حلقة نقاشية في شومان تناقش “النصوص الأدبية في المناهج”

ناقشت حلقة نقاشية نظمها المنتدى الثقافي في مؤسسة عبد الحميد شومان، اليوم السبت، موضوع “النصوص الأدبية في المناهج”، بمشاركة نخبة من الأدباء والمفكرين والأكاديميين.

وهدفت الحلقة النقاشية التي أدارها الدكتور غسان إسماعيل، إلى التعرف على طبيعة النصوص الأدبية في المناهج الأردنية، ومساحة الأدب المحلي والعربي والعالمي فيها، وآليات اختيارها، ومدى وضوح التصور والتطبيق لوظيفة تلك النصوص، والخروج بفهم أعمق حول كيفية تعزيز دور الأدب في تعليم أبنائنا، وتقديم توصيات عملية لتحسين النصوص الأدبية في المناهج.

الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية، أشارت في كلمة افتتحت بها أعمال الحلقة النقاشية، إلى أن “النصوص الأدبية في المناهج”، لا تقتصر وظيفتها على الجانب الجمالي فحسب، بل تتعداه إلى العديد من الجوانب التي تسهم في نماء الطلبة، ولعل أهمها المهارات اللغوية، ومهارات التذوق، والقيم التربوية التي تتضمنها النصوص، إضافة إلى مهارات متقدمة كالمهارات التحليلية التي يمكن إدراكها من خلال تحليل النص وتفكيكه، والتعرف على الأفكار والمعنى العام للنص والعاطفة والخيال والبناء والخصائص الفنية، كما لا ننسى المهارات النقدية التي يكتسبها الطلبة، من خلال التمييز بين الأجناس والأساليب، ونقد بنية النص نفسه، ما يمنح مهارة التفكير الناقد الضرورية في مجمل نواحي الحياة.

وقالت، إن مخططي السياسات التعليمية، يضعون أهدافا لكل محتوى تعليمي، ولعل تنوع أهداف تدريس الأدب ونصوصه يمنح هذا الجانب أهمية كبيرة، خصوصا أنها تتنوع بين اللغوية والتعليمية والثقافية، ما يجعلها مؤثرة في الإدراك والانفعال والسلوك، إضافة إلى دورها في تنمية اللغة وتحسين أدوات التعبير والتواصل، وتعميق الفهم بالتنوع البشري، وأيضا في بناء التعاطف الإنساني، مشيرة إلى أن ذلك كله سيكون رهنا بمدى ملاءمة النصوص المختارة لهذه الأهداف، وأيضا بمدى ملاءمتها للفئات العمرية التي استهدفتها.

وتحدث في الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان، (المناهج التعليمية في الأردن)، الدكتور اكرم البشير، الذي أشار في ورقته المعنونة ” منهاج اللغة العربية  المطور “العربية لغتي”/ المركز الوطني لتطوير المناهج: رؤية جديدة في تعليم مهارات اللغة العربية وتعلّمها، إلى أنه لم تعد مهارات القرن الحادي والعشرين تسمح باعتبار محتوى المقرر الدراسي معلومات تقدّم للطلبة، أو دروسًا أعدّت للقراءة السطحية ويتم تناولها بأسلوب تقليدي؛ إنما جاءت لإعدادهم إعدادًا يساعدهم في مواكبة التطورات المتلاحقة والتغيرات المتسارعة، وتؤهلهم للتفاعل معها أمام التحديات التي فرضتها العولمة.

الدكتور راشد عيسى قال في ورقته التي جاءت بعنوان، ” فاعلية الأدب الأردني في المناهج المدرسية حتى عام 2000″، إنه ثبت للمجتمعات البشرية أن الأدب بجميع أصنافه؛ مكوّن حضاري كبير ورئيس في تطور العقل والقلب معًا نحو حياة فضلى، ذلك لأن الأدب هو المعبّر الأول عن شبكة المشاعر الإنسانية واتجاهاتها الذاتية والعامة.

وأضاف، أن النص الأدبي ينطوي على منظومة من الفاعليات القصدية والتلقائية في تنمية الشخصية، ولا سيّما عند الناشئة. لذلك تلجأ وزارات التربية والتعليم إلى تقديم الأدب في المناهج المدرسية بجرعات متفاوتة بحسب مستوى الفئة المستهدفة من عمر ست سنوات حتى الثامنة عشرة. فالمدرسة هي الحاضنة الأهم والأنجح في تعليم الناشئة فن الحياة من خلال النصوص الأدبية المتنوعة الملائمة لكل مستوى.

