رؤية التحديث الاقتصادي.. من بناء القواعد الى الآثار الملموسة

بقلم: الدكتور محمد أبو حمور*

خلال بضعة أشهر سوف يتم بدء العمل في مشاريع وبرامج المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي، التي سوف تستمد زخمها من نتائج أعمال ورش العمل التي عقدت في الديوان الملكي الهاشمي واستكملت بورش العمل القطاعية.

ومن المتوقع أن يكون قد تم تقييم واعادة مراجعة نتائج البرنامج التفيذي للمرحلة الاولى واستخلاص النتائج والعبر وتقديم التوصيات المناسبة وبناء السيناريوهات التي تركز على المبادرات ذات الأثر الفعلي المواكبة للمستجدات والتي سيلمس المواطنون نتائجها في مختلف جوانب حياتهم اليومية.

وفي هذا السياق يبرز موضوع توليد فرص العمل باعتباره من أهم مستهدفات الرؤية التي تنعكس بشكل مباشر على تحسين حياة المواطنين وتتعامل مع تحد رئيسي وهو نسبة البطالة المرتفعة.

توليد فرص العمل ضرورة اقتصادية واجتماعية، فهو احدى الأدوات التي تساهم بشكل فاعل في تخفيف حدة الفقر وتحسين مستوى معيشة المواطن وتقلص الحاجة الى التوسع في برامج الحماية الاجتماعية مما يعني تخفيف أعباء المالية العامة ناهيك عن ما يدفعه الشخص المنتج من ضرائب ورسوم.

وفي نفس الوقت يعزز الانتماء والاستقرار الاجتماعي، كما أن استحداث وتوليد فرص العمل يساعد في الاستفادة من الطاقات والامكانات المتوفرة في المجتمع، وعندما يتاح للمواطن الاستفادة من امكانياته وطاقاته في ميدان العمل والبناء فذلك يشكل حافزاً للابتكار وتحسين الكفاءة والانتاجية.

ورغم أن الحديث ما يدور عادة حول ضرورة زيادة نسبة النمو لتوليد فرص العمل، الا أن العلاقة الجدلية تؤكد أيضاً بان فرص العمل المستحدثة تساهم في رفع نسبة النمو الاقتصادي عبر رفع الطلب المحلي على السلع والخدمات، وباختصار فتوليد فرص العمل يحظى بأهمية استثنائية اقتصادية واجتماعية ولا بد أن يولى أهمية خاصة لدى صياغة السياسات الاقتصادية والاستثمارية.

نلمس في هذه الأيام أثر الثورة الرقمية والتطور التكنولوجي والابتكار على التغيرات التي يشهدها سوق العمل وهذا يحتم ضرورة أن تتميز البرامج والسياسات والاجراءات المستقبلية الهادفة الى توليد فرص العمل بالديناميكية والقدرة على التكيف مع المتغيرات ومجابهة التحديات مع التركيز على فرص العمل المستدامة وتبني برامج مناسبة في ميدان التعليم والتدريب وتنمية المهارات بما يواكب مختلف المستجدات.

توليد مزيد من فرص العمل المستدامة في اطار المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي مهمة وطنية تستدعي تضافر كافة الجهود وبناء تعاون فعال بين مختلف أطياف ومؤسسات المجتمع الحكومية منها والخاصة.

والقطاع الخاص يمثل المحور الأساس في هذه الجهود، لذلك لا بد من تأمين المقومات الاساسية التي تساعده على التطور والتوسع والازدهار ومعالجة كافة المعيقات والتحديات الحالية أو المستقبلية عبر سياسات وبرامج فعالة وكفؤة تساعد على جذب وتحفيز الاستثمارات والمضي قدماً في تنفيذ الاصلاحات وتبسيط الاجراءات التنظيمية وتقديم حوافز مرتبطة بتوليد فرص العمل وتسهيل الوصول الى التمويل وتنمية المهارات وتشجيع الريادة ورعايتها وتحفيز الشركات الصغيرة والمبادرات المجتمعية والشبابية، وغيرها من الاجراءات والسياسات التي تدرك أن توفير فرص العمل المستدامة ضمانة للاستقرار المجتمعي والازدهار الاقتصادي.

*وزير المالية الأسبق

زر الذهاب إلى الأعلى