ضرورة التحوط في الموازنة المقبلة ووضع سيناريوهات مختلفة

بقلم: الدكتور محمد أبو حمور
وفقاً للنصوص الدستورية يتوجب على الحكومة أن تقدم موازنة العام القادم لمجلس الامة قبل الأول من شهر كانون أول القادم، وكما هو واضح فالمنطقة تمر حالياً بظروف صعبة ومعقدة نتيجة للعدوان على قطاع غزة هذا بالإضافة الى ان الأردن يقوم في الوقت الراهنة بإجراء مباحثات مع صندوق النقد الدولي في اطار المراجعة السابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
كما يتم أيضاً بحث بعض المعطيات المتعلقة بتبني برنامج اصلاح جديد لدى انتهاء البرنامج الحالي في ربيع العام القادم، ولا شك بان الاحداث التي تشهدها المنطقة سوف تؤثر على الاقتصاد الأردني وخاصة فيما يتعلق بقطاع السياحة وتدفق الاستثمارات وعلى بعض الجوانب المتعلقة بالتجارة الخارجية وعلى الطلب الكلي محلياً.
أما على صعيد الموازنة العامة فمن المتوقع أن تتأثر الإيرادات العامة بفعل تراجع الطلب والصعوبات التي قد تشهدها بعض القطاعات الاقتصادية، ومن جانب اخر فقد تبرز الحاجة لنفقات إضافية خاصة ما يتعلق بدعم الأجهزة الأمنية والعسكرية، وكذلك ما قد تستدعيه التطورات من مساعدة القطاعات الاقتصادية المتضررة، هذا عدا عن ضرورات تعزيز المخزون الاستراتيجي من المواد الغذائية والنفط، وقد تبرز الحاجة أيضاً الى زيادة الدعم المقدم لشبكة الأمان الاجتماعي خاصة اذا ارتفع التضخم أو تأثرت أوضاع العاملين في بعض القطاعات الاقتصادية.
ومن المهم في الظروف الحالية أن ندرك بان مواجهة التحديات الاقتصادية لا يقل أهمية عن مواجهة التحديات الأمنية خاصة وأننا في الأردن الدولة الأقرب والدولة الجارة واللصيقة بالمناطق الفلسطينية مما يعني أن الأثر المترتب علينا سيكون واضحاً، لذلك من المهم أن تراعي موازنة العام القادم الاستمرار في تنفيذ مشاريع وبرامج رؤية التحديث الاقتصادي وتوجيه الانفاق نحو الأولويات وخاصة تلك التي تعمل على تحسين ظروف معيشة المواطنين وتقديم الخدمات الملائمة لهم، والاهتمام بتنفيذ مشاريع تنموية بالشراكة مع القطاع الخاص وتلك التي أدرجت في مذكرة التفاهم مع دولة الامارات العربية الشقيقة، كما لا بد من التفكير بكيفيه تعويض ما قد يحصل من تراجع في الإيرادات.
ولا شك بان الأثر المتوقع للحرب على غزة يعتمد الى حد كبير على التطورات المستقبلية والمدة التي قد تستغرقها وامكانيات امتدادها، الا انه وفي كل الأحوال لا يبدو أن هناك حاجة لموازنة طوارئ، وفي حال برزت الحاجة لإنفاق إضافي هناك دائماً حلول متوفرة من خلال المناقلات والنفقات الطارئة أو اصدار ملحق موازنة وكما تنص عليه التشريعات ذات العلاقة.
وفي ظل الظروف الحالية لا بد أن نعيد التذكير بان الاقتصاد الأردني لديه الكثير من نقاط القوة التي تتيح له التأقلم والتكيف مع مختلف المصاعب والتحديات، والتجارب السابقة أثبتت أن الدولة الأردنية قادرة على التعاطي مع مختلف الظروف الطارئة بكفاءة وفعالية