فرّقتنا «السياسة» فلتوحدنا «المشاريع المشتركة» !

عوني الداوود

من الطبيعي في هذا الزمن الذي وصل فيه حال الأمة العربية الى ما وصلت اليه من فرقة ألاّ تنعقد القمة العربية في الجزائر ..فعلى ماذا ستنعقد ، في وقت صارت فيه نقاط الاختلاف أكثر بكثير من نقاط الاتفاق – ان وجدت – ..فقد كان للعرب قضية مركزية اسمها «فلسطين « ، لكنها لم تعد كذلك لدى كثير من الدول العربية ، ..وقبل أن نعدد نقاط الاختلاف نسأل عمّن تبقى من الدول العربية ؟.. فالعرب غير متفقين على التعامل مع القضية الفلسطينية ، وكذلك الحال في الملف السوري ، وبالتأكيد اللبناني .. واليمني « حدّث ولا حرج « ، والسودان تموج في بحور مشاكلها اللامتناهية ..وليبيا تتجاذبها مصالح الشمال والشرق ..وحتى تونس التي كانت أنموذجا للأمن والاستقرار والحريات ..دخلت في نفق لا نعلم مداه ؟!.. علاوة على الخلاف « الجزائري – المغربي « ..فما الذي بقي للعرب حتى يجتمعون من أجل الاتفاق عليه ؟؟ .. فحتى بيانات الشجب والتنديد لم يعد من الممكن الاتفاق عليها ..لذلك لا جدوى من انعقاد « القمة العربية « في ضوء الانقسامات السياسية المتزايدة.

حتى « القمة العربية الاقتصادية « التي كنا نعوّل عليها انطلاقا من مقولة « اذا كانت السياسة تفرقنا فلتجمعنا المصالح الاقتصادية « .. فشلت القمة الاقتصادية العربية في « بيروت 2019» بجمع شمل العرب ، لتضيع آمال وطموحات وتطلعات القمم الاقتصادية التي عوّل عليها أمير الكويت الراحل « أمير الانسانية « الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وهو يجمع شمل العرب في أول قمة اقتصادية عقدت في الكويت عام 2009 ، وكنا ولا زلنا نعوّل على هذه القمم الاقتصادية خصوصا بعد الأزمة المالية العالمية ( 2008- 2009) من أجل الاستثمارات العربية البينية وتوطين رؤوس الأموال العربية داخل الاقليم العربي…لكن يبدو أن مجاديف الطموحات باتت تتكسر على شواطئ الخلافات السياسية أيضا … لنطرح سؤالا كبيرا : أما من سبيل لخلق ما يجمع شمل العرب بعيدا عن « اللغة والتاريخ والحضارة والثقافة والجغرافيا .. وغير ذلك « فكلها موجودة شكلا لا مضمونا .. ومن هنا لا بد من التعويل على لغة العصر الحديث وهي لغة « المصالح « .. وأعتقد أنها قادرة على تجميع ما تبقى من « اللحمة العربية «.

هناك «مشاريع اقليمية عالمية « مطروحة حاليا في منطقتنا العربية ، يمكن أن تشكل جسورا جديدة للتلاقي العربي ، ومنها :
– مشاريع الطاقة والطاقة المتجددة والكهرباء و الذي يتمثل بخط الغاز المصري عبر الاردن مرورا بسوريا وصولا الى لبنان … وكذلك مشاريع الكهرباء بين الاردن والضفة الغربية .. وبين الاردن والعراق .. والمملكة العربية السعودية.

– مشاريع الطاقة ممثلة بخط النفط « البصرة – العقبة « حتى شواطئء البحر الاحمر.

– مشاريع اعادة الاعمار في العراق الذي تتنافس عليه دول الخليج العربي في ظل تواجد كبير ومؤثر من دول اقليمية في مقدمتها ايران وتركيا .. وتبحث الاردن فيه عن موضع قدم.

– مشاريع النقل في الاقليم وسكك الحديد التي تقدر بمليارات الدولارات.

– مشاريع الاقتصاد الاخضر والتنمية المستدامة ومشروع « نيوم «السعودي الكبير الرابط بين آسيا وأفريقيا « .

– مشروع « الناقل الوطني «والذي تبحث الأردن عن شركاء اقليميين ودوليين لاتمامه بكلفة أولية ( 2.4 مليار دولار ) .

باختصار .. هذه « المشاريع الكبرى « باتت تمثل « لغة المصالح بين الدول « ولغة الاقتصاد التي تطوّع السياسة .. وعلى قدر ما نحسن خلق هذه المشاريع وتوظيفها لخدمة قضايانا العربية ( ولو على الصعيد الثنائي والثلاثي ) على قدر ما نفوّت الفرصة على من يسعى لاختراق مثل هذه المشاريع لتوظيفها لمصالحه ولخلق مزيد من الفرقة العربية.

لدينا نماذج نجاح منها محور ( الاردن – مصر – العراق ) ولدينا ( مجلس التعاون الخليجي ) لا زال نموذجا ناجحا .. مثل هذين النموذجين اضافة الى محور ( 6+2) وأقصد دول الخليج الستة اضافة الى المملكتين الاردنية والمغربية .. يمكن أن تخلق مشاريع تعيد بناء مصالح توحدنا وتجعلنا « نتفق على أن نتفق « !!

(الدستور)

زر الذهاب إلى الأعلى