من جانبه قال الدكتور ناصر شبانه في نصه الذي جاء بعنوان” اتجاهات الأدب في المناهج الدراسية المطورة”، إن الوعي بأهمية الأدب هو الكفيل بجعل منهاج اللغة العربية لسائر الصفوف؛ يحفل بالعديد من النصوص الأدبية المنوعة والمتوازنة، ولعل المنهاج المطور الذي انتهى فريق التأليف من إنجازه للصفوف الأول والرابع والسابع والأول الثانوي قد حسنَ منهاجًا حين اعتمد المنهج الجمالي في عملية التأليف، كما يظهر من الإطار العام الذي وضعه المركز الوطني للمناهج قبيل انطلاق عملية التأليف.

الدكتورة خلود العموش أكدت في ورقتها التي عنونتها بـ “معايير اختيار النصوص الأدبية في الكتاب المدرسي”، أن دروس الأدب تمثل فرصة مواتية لانطلاق الطلاب في عوالم افتراضية خيالية غير تلك العوالم التي يختبرها الفرد في واقعه الحي، وللتحرر من أثقال الدراسة العقلية وقوانينها، وفيها استرواح للعقول في حرم الجمال الآسر، فضلا عما لها من دور في تهذيب النفس وتحسين الذوق، وإرهاف الإحساس بما تحمله نصوص الأدب من قيم إنسانية، وصيغ جمالية.

واختتمت الجلسة الأولى بورقة قدمتها الدكتور رزان إبراهيم وجاءت بعنوان ” النصوص الأدبية في المناهج الدراسية”، أكدت فيها أن النصوص الأدبية تعد أداة مهمة من أدوات تطوير الكفاءة الاجتماعية والفكرية ذات القيمة، كما إن من شأنها تهذيب المواقف والسلوكيات التي نتطلع إليها في جيل المستقبل، مشيرة إلى أهمية مدرس النصوص الأدبية في مؤسساتنا التعليمية، والذي سيكون العامل الأهم في إيصال الكفايات المرجوة من النصوص الأدبية، فقبل أن يعلم المدرس تلامذته، عليه أن يفهم أولئك الذين يعلمهم، ولماذا عليه أن يعلمهم، أما ذلك المدرس الذي لا يعرف ماذا يدرس على نحو دقيق، ولماذا وكيف يقوم بالتدريس، فإنه سيلحق الضرر الأكيد بالعملية التدريسية.

وفي الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان (المناهج والقيم)، تحدثت الدكتورة أسيل الشوارب في ورقة حملت عنوان ” علوم القراءة: رؤية حول نصوص القراءة المبكرة”، أشارت فيها إلى أن علوم القراءة تستند على مجال متعدد التخصصات يجمع بين علم النفس وعلم الأعصاب والتعليم وعلم اللغويات لفهم كيفية تعلم القراءة وتطوير مهارات القراءة الفعّالة، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأبحاث والنظريات التي ساهمت في تكوين فهم شامل لكيفية تعلم القراءة.

وقالت إن علوم القراءة تشكل قاعدة أساسية لفهم كيفية تعلم القراءة وأسباب صعوباتها، وذلك من خلال تبني استراتيجيات تعليمية مستندة إلى الأدلة العلمية وتقديم دعم متكامل للطلاب، مؤكدة ان التعليم القائم على علوم القراءة، يعد خطوة نحو تحقيق تعليم شامل وعادل لجميع الطلاب، يسهم في بناء جيل قادر على القراءة والتفكير النقدي والمشاركة الفعالة في المجتمع وبناء المستقبل.

وأشارت الدكتور غدير الحطبة في ورقة بعنوان ” الأثر المستدام لتعليم النصوص في المناهج فهم الإنسان للحياة تأصيل الحوية وخطوة تمهيدية للتغيير”، إلى أن التأثير المستدام لتدريس النصوص الأدبية في المناهج الدراسية متعدد الأوجه، ويشمل تعزيز الفهم الإنساني، وإنشاء الهوية، وتعزيز التغيير الاجتماعي، منوهة إلى أن الأدب يبقى جزءًا لا غنى عنه من التعليم.

