في قاعدة المستخدمين، وربما يؤثر على جاذبية المنصة للشركات التي تعتمد عليها في تطوير خدماتها، كما أن التداعيات السلبية قد تمتد إلى الأسواق المالية، مما قد يؤدي إلى هبوط في أسهم الشركة وفقدان المستثمرين ثقتهم بها، فضلاً عن أنَّه قد تواجه الشركة دعاوى قضائية من المستخدمين والشركات المتضررة، والتي قد تطالب بتعويضات كبيرة عن الأضرار الناجمة عن تسريب البيانات السرية.
آراء خبراء الأمن السيبراني: تحليل الأسباب وكيفية حماية الذات:
يوضح خبير الأمن السيبراني الدكتور خالد الزهراني أن المشكلة لم تكن اختراقاً فحسب، بل فشلاً في تصميم تجربة المستخدم (UX)، فقد كانت خاصية “المشاركة” غير واضحة بما يكفي، ولم تحذر المستخدمين بشكل كافٍ من أن تفعيلها يجعل محادثاتهم عامة وقابلة للبحث.
ومن جهته أوضح الزهراني الخطوات الواجب اتباعها لحماية أنفسنا؛ وذلك بضرورة توخي الحذر الشديد وعدم إدخال أي معلومات حساسة أو سرية في هذه المنصات، وفهم إعدادات الخصوصية الخاصة بكل خدمة يستخدمونها، كما يجب الامتناع عن مشاركة المحادثات عبر روابط عامة لتجنب وصولها إلى محركات البحث، وتتحمل الشركات مسؤولية أكبر في تصميم منتجاتها لتضع الخصوصية والأمان كأولوية قصوى.
وأخيراً يمكننا القول بأنَّ حادثة تسرب بيانات ChatGPT تمثل لحظة فارقة في علاقة المستخدمين بالذكاء الاصطناعي، حيث إنَّها ليست مجرد مشكلة تقنية، بل قضية ثقة وأمان تفرض على الشركات إعادة النظر في كيفية حماية خصوصية المستخدمين، وتفرض على المستخدمين أيضاً توخّي الحذر عند مشاركة أي معلومات حساسة مع أي أداة رقمية.