على بطوننا نحمل وطنًا

عيسى قراقع

أيها الأحرار في كل مكان،
من على تراب غزة المُحاصر، نرفع صوتنا لا لنستجدي عطفًا، بل لنُعلن أننا نجوع واقفين، لا راكعين.

في غزة، لا نُقاتل بالسلاح فقط.
هنا، الرغيف محاصر، الماء محاصر، وحتى الأوكسجين يخضع للتفتيش الإسرائيلي.

لكننا نقولها للعالم:
سنأكل الملح، ونشرب العز، ولن ننكسر.

لقد حاصرونا براً وبحراً وجواً،
قطعوا الكهرباء، وأغلقوا المعابر،
زرعوا الموت في قافلة الدواء،
وحاصروا الحليب في زجاجة الرضيع.

ظنّ العدو أن الجوع سيُركّعنا،
أن الأمعاء الخاوية ستحطم إرادتنا،
لكنهم لم يعرفوا غزة،
لم يعرفوا أن في كل بيت فيها أسيرًا يأكل الألم كأنه فطور الصباح، وشهيدًا انتظر دوره ولم ينكسر.

نحن لا نجوع لأننا ضعفاء،
نحن نجوع لأننا أقوياء أكثر مما يحتمل هذا العالم الظالم.
نجوع لأننا نُجيد القتال حتى بلُقمنا المسلوبة،
نحن نجوع ونموت ونحيا
لاننا نبحث عن وطن وحرية
وسنعلم اجيال الإبادة
صوت الانتفاضة في الشارع
وفي المسجد والكنيسة

ونُربّي أطفالنا على أن الكرامة لا تُشترى برغيف، بل تُنتزع بمقاومة.

أيها العالم الصامت،
لتشهد أن غزة تُذبح خبزًا بعد خبز، وجرعةً بعد جرعة،
لكننا لم نرفع راية بيضاء،
ولم نطلب الموت، بل نُحاربه بالجوع كما حاربناه بالدم.

أيها الأحرار،
قولوا للعالم إن في غزة طفلًا جائعًا، لكنه يحلم بالقدس لا بالخبز فقط،
قولوا لهم إننا على بطوننا نحمل وطنًا،
وإن أمعاءنا الخاوية أقوى من دباباتهم المشبعة بالبارود والذل.

فلتكن غزة اليوم مرآتنا جميعًا،
وإن متنا من الجوع، سنموت
شهداء لا ضحايا،
في غزة ابادة،لانار فيها بل فراغ
فراغ في الصحن،في الثلاجة،في القلب، في الموقف، وفي ضمير العالم
في غزة الجوع ليس نقصا في الطعام بل فائضا في القتل،لا لشيئ، سوى أننا فلسطينيون
لكننا ابها العالم، لن تستجدي شفقتكم
نحن شعب ياكل التراب إن لزم ولا ينحني
نحن شعب يجعل من الاعشاب حساء ومن الصبر راية
أيها الأحرار
قولوا للذين يملكون القرار ويغلقون أفواههم
في غزة الموت صار طقسا يوميا
لكننا سنموت جوعى ،لا مذلين
نعري جبين العالم الذي يتغنى بالإنسانية ،ولا ينطق بحرف واحد ضد مجاعة مفروضة بالسلاح والفاشية
قولوا لهم اننا هنا
نحاصرهم بصمودنا
ونحاصرهم بالعار
ونحاصر الحصار بالأمل
حتى اذا جعنا حتى الموت
كتبنا على قبورنا
نمنا بلا طعام لكننا اسيقظنا في ضمير الاحرار
وسنكتب على جدران مخيماتنا:

> “في حصار الجوع انتصرنا، لأننا اخترنا الموت أحرارًا لا عبيدًا”

زر الذهاب إلى الأعلى