عيد القتل والتشرد والجوع!

كرم الإخبارية – غزة – بهاء رحال

يطوفون ببيتك العتيق، يسبّحون بحمدك، وحدك لا شريك لك، يؤدّون المناسك كما فرضتَ يا الله، ومثل مشيئتك سارت خطاهم، من كل فجٍّ عميق، يأتونك ملبّين، حامدين، شاكرين، منعمين، طامعين رضاك، ومغفرتك، وعفوك، في يوم الحج الأكبر، بينما يسأل طفل في غزة، هل سنجد رغيف خبز في ليلة العيد؟ هل سيتوقّف القصف نهار العيد؟ هل سينجو أخي الصغير من الموت جوعًا؟ هل سيعود لنا أبي إلى الخيمة سالمًا من القصف، بعد أن أمضى الساعات باحثًا عن كسرة خبز وشربة ماء؟ هل سنموت مثلما مات غيرنا في الخيمة؟

يسعون ببيتك الحرام، بين الصفا والمروة، ويسعى الجوعى في غزة بين خيمة وخيمة، ينتظرون مساعي الوسطاء ليتوقّف القتل، ويتوقّف موتهم ويُرفع الحصار الذي يهددهم بالفناء.  يقول الجياع : نسعى للحصول على رغيف خبز وشربة ماء وحبة دواء، وننزح من مكان إلى مكان سعيًا وراء الأمن والأمان المفقودين في غزة.

يقف ضيوف الرحمن بين يديك يأكلون ويشربون ونحن في غزة جوعى وعطشى تحت قصف الطائرات المتواصل، نجمع أشلاء الشهداء في مقابر جماعية، ونشكو خذلانهم لنا ولا رجاء إلا منك يا الله أن ترفع هذا الظلم عن الناس الذين يكابدون العيش في غزة.

عاد العيد، والجوع والعذاب في غزة لا يزالان مستمرّين، ومع كل يومٍ يمضي، تزداد المعاناة، ويرتفع منسوب الألم، وتتسع رقعة العذاب اليومي الذي يعيشه الناس في ظل ظروف قاسية وقاهرة. وفيما يزور عبادك بيتك الحرام هذه الأيام، قادمين من كل فجٍّ عميق، فإننا في غزة محرومون من زيارة بيتك، ممنوعون من الوصول إليه، محرومون من الغذاء والدواء، ومحاصرون من كل الجهات.

عاد العيد، فلا هو عيد ولا هو سعيد، وسط الجوع، والقتل، والنزوح، والخراب، وبينما يجد الصغار في كل بلاد الدنيا فرحتهم بالعيد، ملابس جديدة، وهدايا، وألعاب، وحلوى، وينامون تحت سقف، وفوق أسرّة، يجمعون على وسائدهم أحلامهم وضحكاتهم؛ يبحث أطفال غزة عن لقمة طعام، وشربة ماء، في خيام النزوح ومراكز الإيواء، بلا وسائد، وأحلامهم لحظة هدوء والنجاة من ليالي القصف.

أطفال غزة، يا الله، لا يجدون كسرة خبز، وقد بعثرت الحرب أحلامهم، ودمرت بيوتهم، وقطعت أرجل الكثيرين، وبترت أيدي الكثيرين، وقضت الحرب على حياة الكثيرين، ولا تزال هذه المقتلة مستمرة، ومتواصلة ببشاعتها ودمويتها، فلا أضاحي تذبح في غزة إلا أرواح البشر، ولا تكبيرات تسمع إلا صيحات وصرخات الأمهات والأطفال ومن هم تحت الركام.

زر الذهاب إلى الأعلى