“عقود شراء الخدمات”.. تنفيعات أم جلب خبرات؟!

د. إبراهيم البدور

التعيينات الحكومية كانت وما تزال مثار جدل واسع في الشارع الأردني؛ حيث توجد ثقافة راسخة عند الأردنيين أن العمل في الجهات الحكومية هو مصدر أمان وثبات، ومن هذا المنطلق يحدث تزاحم وتنافس شديد على التعيينات في القطاع العام.
كانت التعيينات في السابق في يد الوزراء يعينون كما يشاؤون وكيف ما يرون، لكن مع الزيادة السكانية وزيادة نسبة البطالة ومزاجية التعيين تم إنشاء ديوان الخدمة المدنية بحيث يتقدم جميع من ينافس على موقع حكومي ويحدث بينهم تفاضل من خلال عقد امتحانات ومقابلات ومن ثم يصار إلى التعيين، وبذلك تتحقق عدالة ولو نسبية بين المواطنين.
بعد مرور عدة سنوات على تفعيل نظام ديوان الخدمة المدنية حدث هناك انتقاد على نوعية المعينين؛ حيث يرى الناقدون أن أسس التعيينات في ديوان الخدمة جلبت أشخاصا ليسوا أكفياء وليس لديهم الخبرات التي تطور من أداء مؤسساتهم، ويستدلون بأنه تم تعيين أشخاص تخرجوا من سنوات عديدة وآخرين وصلت أعمارهم الأربعين وأكثر..
كان مخرج الحكومة للتغلب على هذه المعضلة هو التعيين بعقود شراء لا تخضع لأسس ديوان الخدمة، وذلك بالتعيين المباشر من قبل مجلس الوزراء، بحيث يقوم الوزير المعني بالتنسيب لمجلس الوزراء بتعيين شخص أو مجموعة أشخاص يرى أنهم أكفياء ولكن «دور» ديوان الخدمة لا يساعد في تعيينهم..
المشكلة تعمقت وأصبحت باب فساد إداري؛ حيث أصبح المسؤول
(وزيرا أو مدير هيئة أومؤسسة) يُضغط عليه من مسؤولين آخرين أو نواب أو أعيان أو حتى من عائلته لكي يقوم بتعيين أشخاص ليس لديهم خبرات أو أداء مميز، وأضحى هذا الأسلوب من التعيين مخرجا لأي مسؤول يريد تنفيع أعزاء عليه أو تربطه مصلحة مع أشخاص مؤثرين.
هناك انتقادات خرجت من – بعض – نواب وأعيان ومن مسؤولين سابقين ضد هذه التعيينات وهناك اتهام مباشر لوزراء ومديرين مؤسسات أنهم يقومون بهذا الشيء، وعند البحث حول هذه القضية تأكد وجود مثل هذا التعيينات، وعند الاطلاع على أسماء المعينين تتأكد نظرية ان هؤلاء محسوبين أما على مسؤولين أو على نواب/ أعيان أو حتى عائليا من أقرباء المسؤول..!!
وعند البحث عن من ينتقد؛ ترى أن هؤلاء طالبوا بأن يُعين لهم أقرباء بنفس الأسلوب وتحت نفس المسمى (عقود شراء) لكن المسؤول لم يستجب لهم ولم يعين لهم..!!!
بذلك نرى أننا أمام مصالح تتراشق بين مسؤول يعين حسب الرغبة وبين منتقد هدفه تعيين محسوبين عليه.
كل ذلك يحدث وهناك كلام يتسرب عن مخرجات لجنة التطوير الإداري التي أوصت بإلغاء ديوان الخدمة المدنية وإعادة التعيين بيد الوزراء بشكل مباشر، وإذا ما حدث ذلك سنكون أمام مشهد أسوأ من مخرجات ديوان الخدمة، حيث من له «واسطة» سيتعين ومن ليس لديه معارف أو توصيه من مسؤول لن يعين وسنعود إلى نظام الأقوى والمؤثر يحصل على وظيفة وغيرهم لا عزاء لهم.!!!
المطلوب؛ تعديل على أسس التعيين وتطوير أسلوب اختيار المعينين، مع عدم إلغاء ديوان الخدمة والذي يعتبره -كثيرون – هو “امتحان التوجيهي” أكثر شيء يحقق العدالة بين أبن المسؤول وبين ابن المواطن العادي.
كذلك عدم تعيين أي شخص بنظام عقود الشراء إلا تحت ظرف قاهر وتحت ضغط خبرة غير متوفرة، وبيان أسباب هذا التعيين للمواطنين الذي يبحثون عن أنصاف فرص للتعيين خصوصا مع زيادة نسبة البطالة، وبذلك نخفف من أزمة الثقة التي تزداد اتساعا مع كل تعيين غير عادل. الغد

زر الذهاب إلى الأعلى