من جانبها أكدت الدكتورة صبحة علقم في ورقتها بعنوان ” إشكالية النصوص المسرحية في المناهج المدرسية”، ضرورة توظيف النصوص المسرحية في مناهجنا المدرسية، وتدعيم الفرق التي تشتغل في مجال التأليف والتعليم بالثقافة المسرحية، وتحييد رؤيتها لهذا الفن الذي حورب منذ نشأته لأسباب سياسية واجتماعية ودينية، مشيرة إلى أنه آن الآوان لاستثمار هذه لنصوص للرقي بذائقة طلبتنا ومعرفتهم.

الدكتور أحمد خليفة في ورقته بعنوان ” الموازنة بين النصوص التراثية والحديثة”، بين “أننا نجد احتفاء كبيرا بالسرديات الحديثة على وجه الخصوص، واهتماما بالنثر: قديمة، وحديثه عامة؛ وهو احتفاء غير مستغرب، بالنظر إلى تقبل الطلبة النص النثري أكثر من جهة لاعتبارات مؤلمة تكون خارجة عن الأدبية والجمالية والتأثير، منكفئة على أن النص النثري أيسر وأقرب وأقل عمقا، وأقل احتياجا أن نمتلك أدوات غير الفهم والاستيعاب لنصل إليه”.

الجلسة الثالثة التي جاءت بعنوان (ملاحظات في الميدان)، بين الدكتور عبدالله عمايرة في ورقته بعنوان ” توظيف النصوص الأدبية في المناهج المدرسية الأردنية”، أن عملية بناء المناهج المدرسية من العمليات الحيوية في النظام التعليمي، موضحا أنها تشكل الأساس الذي يبني عليه الطالب معرفته ومهاراته وقيمه. وأشار إلى أن جودة التعليم تعتمد إلى حد كبير على مدى كفاءة وفعالية المناهج الدراسية، ولذا فإن بناء المناهج في ضوء المعايير المعترف بها يكتسب أهمية خاصة.

الدكتور محمود الزعبي، أشار في ورقة قدمها بعنوان “ملاحظات ميدانية في توظيف الأدب في مناهج اللغة العربية”، أهم الصعوبات والعوائق التي تواجه دراسة وتدريس الأدب في المدرسة، والتي تتمثل في صعوبات تتعلق بالمعلم، وأخرى تتعلق بالمتعلم، وأيضا بالمحتوى، كذلك صعوبات ترتبط بطريقة التدريس، ومعيقات ترتبط بطبيعة الأدب والنصوص الأدبية وعدم الاتصال بالتيارات الحديثة، ضعف الإمكانات وسوء استخدام الإمكانات المتاحة.

وفي ورقة بعنوان ” مقارنة بين المنهاجين القديم والمطور للغة العربية- الصف السابع أنموذجا” قدمتها الدكتورة سحر عواد، بينت فيها أن منهاج اللغة العربية القديم للصف السابع حقق مبدأ الشمولية والتكاملية في رسم منهجيته، وقد اشتمل الكتاب على مهارات اللغة العربية المتعددة، كما أن محتوى كتاب (العربية لغتي): كتاب الطالب للصف السابع، فأنه يمكننا ملاحظة التدرج في تقديم المهارات في مختلف المحاور اللغوية، والتركيز فيه على دور المتعلم الذي ينخرط فيها حتى يحقق أعلى ما تمكنه قدراته، وإتاحة الفرصة لهم للتعلم الذاتي، كما راعى ميول المتعلم واهتماماته كيافع في القرن الواحد والعشرين، الذي يروق له استخدام الرمز الإلكتروني بفضول ما يحتويه، ويجد مادة مرئية أو مسموعة تجذب انتباهه وتحفزه لانتظار الرمز القادم.

الورقة الأخيرة التي جاءت بعنوان ” تأملات في توظيف النص الأدبي الأردني في مناهج اللغة العربية: قراءة تحليلية” وقدمتها الدكتورة إكرام العطاري، أكدت على إن الساحة الأدبية الأردنية ساحة خصبة، فيها أقلام مبدعة في مختلف أشكال الأدب، والعمل الجاد على إرفاد مناهج اللغة العربية بنصوص أدبية أردنية يسهم بتعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية نحو الأدب الأردني الذي وصل إلى العالمية عبر إنجازات مميزة لبعض الأدباء المبدعين، ويعمل على تعميق علاقة الطلبة بالمبدعين الأردنيين عبر التعريف بهم ورفد الكتب المدرسية بأهم أعمالهم الأدبية، ويعزز من انتمائهم لوطنهم.

زر الذهاب إلى الأعلى