فضل العشر من ذي الحجة

بقلم: لؤي دلكي
سبحان من تفرد بالخلق والاختيار فقال في محكم تنزيله: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون)
ومما اختار مولانا جلّ جلاله وفضلها على غيرها؛ الأيامَ العشر الأُوَل من ذي الحجة، والتي أقسم الله سبحانه وتعالى بها في كتابه الكريم فقال: (والفجر وليال عشر)
والليالي العشر هي العشر من ذي الحجة،
كما قال ابن عباس ومجاهدُ وغير واحد من مفسري السلف والخلف،
وقال في آية أخرى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام)
والأيام المعلومات هي أيام عشر من ذي الحجة
كما رُوي ذلك عن ابن عباس كذلك،
واللافت حقا أن النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم- قد حث الناس في هذه الأيام على العمل الصالح عموما،
وعلى ذكر الله تعالى خصوصا،
فقال صلى الله عليه وسلم في الحث العام: («ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يَرْجِعْ من ذلك بشيء» رواه البخاري،
وقال في الصحيح في الحث الخاص:
(ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ)،
إن ذكر الله سبحانه وتعالى لا سيما في هذه الأيام المباركة له مزاياه الخاصة في حس المؤمن وشعوره، وله آثاره الخاصة في واقعه وسلوكه؛
فالمؤمن الذاكر لمولاه حق الذكر حاجٌّ إلى ربه بقلبه ولسانه وكيانه،
لسان حاله يقول:
(لبيك ربي وإن لم أكن بيت الحجيج ملبيا،
لبيك ربي وإن لم أكن بين الزحام ساعيا،
لبيك ربي وإن لم أكن بين الطائفين بالبيت داعيا،
لبيك ربي وإن لم أكن بين الواقفين بعرفات راجيا)
وقد قال بعض التابعين:
(إذا أراد الله تعالى بعبده خيرا، حبب إليه ذكره)،
ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف.
ومما ينبغي التنبيه إليه في مقابل الحث على الخيرات في هذه الأيام،
هو الحرص على اجتناب المحرمات وكل أمر من شأنه أن يخل بتعظيم هذه الأيام المباركة،
فتعظيم هذه الأيام من تعظيم الله تعالى،
قال سبحانه: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)،
فاللهم إنا نسألك حسن التوكل عليك، وصدق اللجإ إليك،
ونزّه اللهم قلوبنا عن التعلق بمن دونك، واجعلنا من قوم تحبهم ويحبونك،
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.